خطت موسكووواشنطن خطوة إضافية الى أمام على طريق اعادة القدرات العسكرية الى الدرجة التي كانت سائدة إبان الحرب الباردة. إذ أعلنت روسيا ان قدراتها الصاروخية الاستراتيجية قادرة على اختراق الدرع الصاروخية التي تعتزم واشنطن نشرها في أوروبا. ولمحت المؤسسة العسكرية الروسية الى أنها في انتظار"القرار السياسي"لاستئناف تصنيع الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، فيما قررت واشنطن إبطاء سحب قواتها من أوروبا. واعتبر الرئيس فلاديمير بوتين في البرتغال أمس ان مشكلة الدرع الصاروخية الأميركية في شرق أوروبا يذكر بأزمة الصواريخ في خليج الخنازير كوبا في ستينات القرن العشرين. وقال الرئيس الروسي على هامش القمة الروسية - البرتغالية ان"التحركات المشابهة التي قام بها الاتحاد السوفياتي عندما نشر صواريخ في كوبا أثارت أزمة الصواريخ الكوبية. وبالنسبة الينا الموقف مماثل من الناحية التقنية. فعلى حدودنا تتبلور تهديدات مماثلة لبلدنا". لكنه اضاف:"نحمد الله على أننا لا نعاني من أزمة صواريخ كوبية الان وهذا يرجع قبل كل شيء الى التغير الجذري الذي حدث في العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة وأوروبا". من جهة اخرى، الجنرال نيكولاي سولوفتسوف قائد سلاح الصواريخ الاستراتيجية الروسية أن قيادته تراعي، في خططها وبرامجها للتطوير، ضرورة تجاوز منظومة الدفاع المضادة للصواريخ والتي تخطط الولاياتالمتحدة لنشرها. وفي أول تفسير يصدر عن مسؤول عسكري روسي بهذا المستوى لأسباب اعتراض موسكو على الدرع الأميركية، قال سولوفتسوف ان بلاده لن تسمح بفقدان توازن القوى النووي الاستراتيجي، مشيراً الى ان موسكو"ستتخذ بلا أدنى شك الإجراءات المناسبة"لتفادي اي اختلال في التوازن ينتج من نشر الدرع الأميركية في أوروبا. وكان سياسيون روس اعتبروا ان نشر الدرع في هذه القارة جزء من طوق عسكري أميركي حول بلادهم. وفي خطوة إضافية في إطار ما يوصف بأنه"عناصر الرد الروسي على الدرع الأميركية"، أعلن سولوفتسوف أن سلاح الصواريخ يمتلك الإمكانات التقنية والفنية اللازمة لاستئناف تصنيع الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى"في فترة وجيزة، ولدى اتخاذ قرار سياسي في هذا الشأن"، علماً ان موسكو كانت تخلصت من تلك الصواريخ وفقاً لمعاهدة وقعت مع الولاياتالمتحدة نهاية العهد السوفياتي. وهدد الرئيس الروسي أخيراً بالتراجع عن هذه المعاهدة"إذا لم تنضم إليها بلدان أخرى ما زالت تطور صواريخ قصيرة ومتوسطة قرب حدودنا". و تحدث الجنرال الروسي عن منظومات صاروخية جديدة دخلت الى الخدمة في سلاح، منها صواريخ من طراز"توبول - ام"التي وصفها بأنها"قادرة على اختراق الدرع الأميركية"، موضحاً ان الأنظمة الجديدة مجهزة بتقنيات عالية تجعلها قادرة على تجاوز اي منظومات دفاع جوية. وكانت موسكو نشّطت اخيراً تجاربها على الصواريخ الحديثة، وأجرت في أيار مايو الماضي أول عملية إطلاق تجريبية للصاروخ البالستي العابر للقارات من طراز"ار اس - 24". كذلك أجرى الجيش الروسي تجربة على منظومة"إسكندر ام"التي ستدخل الخدمة السنة المقبلة، وهي قادرة على تدمير عناصر الدفاع المضاد للطائرات والصواريخ والوسائل النارية المعادية والطائرات الجاثمة في المطارات. من جهة أخرى، كشف مسؤول عسكري بارز في واشنطن ان وزير الدفاع روبرت غيتس قرر إبطاء عودة القوات المنتشرة في أوروبا، وهي العملية المقررة في إطار التفكير في اعادة تنظيم انتشار الجيش الأميركي في الخارج. وقال الأميرال مايكل مولن الرئيس الجديد لأركان الجيوش الأميركية ان غيتس اتخذ هذا القرار بناء على طلب الضباط الأميركيين في أوروبا الذين يعتبرون ان من الضروري البحث في الأخطار المتصلة بخفض الوجود الأميركي في هذه القارة. ولم يعط مولن تفاصيل عن انتشار الجيش الأميركي في أوروبا الذي يفترض خفضه من اكثر من 60 ألفاً الى نحوالى 28 ألفا، مع عودة فرقتين من ألمانيا. وحض القادة الأميركيون في أوروبا وزارة الدفاع على معاودة النظر في خططها لإعادة انتشار فرقتين في القارة.