بعد سنتين على لقائهما الدراماتيكي على ملعب"اتاتورك"في مدينة اسطنبول التركية، يلتقي ميلان الايطالي وليفربول الانكليزي مجدداً اليوم الأربعاء على ملعب أثينا الاولمبي للتنافس على إحراز مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. وسيبقى نهائي عام 2005 عالقاً في الأذهان لفترة طويلة لما تضمنه من تشويق وإثارة وحبس نفس حتى الثواني الأخيرة. وتقدم ميلان في تلك المباراة المشهودة بثلاثة أهداف نظيفة في نهاية الشوط الأول ليقطع خطوة عملاقة نحو إحراز لقبه السادس، لكن الروح القتالية لليفربول والتي يجسدها قائده الشجاع ستيفن جيرارد كان لها رأي آخر، ونجح الأخير وزملاؤه في رد الصاع صاعين بتسجيلهم ثلاثة أهداف في مدى ست دقائق مجنونة ليدركوا التعادل ويفرضوا التمديد. وبقيت النتيجة على حالها ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت لليفربول، في مباراة كان نجمها حارس مرماه البولندي جيرزي دوديك الذي تصدى لمحاولتين لميلان، بعد أن تألق في الوقت الإضافي في إبعاد كرتين خطرتين للهداف الأوكراني اندريه شيفتشينكو. ولا شك أن الخسارة ما زالت تحمل طعم المرارة في حلق لاعبي ميلان الذين أعربوا عن تصميمهم لمحو هذا الكابوس إلى الأبد، وإحراز اللقب السابع ليقترب من الرقم القياسي المسجل باسم ريال مدريد الاسباني 9 ألقاب. ويؤكد مدرب ميلان كارلو انشيلوتي الذي نجح في قيادة فريقه إلى المباراة النهائية للمرة الثالثة في الأعوام الأربعة الماضية أن نهائي المسابقة قبل موسمين لن يكون له أي تأثير في مباراة الغد وقال:"ما حصل قبل سنتين لن يكون له أي تأثير في لاعبي ميلان، إنها مباراة مختلفة كلياً". ويخوض النهائي سبعة من أفراد ميلان الذي خسروا تلك المباراة الشهيرة، ويريدون تضميد هذا الجرح من خلال إحراز اللقب. يقول باولو مالديني قائد ميلان الذي سيخوض النهائي الثامن له في حال شفي من الإصابة ويسعى إلى إحراز لقبه الخامس في المسابقة:"ما زالت الخسارة أمام ليفربول قبل سنتين مؤلمة، لكن ليفربول يدرك تماماً أنه لن يستطيع تكرار السيناريو هذه المرة". وأضاف:"نملك فرصة كبيرة لكي ندون صفحة مجيدة من تاريخنا الأوروبي من خلال رفع الكأس". ونجح ميلان في بلوغ النهائي بعد أن ركز جهوده على هذه المسابقة بالذات، لأن أمله كان ضئيلاً جداً في إحراز اللقب المحلي، خصوصاً بعد أن عاقبه الاتحاد الايطالي بحسم ثماني نقاط من رصيده، حتى انه كان مهدداً بعدم المشاركة في مسابقة دوري أبطال أوروبا، لأن الاتحاد الايطالي كان حسم من رصيده 30 نقطة في بداية الأمر، ما يجعله خارج المراكز الأوروبية، لكن النادي الايطالي استأنف القرار ونجح في تقليص العقوبة إلى 8 نقاط فقط. ويقود ميلان صانع ألعابه البرازيلي المتألق كاكا هداف المسابقة برصيد 10 أهداف، والذي سجل ثلاثة رائعة في مرمى مانشستر يونايتد في نصف النهائي هدفان ذهاباً وهدف إياباً. ويقول كاكا:"أريد أن أدون اسمي بأحرف ذهبية في تاريخ نادي ميلان". وأضاف:"كان هدفي منذ قدومي إلى ميلان أن يتذكرني جمهور ميلان إلى جانب العظماء الذين مروا في سماء هذا النادي وجعلوه عريقاً". وتابع:"بلغنا المباراة النهائية للمرة الثالثة في المواسم الأربعة الماضية، ونحن على بعد خطوة من إحراز اللقب، ونأمل أن يكون الأمر مختلفاً عما كان عليه عام 2005". ويدرك كاكا انه في حال نجح في قيادة فريقه إلى اللقب السابع فإنه سيسجل نقاطاً إضافية نحو إحرازه الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة"فرانس فوتبول"الفرنسية المتخصصة في كرة القدم لأفضل لاعب في البطولات الأوروبية المحلية. ومن المتوقع أن يشرك مدرب ميلان كارلو انشيلوتي المهاجم المخضرم فيليبو اينزاغي أساسياً على حساب الشاب الصاعد البرتو جيلاردينو، نظراً إلى الخبرة الأكبر التي يتمتع فيها الأول في المسابقات الأوروبية، إذ يعتبر من أفضل الهدافين فيها. ويؤكد لاعب وسط ميلان الهولندي كلارنس سيدورف الوحيد الفائز بهذه المسابقة مع ثلاثة فرق مختلفة، هي اياكس امستردام عام 1995 وريال مدريد الاسباني عام 1998 وفريقه الحالي ميلان عام 2003، أن فريقه متعطش للفوز بلقب المسابقة لينهي الموسم بطريقة رائعة وقال:"لم يكن هذا الموسم سهلاً على الإطلاق بالنسبة إلينا، نظراً إلى الظروف القاسية التي رافقت البداية"، في إشارة إلى العقوبة لاتي لحقت به جراء تورط مسؤوليه بقضية رشوة حكام. وأضاف:"من واجبنا الفوز بالكأس لننهي الموسم بطريقة رائعة". في المقابل، يريد ليفربول أن يكرر ما يحلو لأنصاره تسميته بپ"معجزة اسطنبول"، ليحرز لقبه السادس في المسابقة التي توج بطلاً لها أعوام 1977 و1978 و1981 و1984 و2005. ويقيناً لو أن ليفربول لم يبعد عن المسابقات الأوروبية لمدة ست سنوات بسبب أحداث مجزرة هيسل في نهائي عام 1985، وغيابه عن هذه المسابقة بعد ذلك لفترة 17 عاماً، لربما نجح في معادلة الرقم القياسي لريال مدريد، لأن العقوبة جاءت في وقت كان الفريق"الأحمر"يتمتع فيها بأحد أفضل الفرق في تلك الفترة، عندما كان يضم الهداف ايان راش والجناح المتألق جون بارنز وصانع الألعاب بيتر بيردزلي، إضافة إلى المدافع الأنيق الن هانسن. وحاول مدرب ليفربول الاسباني المحنك رافايل بينيتز أن يشحذ همة فريقه نحو لقب انجاز جديد، عندما توجه إلى لاعبيه بالقول:"إذا نجحنا في الفوز فإن الجميع سيذكر هذا الانجاز لمئات السنين". وأضاف:"قبل ستة أسابيع كنا مرشحين لإحراز اللقب، لكن بعد العرض الرائع الذي قدمه ميلان في مواجهة مانشستر فإن الكفة مالت إلى جانبه". وكشف:"على أي حال، فنحن نستعد للمباراة بالطريقة ذاتها، فميلان فريق جيد وليفربول فريق جيد أيضاً". وتابع:"سيكون التغلب على ميلان أصعب هذه المرة، لأن لاعبيه اكتسبوا خبرة إضافية من خلال فوز عدد لا بأس بهم بكأس العالم، وسيستخدمون هذه الخبرة في مصلحتهم، لكن فريقي أصبح أكثر خبرة أيضاً الآن منه قبل سنتين، وبالتالي فإن الفريقين يخوضان المباراة في وضعية مشابهة". ولا شك أن بينيتيز سيعهد مراقبة كاكا اخطر لاعب في ميلان إلى ثنائي الوسط الارجنتيني خافيير ماسكيرانو والاسباني خابي الونسو. ويعول بينيتيز كثيراً على قائده ستيف جيرارد رمز ليفربول الذي يتمتع بخصال قيادية قل مثيلها عند نظرائه في الملاعب الأوروبية. ويؤكد جيرارد"انه انجاز كبير أن نبلغ المباراة النهائية مرتين في الأعوام الثلاثة الماضية، لكننا كلاعبين لا نريد العودة من أثينا خاليي الوفاض". وكشف:"الفوز باللقب مرة واحدة كان رائعاً، وأعتقد أن الظفر به مرة ثانية سيكون أمراً استثنائياً".