شنت عناصر من تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" هجومين منفصلين على قريتين سنية جنوببغداد وأخرى شيعية أسفرا عن مقتل 20 شخصاً بينهم مقاتلون من عشائر مناوئة للتنظيم، وذلك في عملية محترفة استخدم منفذوها زي الجيش لاختراق المنطقة. وأوضحت مصادر أمنية أن"عناصر تنظيم القاعدة هاجمت حاجزاً للجيش العراقي قرب هور رجب وقتلت ثلاثة جنود وجرحت ثلاثة آخرين وتمكنت من الاستيلاء على سيارة عسكرية من طراز همر". وأضافت أن"عناصر التنظيم توجهت لمهاجمة مقر صحوة هور رجب ووقعت مواجهات قُتل على أثرها ثمانية من عناصر الصحوة". وقال مصدر في مستشفى اليرموك غرب بغداد إنها"تسلمت جثث عشرة من عناصر صحوة هور رجب وأربعة جرحى". وأفاد أحد عناصر الصحوة الذي كان برفقة الضحايا"أن عشرات من مسلحي القاعدة يرتدون زي الجيش العراقي دخلوا المنطقة واطلقوا النار على السكان عشوائياً". وأضاف أن"حوالي مئة مقاتل من التنظيم يستقلون سيارات هاجموا منطقة من المناطق الجنوبية التي لا تزال تخضع إلى سيطرتهم صباح اليوم". وتابع أن"الجيش العراقي تدخل وعناصر الصحوة ووقعت مواجهات ضارية لا تزال مستمرة". وكانت عشائر منطقة هور رجب شكلت"قوات الصحوة"لمقاتلة تنظيم"القاعدة"بدعم من الجيش الاميركي قبل حوالي شهر، وتمكنت من طرد التنظيم الى المناطق الزراعية القريبة. وسبق أن كانت منطقة هور رجب تعتبر المحور الجنوبي لقيادة"دولة العراق الاسلامية"بزعامة القاعدة حتى الشهر الماضي، وتحيط بها مناطق عرب جبور والبوعيثة التي لا تزال تقع تحت سيطرتها. وكان تنظيم القاعدة هدد في بيان وزعه عناصره في هور رجب خلسة الثلثاء الماضي عناصر"الصحوة"من مغبة عدم ترك العمل مع القوات الاميركية. وجاء في بيان حصلت عليه وكالة"فرانس برس":"ها نحن أقمنا عليكم الحد يا كلاب الصحوة ... إن بيننا وبينكم وقائع تشيب لها الولدان". وأضاف البيان الذي وقعه المكتب الاعلامي"لدولة العراق الاسلامية ولاية الجنوب":"والله لن نترك لكم بيتاً إلا فجرناه ولا حصناً إلا دككناه ولا رأساً إلا قطفناه". ويأتي هذا الهجوم بعد مرور أسبوعين على إعلان تطهير المنطقة من"القاعدة"وعودة أكثر من أربعة آلاف عائلة مهجرة إليها، إذ توجهت غالبية العائلات الى المقبرة الجماعية التي اكتشفها"مجلس الصحوة"للاطلاع على جثث استخرجت وجرى التعرف على ذويهم بين الجثث المتعفنة. وكشفت التقارير الرسمية أن غالبية الجثث تعود الى أعضاء في"مجلس الصحوة"من شباب هور رجب الذين حاولوا صد"القاعدة"ومنعها من فرض سيطرتها على المنطقة في أيلول سبتمبر الماضي. وكان وزير الداخلية العراقي جواد البولاني أعلن أول من أمس أن خطر تنظيم"القاعدة"في العراق تراجع لكنه لا يزال يشكل التهديد الأمني الأول في العراق. وقال البولاني في تصريح إلى وكالة"فرانس برس"على هامش مشاركته في منتدى الامن الداخلي والدولي في المنامة، إن"القاعدة فقدت عنصر المبادرة بسبب الضربات الامنية التي تلقتها ومقتل قيادييها الكبار وتفكيك شبكاتها اللوجستية وضرب مراكزها الاعلامية". وأضاف أن"القاعدة فقدت الحواضن والملاذات بسبب انتفاضة العشائر وخصوصاً في محافظة الانبار غرب التي انطلقت منها الشرارة الأولى لمقاومة القاعدة ... وهذا شكل عنصراً أساسياً في هزيمة القاعدة". وكانت"قوات الصحوة"في محافظة الانبار التي شكلتها عشائر المحافظة النواة الاولى لهذه القوات قبل أن تنتشر في عدد من مناطق بغداد ومحافظات عراقية أخرى. يذكر أن مجموعة مسلحة سنية معتدلة سيطرت خلال الايام الماضية على حي الاعظمية شمال بغداد بعدما طردت منه مقاتلي"القاعدة"الذين هيمنوا عليه منذ أكثر من سنة. وفي هجوم آخر، أعلنت الشرطة العراقية مقتل سبعة من عناصر"القاعدة"واثنين آخرين من أفراد عشيرة العنبكية الشيعية عندما هاجمت عناصر"القاعدة"القرية الشيعية شمال بعقوبة. وقال المقدم في الشرطة ابراهيم عبدالله إن"عناصر تنظيم القاعدة شنت هجوماً صباح اليوم على قرية القليعة التابعة لمدينة دلي عباس 25 كلم شمال بعقوبة واشتبكوا مع أبنائها الذين تمكنوا من قتل سبعة من القاعدة وأسر ثلاثة آخرين". وأضاف أن"اثنين من أفراد القرية قُتلا وأُصيب آخر"، مشيراً الى أن"الهجوم وقع بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة ودام حوالي الساعة". وأكد أن"سكان القرية كانوا أخذوا احتياطاتهم لهجوم من هذا القبيل". ومعلوم أن قرية القليعة تقطنها عشيرة العنبكية الشيعية ويحيط بها عدد من القرى لا يزال ينشط فيها تنظيم"القاعدة". وأكد مصدر من مستشفى بعقوبة العام تسلم الجثث التسع. وتمثل محافظة ديالى المضطربة، أكثر مناطق البلاد تعرضاً لأعمال عنف يومية على رغم تنفيذ قوات أميركية وعراقية عملية"السهم الخارق"التي انطلقت في 19 حزيران يونيو الماضي ضد معاقل"دولة العراق الاسلامية"التي أعلنها أنصار"القاعدة"في هذه المحافظة شرق بغداد. وفي غضون ذلك، أكد قائد قوات حفظ الامن والنظام في وزارة الداخلية اللواء مهدي صبيح أن تحول"القاعدة"إلى العمل السري خلال الأشهر الماضية يتطلب مزيداً من الحذر. وقال إن العمل السري أخطر من العلني، لافتاً الى أن المرحلة المقبلة من مواجهة إرهاب القاعدة، تستدعي احتياطات امنية كبيرة للكشف عن طبيعة تحركات التنظيم داخل العراق بعد الثورة الواسعة التي اندلعت ضده، وأدت الى اسقاطه في كثير من المدن وعلى رأسها بغداد، معتبراً الهجوم الاخير بداية لتحركات مماثلة في هذا الجانب.