بعد اربعة اعوام على سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، يغرق العراق في دوامة من العنف المدمر الذي اوقع عشرات آلاف القتلى ما اصبح يهدد توازن المنطقة. واصبح العراقيون، الذين هتفوا عند اسقاط تمثال صدام حسين، يهتفون"ليسقط بوش". وفي التاسع من نيسان ابريل 2003، دخلت الدبابات الاميركية بغداد. والقت قوات المارينز الطوق على عنق تمثال صدام حسين البرونزي في ساحة الفردوس وانتزعته من مكانه. وبعد اربعة اعوام، اعدم الرئيس السابق وثلاثة من كبار معاونيه وحوكم ستة آخرون بجرائم حرب وإبادة لكن العراق غرق في الفوضى. وفي بغداد، احتفل الكثير من السكان بإسقاط التمثال وسط صيحات التهليل والابتهاج والتأييد للرئيس الاميركي جورج بوش. اما اليوم فقد حل محل كل ذلك هتافات"ليسقط بوش". من جهة اخرى، اختارت الحركة الشيعية المتشددة بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر يوم الاحتفال بذكرى سقوط نظام صدام حسين لتنظيم تظاهرة حاشدة ضد الاميركيين. وفي نهاية آذار مارس، سمح الرئيس العراقي جلال طالباني لنفسه بانتقاد الاحتلال من دون ان يذكر الاميركيين. وقال طالباني، في خطاب خلال القمة العربية في الرياض، ان تحرير العراق من جانب القوات الاميركية تحول"الى احتلال"مع"نتائج وخيمة"على البلاد. واضاف، في الجلسة الختامية للقمة،"تكفي الاشارة الى قرار تحويل العراق الى احتلال وما اقترن بذلك من رسائل ودلالات سلبية ونتائج وخيمة على الصعيد الداخلي". واعتبر ان كل ذلك"جاء على خلاف ما كانت تخطط له الاحزاب والقوى الوطنية العراقية". واضاف طالباني ان"ذلك ينطبق في المستوى نفسه على عدد من القرارات والتدابير التي تسرعت الادارة المدنية للاحتلال في اتخاذها من دون فهم وجهة نظر العراقيين والعواقب التي نجمت عن ذلك على مجمل العملية السياسية". وهي المرة الاولى التي يستخدم فيها الرئيس العراقي كلمة"احتلال"ليصف فيها الوجود العسكري الاميركي في بلاده. واليوم يتفق بعض المسؤولين الاميركيين على ان احد الاخطاء الرئيسية كان تفكيك الجيش والادارة"البعثية"الذي ادى الى تحويل الاف العسكريين والموظفين الى اعداء بين ليلة وضحاها. وما بدأ كحركة تمرد سنية مناهضة للاميركيين تدعمها مجموعات مسلحة مثل تنظيم"القاعدة"اصبح حرباً اهلية بعد الاعتداء على ضريح شيعي في 22 شباط فبراير 2006. والاعتداء الذي وقع في مدينة سامراء السنية شمال لم يوقع ضحايا لكنه كان العنصر الذي فجر عمليات قتل بين شيعة وسنة ادت الى مقتل اكثر من ثلاثين الف شخص في 2006. وفي محاولة اخيرة لوأد الفتنة واعمال العنف، انتشر ثمانون ألف جندي عراقي واميركي في وسط بغداد ومحيطها منذ 14 شباط فبراير. وبحسب الولاياتالمتحدة والحكومة العراقية، بدأت تظهر النتائج الاولى الايجابية لهذه الخطة الامنية ل"فرض الامن"، لكن العمليات الدامية الواسعة النطاق لا تزال مستمرة. ومن الصعب تقدير عدد القتلى الاجمالي. وبحسب موقع على الانترنت، فإن حوال 60674 مدنياً قتلوا منذ 2003 و3263 جندياً اميركياً على الاقل و140 بريطانياً و124 عنصرا من التحالف. وفر حوالي مليوني عراقي من البلاد و1.8 مليون نزحوا داخل بلادهم بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة. ويعيش ثلث السكان دون عتبة الفقر. ولم يعد العراق اليوم مجرد فوضى وحسب بالنسبة الى سكانه لكن النزاع قد يتحول الى ازمة اقليمية بين الدول العربية التي تحاول تقديم المساعدة لفئات عراقية وبين ايران التي تتهمها واشنطن بتسليح الميليشيات الشيعية. واعتبر جوست هيلترمان مدير الشرق الاوسط في مجموعة الازمات الدولية ان"التحدي الحقيقي اليوم هو استيعاب العنف الطائفي في العراق اكثر منه وقفه".