سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هاتف "سامسونغ - واي ماكس" ينقل المحتوى المحلي . موقع "فايس بوك" يراهن على الاعلان الالكتروني الاجتماعي ويثير أسئلة عن التجارة بجمهور الانترنت وخصوصياته
في المدينة التي ما فتئت عاصمة منذ أزمان إمبراطورية طويلة، تتناقل ألسن العاملين في حقل المعلوماتية الذين باتوا جزءاً من مجتمع له طابع معولم تتشابه فيه أفعالهم وملابسهم وأقوالهم وطريقة حديثهم وأساليبهم في التعبير وميل ألسنتهم الى الانكليزية ذات الرطانة الأميركية، أحاديث عن جديد في الاعلان الالكتروني:"الاعلان الالكتروني الاجتماعي""سوشيال أدفيرتايزنغ" Social Advertising. ومن سيول الكورية، تسمع أن هذا النوع المستجد من الاعلان الشبكي يمثّل السلاح الذي يحاول موقع"فايس بوك.كوم"Face Book.com الاميركي استخدامه للحصول على حصة من سوق الإعلان عبر الانترنت، مُتيحاً للمنتمين إليه فرصة الاستفادة من تلك الأموال أيضاً. وعندما يصبح الأمر على صلة بالانترنت وأسواقها وتقنيتها، يرفع أولئك الذين ينتجون التكنولوجيا، وليس القابعون في خانة الاستهلاك أو قربها كعالمنا العربي، انتباههم الى الحدّ الأقصى. وعلى مثل ذلك التنبّه بدا الفريق الذي استضاف وفداً صحافياً عربياً الى مُجمّع"سو وون" Suwon الضخم الذي يستضيف قسماً من شركة"سامسونغ للإلكترونيات"Samsung Electronics. ما هو الاعلان الالكتروني الاجتماعي؟ في ثنايا ذلك الحدث، يبدو أن موقع"فايس بوك"يعمل على الاستفادة من كونه الموقع الأكثر شهرة للبحث عن الأصدقاء والاتصال بهم وتكوين الشِلَل بمعنى المجموعات التي يجمعها ذوق مشترك معهم. ويعتزم ذلك الموقع أن يضع إعلانات عن سلع وخدمات في الصفحات الالكترونية لمن يصرح عن رأيه فيها. فمثلاً، إذا اشترى أحدهم هاتف شركة"سامسونغ"الجديد الذي يحمل اسم"واي ماكس"WiMx تصل اليه رسالة تسأله عن إمكان إخبار أصدقائه في الموقع عن هذا الاختيار. وعند موافقته، يتلقى أولئك الأصحاب، ومن دون أخذ رأيهم ولا إذنهم، إعلاناً عن تلك السلعة مرفقاً بصورة الصديق التي اشتراها فعلياً. ولم يعلن شيء عن حصول ذلك المُشتري عن مردود مادي لهذا الاعلان. وفي المقابل، يتيح الموقع للأصدقاء كتابة تعليقات على الاعلانات التي بلغتهم من دون استئذان! وتنطلق هذه المبادرة من فكرة مفادها أن الناس ترتاح وتتأثر أكثر ما يكون من النصائح التي تأتيها من الاصدقاء الموثوقين. ولأن الموقع هو ساحة للقاء الأصحاب، فلم لا تُستعمل تلك المساحة لإسداء النصح في شأن أمور محدّدة مثل السلع والخدمات؟ ويذكر ذلك بالمثل العربي القائل بأن النصيحة تساوي جملاً، مع تحوير بسيط يجعل من المشورة مساوية لثمن ذلك الجمل أو جزء منه على الأقل! وتصادف أن مبادرة موقع"فايس بوك"لاستخدام سلاح"الاعلان الالكتروني الاجتماعي"، جاءت بعيد إطلاق شركة"سامسونغ"خليوي"واي ماكس"، الذي ينقل جزءاً من جمهور الخليوي الى عالم"الويب". والجدير بالذكر أن خليوي"واي ماكس"من"سامسونغ"يمكّن من وضع محتوى له طابع محلي، بمعنى أنه يحمل تلوينات الثقافة المحلية ومجتماعاتها، على صفحات"البلوغرز"الرائجة في كوريا وعالمياً. ويرجع قسم من العلاقة بين خليوي"واي ماكس"والمحتوى المحلي الى أن موجات"واي ماكس"تتحرك ضمن نطاق لا يزيد على عشرين كيلومتراً، ما يجعلها أساساً لشبكات اجتماعية ذات طابع محلي. ويوضح هذا الأمر العلاقة الوثيقة بين نمط من الاعلان الالكتروني يعتمد على المحلية مثل شلل الاصدقاء والمعارف وبين الخليوي المتقدم الذي أطلقته شركة"سامسونغ"أخيراً. ويذكر أن الاعلان الالكتروني الاجتماعي صدر أخيراً من نيويورك، على لسان مارك زوكربرغ مؤسس الموقع ومديره الذي أعلن أيضاً عن اعتقاده بأن عصر الاعلانات العريضة الموجهة إلى الجمهور العام بات جزءاً من الماضي. كما توقع أن تصبح الاعلانات، خصوصاً الالكترونية، أكثر ضيقاً بحيث تتوجه إلى مجموعات وشِلَل وزُمر ومنتديات بعينها وصولاً إلى الاعلان الفردي المباشر عبر الوسائط الالكترونية مثل الانترنت والهواتف الخليوية والشبكات الرقمية المحلية وغيرها. ومن جهة أخرى، صرح المشرفون على الموقع بأنهم لاحظوا ميل المنتمين إليه إلى تبادل الرأي والنصح عن الأشياء التي يستعملونها في الحياة اليومية. تجارة بالمعلومات و...جمهورها تدفع الأمور السابقة للتفكير بأن علاقة موقع"فايس بوك"مع المنتمين إليه، وصلت الى مرحلة تتجاوز مجرد الاستضافة. ويبدو أن القيّمين على الموقع يمارسون مسحاً منظماً للأفكار التي يتبادلها جمهوره الذي فاق عدده ال 50 مليون مشترك. هل يقدم الموقع على خطوة أخرى في المجال عينه، مثل بيع ما يجمعه من معلومات عن الميول الاستهلاكية لمجموعات معينة من المسجلين فيه، إلى الشركات التي تعاني ظمأ متصلاً لمثل هذا النوع من المعلومات؟ والمعلوم أن تقصي ميول الجمهور، وخصوصاً من النوع الدقيق الذي يصل إلى معرفة الذائقة المناسبة لمجموعة محددة من البشر، يعتبر من أهم ما تسعى إليه الشركات. وتسهل هذه المعلومات على الشركات عملية الترويج، وربما أعطتها سبلاً جديدة للوصول إلى الجمهور خصوصاً أن مواقع التعارف مثل"فايس بوك"و"ماي سبايس"، باستطاعتها إعطاء معلومات محدّدة مثل العمر والجنس ومكان الاقامة والعمل ومستوى الدراسة وغيرها من المعلومات التي يضعها المشتركون على صفحاتهم، في شكل مفتوح. ويُذكّر الأمر أيضاً بالشكوك التي أثارتها جماعات المحافظة على الحقوق الفردية الالكترونية في الولاياتالمتحدة وبعض الدول الأوروبية عن استعداد مواقع التعارف على الانترنت، لعقد صفقات مع مواقع البحث عن المعلومات على الانترنت، مثل"غوغل"و"ياهوو"، والتي اعتُبرت انتهاكاً قوياً للحريات الشخصية وحقوقها على الشبكة الالكترونية. والمفارقة أن إطلاق موقع"فايس بوك"مبادرته في الاعلانات الالكترونية جاء بعد أيام قليلة من جلسات استماع عقدتها"اللجنة الفيديرالية الاميركية للتجارة"، أعربت خلالها عن قلقها العميق من استهداف الحياة الشخصية وخصوصياتها من الاعلانات الالكترونية، خصوصاً تلك التي تسعى للوصول إلى مجموعات بعينها من الناس. ويزيد في حدّة المفارقة إعلان مؤسس الموقع عن صفقة مع شركة"مايكروسوفت"يمكّنها من الحصول على حق وضع إعلانات من النوع"الاجتماعي"في الموقع. بلغت قيمتها 240 مليون دولار. ويبدو أن حياة الجمهور الالكتروني، على المستويين الفردي والجماعي، باتت موضعاً لصفقات شتى بين شركات المعلوماتية، ما يضيف إلى انتهاكها وانكشافها تحوّلها إلى تجارة"عبيد"الكترونية من وحي القرن 21 ومعطياته.