أوضح نائب الرئيس للتسويق وتخطيط الإمداد في شركة "أرامكو السعودية" إبراهيم المشاري، أن مسألة أمن الطاقة موضع خلاف بين الدول المنتجة والدول المستهلكة، مشيراً إلى ان في الوقت الذي ارتقت الدول المنتجة للطاقة إلى مستوى التحدي بزيادة أعمال التنقيب، وتحسين قدراتها في مجال استخلاص النفط،"اختارت الدول المستهلكة اللجوء الى الإجراءات المفرطة في التبسيط، التي تصبح في النهاية غير فاعلة عندما يتعلق الأمر بالطاقة". وضرب مثالاً على ذلك الاحتياط الاستراتيجي النفطي في الولاياتالمتحدة، وفشله في تخفيف آثار إعصار كاترينا بسبب محدودية طاقة التكرير. وأشار الى أن الاحتياطات الاستراتيجية لن تفلح في التخفيف من آثار ارتفاع أسعار النفط، إذا استخدمت من طرف واحد. فلكي تنجح عملية طرح كمية من النفط من احتياط الولاياتالمتحدة الاستراتيجي في خفض الأسعار، لا بد أيضاً من أن تطرح الدول الأوروبية والآسيوية جزءاً من احتياطاتها النفطية الاستراتيجية بطريقة منسقة عن كثب،"وهكذا تسقط مرة أخرى الاستراتيجيات المفرطة في التبسيط ضحية للحقائق المعقدة لأسواق النفط والنظام الاقتصادي العالمي في وقتنا الحاضر". وقال في"مؤتمر الشرق الأوسط للبترول والغاز"، الذي بدأ أعماله أول من أمس في دبي ويستمر أربعة أيام، تحت عنوان"البترول والغاز في الشرق الأوسط، أمن التوفير والطلب: استراتيجيات شراكة المكاسب المتبادلة"، أن"أمن الطاقة مسألة مثيرة للجدال، ومفهوم مختلف عليه"، متسائلاً عن ماهية هذا المفهوم؟ وأشار إلى ان الدول المستهلكة ترى أن"أمن الطاقة يعني ضمان الإمدادات، فيما تعرفه الدول المنتجة بأنه وجود مصدرٍ موثوقٍ للطاقة مقرون باستقرار في الأسعار، وكلاهما يحاول تحصين نفسه من التقلبات في أسواق النفط العالمية". وذكر عوامل مؤثرة في أمن الطاقة، إضافة إلى المصادر والأسعار، منها الاقتصادية والجيوسياسية والقرارات السياسية، بل حتى الطقس، مشدداً على وجوب أخذها في الاعتبار، إضافة إلى معرفة من تقع عليه مسؤولية أمن الطاقة. وأوضح المشاري أن على رغم الطبيعة الحساسة والجوانب المعقدة لمسألة أمن الطاقة، فهي لا تُعطى حقها من الاهتمام، بسبب محاولة اللجوء إلى الحلول المفرطة في التبسيط،"التي يمكن أن تكون فعالة من الناحية السياسية، لكنها ليست كذلك من الناحية العملية". واستشهد بمفهوم"الاكتفاء الذاتي في الطاقة"، كأحد المفاهيم التي يروج لها كحل، لافتاً إلى أن حقائق الاقتصاد العالمي تجعل من المستحيل تطبيق مثل هذا المفهوم من الناحية العملية. وأوضح أن"النفط والغاز سلعتان يمكن تبادلهما، وأسواق النفط عالمية، وبالتالي فإنها معرضة للمتغيرات الملازمة". واقترح تبني مفهوم الاعتماد المتبادل في مجال الطاقة، كحل يفصل بين مفهوم أمن الطاقة، أي"بتعاون أطراف عدة من المنتجين والمستهلكين في سبيل التوصل إلى طرق فعالة ودائمة لتحقيق هذا المفهوم". وأوضح أن أحد أكثر المعالم البارزة لسوق الطاقة العالمية، هو تحول مركز جذب هذه السوق شرقاً. وتوقع"أن تصبح آسيا هي"غرينتش"الجديدة بالنسبة لهذه المسالة"، مشيراً إلى أن"كلما زاد الطلب في آسيا، كلما أصبحت المنطقة المعيار المؤثر في أسواق النفط واتجاهاتها".