يتجمع عدد كبير من الباصات في الباحة الداخلية لقصر"باردو"في الضاحية الغربية للعاصمة تونس، وتنطلق جموع السياح الغربيين إلى البوابة الرئيسية للمتحف الوطني الواقع في الطرف الآخر للباحة. وكان قصر باردو الذي اقتُبس اسمه من قصر"برادو"الإسباني في مدريد، مقراً لإقامة ملوك تونس في القرن التاسع عشر، لكن قسماً منه استُخدم اعتباراً من السنة 1888 نواة للمتحف الوطني، ثم ما انفك يتوسع منذ بواكير القرن العشرين مع إضافة قاعات وأجنحة جديدة إليه. أما القسم الثاني من القصر فصار مقراً لمجلس النواب، ويُعتبر هذا المجمع من أهم المزارات التي يتدفق عليها السياح يومياً على متن عشرات الباصات وينتشرون في أرجائه للإطلاع على المراحل التاريخية التي مر فيها البلد. ويُقدر عدد زوار المتحف ب600 ألف سائح في السنة في المتوسط. ويخطط التونسيون لتنمية السياحة الثقافية في المرحلة المقبلة بإخضاع المتاحف لعملية تطوير ومعاودة تهيئة ستشمل خمسين متحفاً في العاصمة والمحافظات. وفي مقدم المتاحف التي تشملها الخطة متحف قرطاج الذي يقوم فوق تلة تطل على البحر المتوسط وهي في مثابة نافذة كبيرة تفتح على الموانئ الفينيقية. ويعتبر المتحف الذي أنشئ في السنة 1879 أقدم متحف في البلد، وهو يتميز بشدة إقبال السياح عليه كونه يقع بين آثار المدينة التي أسستها الملكة أليسار في السنة 840 ق م، بعد وصولها من صور. ويضم المتحف مجموعة نادرة من اللوحات الفسيفسائية هي الأكبر في نوعها في المنطقة المتوسطية، بالإضافة لمنحوتات وآثار ومعدات زراعية وألبسة وأسلحة تحكي جوانب متعددة من حياة القرطاجيين. ويكاد لا يتخلف سائح عن زيارة هذا المتحف الشهير ما يفسر كثافة الباصات التي تنقل السياح إليه حيث تتوقف في الساحة الكبيرة المهيأة أمام بوابته الرئيسية قبل أن تنقلهم إلى الموانئ الفينيقية عند سفح التلة. والمتاحف الثلاثة الأخرى التي تستقطب السياح هي متحفا القيروان وسوسة اللذان يعكسان مرحلة الفتح العربي وانتشار الحضارة الإسلامية في البلد اعتباراً من تأسيس القيروان في السنة 50 هجرية، ومتحف أوذنة الذي هو عبارة عن مدينة رومانية متكاملة تقع في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس ويعود تاريخ بنائها إلى أكثر من ألفي عام. ويشتمل متحفا القيروان وسوسة على نقوش ومخطوطات نادرة وألبسة ونقود ومجوهرات وأسلحة تعود إلى بواكير الفتح الإسلامي والممالك التي تعاقبت على البلد قبل الإحتلال الفرنسي. ويُقدر عدد زوار كل متحف منهما ب60 ألف زائر في السنة. وتوجد متاحف في محافظات أخرى تجتذب اهتمام السياح من بينها متحف الفنون التقليدية والحرف الشعبية في جزيرة جربة الذي يعمل فيه عشرات الحرفيين على مرأى من الزوار. ويصنع الحرفيون انيات من الطين باستخدام الأفران التقليدية، وهي الأواني نفسها التي ما زال سكان الجزيرة يستخدمونها في مطابخهم إلى اليوم. كذلك يُصنَع السجاد التقليدي والألبسة الصحراوية والسجاد البدوي وأنواع أخرى من المشغولات، ويُقدر عدد زوار المتحف ب20 ألف زائر في السنة. وهناك متاحف في منطقة الواحات أهمها متحف"دار شريط"الذي أقيم في بيت قديم في واحة توزر العريقة، واختزل في ساحاته وغرفه تاريخ المنطقة منذ العهد الروماني، مركزاً على الآثار والقطع الفنية ولوحات الفسيفساء والمشغولات القديمة والمخطوطات والنقود والسجاد. واللافت أن المتحف يضم في الوقت نفسه فندقاً من فئة خمس نجوم يستقطب شخصيات عالمية من نجوم السينما والسياسيين ورجال الأعمال الذين يأتون إلى الواحة كي يتفيأوا ظلال نخيلها الباسق ويعودوا إلى بساطة الحياة الطبيعية. ويرمي التونسيون من وراء خطة تهيئة المتاحف إلى تحسين المعروض التراثي لاستثمار التقنيات الحديثة والإستجابة للمواصفات الدولية في مجال الحماية الأمنية والعرض والشروح المقدمة للزوار، بالإضافة لإيجاد مسالك سياحية جديدة في محيط المتاحف للتعريف بالتراث المعماري والمعالم التاريخية الأخرى القريبة من المتحف. كذلك تشمل الخطة التي رُصد لها أكثر من ثلاثين مليون دولار بتمويل من البنك الدولي أساساً، تكوين أدلاء سياحيين ومنح حوافز للمستثمرين في قطاع السياحة الثقافية.