عار يسري مع رياح الخريف يُلطِّخ كل من استمع للأباليس وطأطأ رأسه مسلّماً زمامه لمشعوذي أنابوليس. عار يجلل كل السياسيين والحقوقيين والمدافعين عن حقوق وكرامة الإنسان الذين لا يعتبرون ما يرصد لهم من مآسٍ وكوارث في غزة أمراً يستحق التحرك ودق نواقيس الخطر. عار يكاد يحس به كل من يطاوعه ضميره بالإبقاء على الفضائية التي تبث صور المعاناة بكل أشكالها في غزة من دون أن يضغط على زر"الريموت كونترول"للانتقال إلى قناة تبث آخر أخبار الأسهم والمؤشرات الاقتصادية أو أخرى تبث الأغاني و"الكليبات"الإباحية أو تلك التي تنقلك إلى عالم لا ينتهي من المسلسلات الرومانسية والكوميدية والدرامية أو تلك التي تغرقك في الأخبار الرياضية. إنه عار يلاحق كل مراسل ومصور وإذاعة وفضائية تغض طرفها عن كارثة غزة ولا تضعها في مقدم اهتماماتها وبرامجها وتغطياتها الرئيسة. عار لا ينجو منه عالم أو خطيب أو متكلم يرى ويسمع ويتابع ما يجري من موت بطيء وقتل على الهواء مباشرة وحصر وحصار وتدمير وتجويع وإرهاب ثم لا يجهر بكلمة حق تنصرهم ودعوة صادقة تغيثهم وبيان لشرع لا يبيح أبداً تركهم وحدهم. عار يمس كل من يملك ما لا يملكه أهلنا الصابرون المكابرون المرابطون في غزة من متطلبات العيش الكريم كحرية التنقل ليس فقط للمرضى والجرحى والطلبة وحجاج بيت الله الحرام وغيرهم، وإنما لكل غزّي يشرّف كل بلد أن يستقبله ويكرم وفادته وقد قدموا لأمتهم الدماء والأرواح وبذلوا الغالي والنفيس. عار يصِمهم مع كل بئر ماء يتوقف عن العمل بسبب قطع إمدادات البنزين اللازم له... ومع كل فرن يتوقف عن العمل بسبب قطع الكيروسين عنه... ومع كل حاوية قمامة يتم حرقها مسممة أجواء غزة بعدما عجزت شاحنات البلدية المتوقفة قسراً عن تفريغها... ومع كل أنَّة مريض لا توفر له مستشفيات غزة مستلزمات العلاج بسبب قطع إمدادات الوقود عن غرف عملياتها... ومع كل لحظة تمضي على طلاب هجروا مدارسهم وجامعاتهم بسبب عدم توافر وسائل النقل إليها في ظل قطع الوقود عن غزة. عار شنيع يصيب كل من يملك فضل زاد أو فضل ماء أو فضل دواء أو فضل حليب أطفال أو فضل سلاح ولا يجود به على مستحقيه في غزة. عار يجوب البلدان يلطخ كل قاعد مشغول بنفسه وماله وعمله وتجارته بل وعياله عما يجري في غزة. وكل من يملك قلماً لا يثور أو منبراً إعلامياً لا يتزلزل غضباً لأجل غزة وأهلها. مخلص برزق - بريد الكتروني