اختارت إسرائيل الذكرى السنوية لاستشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة من قطاع غزة برصاص جيشها لتشكك من جديد في ظروف استشهاده وتدعي، عبر مدير مكتب الصحافة الحكومي داني سيمان، أن قناة"فرانس 2"الفرنسية التي صورت جنود الاحتلال يمطرون الطفل ووالده في الثلاثين من أيلول سبتمبر 2000 بوابل من الرصاص"افتعلت"المشاهد وبثت شريطاً مفبركاً فيما ذهب إسرائيليون آخرون إلى أبعد من ذلك ليشككوا في ما إذا كان الطفل الدرة قُتل حقاً أم أنه لا يزال على قيد الحياة، ما حدا بوالده جمال إلى إبداء استعداده، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، لإخراج رفات ابنه من القبر للتأكد من مصدر الرصاصات التي اخترقت جسده. وانفجرت القضية من جديد في أعقاب رسالة جوابية بعث بها سيمان إلى جمعية"محاكمة عادلة"الإسرائيلية على طلبها سحب بطاقة الصحافي من أعضاء طاقم قناة"فرانس 2"الذين بثوا للعالم المشهد المؤثر بداعي أنه تمت"فبركة الفيلم". وكتب سيمان في رسالته أنه تم فعلاً"إعداد"شريط مفبرك عن الحادثة مضيفاً أنه"بعد الحادثة اتُهمت إسرائيل في الإعلام الدولي بقتل طفل بقيت صورته محفورة في الذهن العربي الجماعي رمزاً لوحشية الدولة الصهيونية". وزاد:"هنا بدأت طريق طويلة لكشف الحقيقة كاملة وتدعيم الحقيقة المعروفة لنا جميعاً اليوم بأن تلك الأحداث إنما تم إخراجها على يد مصور الأخبار من غزة طلال أبو رحمة". وتدعم هذه الأقوال رواية لجنة تحقيق داخلية شكلها الجيش الإسرائيلي في حينه بأن الدرة لم يُقتل برصاص الجيش الإسرائيلي لكن إسرائيل الرسمية لم تتبن هذا الاستنتاج تفادياً للخوض من جديد في مسألة تسيء إلى سمعة جيشها. وكتب سيمان أن بث التقرير المصور عن استشهاد الدرة ألحق ضرراً جسيماً بسمعة إسرائيل،"رغم أن تحقيقات صحافية وأخرى أكاديمية نفت إمكان أن يكون الطفل قتل برصاص الجيش الإسرائيلي". وأشار في كتابه الجوابي إلى أن المستشار القضائي للحكومة رد في الماضي طلباً له بأن تقوم إسرائيل بالتوجه إلى القضاء ضد القناة الفرنسية مفضلاً أن يبقى الخوض في الموضوع محصوراً على المستوى الإعلامي - الشعبي لا الجنائي. وتبغي رسالة سيمان إلى جمعية"محاكمة عادلة"مساندة الصحافي اليهودي الفرنسي فيليب كرنسنتي الذي يواجه أمام القضاء الفرنسي شكوى بالتشهير والقذف ضد قناة"فرانس 2"ومراسلها في إسرائيل شارل أندرلين الذي بث خبر استشهاد الدرة. ويعمل المدعى عليه من أجل إرغام القناة ومراسلها على الكشف عن فيلم تصوير المشهد كاملاً 27 دقيقة قبل إعداده للبث بداعي أن ما بث كان مفبركاً. من جهته عاود والد الطفل الشهيد جمال الدرة أمس سرد تفاصيل استشهاد ابنه للإذاعة العبرية الرسمية مستهجناً إثارة الموضوع من جديد. ورداً على ادعاءات بأن ابنه حي قال:"نعم إنه حي في الجنة كما كل الشهداء". وأضاف أنه مستعد للتجاوب مع أي طلب لفتح تحقيق جديد والتأكد من مصدر الرصاص الذي قتل ابنه وأيضاً لإخراج رفات ابنه من القبر إذا لزم الأمر.