"لأجلهم" .. إنجاز سعودي في خدمة القرآن الكريم    1:42 أفضل وقت لنوم القيلولة    الاستحمام بالماء البارد يعزز النوم والراحة    آباء يتساءلون عبر «عكاظ»: لماذا غاب التدرّج في الاختبارات المركزية؟    رمضان اقترب.. جهّز جسمك للصوم    محادثات الرياض.. اختراق إستراتيجي    كيلوج: إنهاء الحرب سيكون جيدًا لأوكرانيا وأوروبا والعالم    إرهابيون من 50 دولة على حدوده.. والملف مسؤولية دولية.. العراق يطالب دول العالم بسحب رعاياها من «الهول»    بتوجيه من خادم الحرمين وولي العهد.. عبدالعزيز بن سعود يستعرض مع ملك الأردن ووزير الداخلية التعاون الأمني    شاهد| التعاون يعبر الوكرة ويتأهل إلى ربع نهائي" أبطال آسيا 2″    ملخق أبطال أوروبا.. ريال مدريد يقسو على سيتي بثلاثية    ملحمة ملكية في ليلة الأبطال.. مبابي يقود الريال لإذلال السيتي    أمير منطقة المدينة المنورة يزور محافظة وادي الفرع    "المستحيل الذي تحقق".. الناصر: 100 مليار دولار استثمارات غاز "الجافورة"    مقتل طفلة ضرباً لسرقتها شوكولاتة    تشييع قطان في المدينة    رحيل الأديب الحارثي    قلم أخضر    «الشؤون الإسلامية»: البرنامج يستهدف 61 دولة    "حافلات المدينة" تطلق خدمات النقل الترددي بداية شهر رمضان    خلال مشاركته في المنتدى السعودي للإعلام.. وزير الطاقة: ولي العهد صانع التأثير والتغيير    بحضور الأمير سعود بن جلوي.. قنصلية دولة الكويت تحتفل باليوم الوطني ال64    محذرة من الحرب الشاملة على الضفة وغزة.. السلطة الفلسطينية: الاحتلال يدفع المنطقة لدمار واسع    أمير القصيم يرعى انطلاقة ملتقى القطاع التعاوني    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    هنا في بلادي.. نحتفل بالإنجاز    فيصل بن نواف يتسلم تقرير أحوال الجوف    مستقبل السعودية.. جذور متأصلة ورؤية متمكنة    الأمير سعود بن مشعل يدشن الهوية الجديدة لموسم جدة    «بوريس جونسون»: محمد بن سلمان قائد شجاع    الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز..سيرة عطرة ومسيرة ملهمة    المملكة تبحث سبل دعم العمل الإنساني في طاجيكستان    ميزانية الإنفاق ونمو الإيرادات    "الداخلية" تنظم ندوة يوم التأسيس    قاعة تركي السديري: إرث إعلامي يحتضن المستقبل في المنتدى السعودي للإعلام    توظيف التقنية للحفاظ على الحرف التراثية    وزير الخارجية يصل جوهانسبرغ للمشاركة في اجتماعات G20    أستون فيلا يعيد ليفربول لنزيف النقاط ويقدم خدمة لآرسنال    تنفيذ "برنامج خادم الحرمين لتفطير الصائمين" في 61 دولة    الذهب يستقر عند مستويات مرتفعة وسط التهديدات الجمركية الأميركية    نائب أمير الرياض يطلع على جهود الموارد البشرية.. ويرعى حفل زواج «كفيف»    د. عادل عزّت يشكر المعزّين في وفاة والده    علاقة الحلم بالاستدعاء الذهني    الهيئة العالمية للتبادل المعرفي تكرم رواد التربية والتعليم    الاتفاق يواجه دهوك العراقي في نصف النهائي لدوري أبطال الخليج للأندية    «الانضباط» توقف سيماكان مدافع النصر مباراتين بسبب «السلوك المشين»    التمويل السكني للأفراد يتراجع الى 2.5 مليار ريال    ليب 2025 وصناعة المستقبل الصحي !    أهمية إنهاء القطيعة الأمريكية الروسية !    نادي فنون جازان يحتفي بالمشاركين في معرضي "إرث" و" في حياة الممارسين الصحيين"    جمعية«اتزان» تعقد اجتماعاً تحضيرياً لفعاليات يوم التأسيس بجازان    ترمب: أوكرانيا مسؤولة عن الغزو الروسي    على نفقة الملك.. تفطير أكثر من مليون صائم في 61 دولة    محافظ صامطة يدشن الحملة الوطنية المحدودة للتطعيم ضد شلل الأطفال    مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في مكة المكرمة    بتوجيه من سمو ولي العهد.. استضافة محادثات بين روسيا وأمريكا.. مملكة الأمن والسلام العالمي    أمير الرياض يتسلم تقرير جامعة المجمعة.. ويُعزي السليم    محافظ محايل يتفقد مشروع مستشفى الحياة الوطني بالمحافظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توسيع افق الرؤية وجعل التغيير صديقاً
نشر في الحياة يوم 12 - 12 - 2010

التنمية معادلة دقيقة اهم مدخلاتها اعداد الطاقات البشرية بكل ما ينطوي عليه الاعداد من معاني تحسين المعيشة ومفاهيمها، وتوفير الخدمات الصحية والتعليم الجيد، الذي يرفع تطلعات افراد المجتمع.
واذا احسن توظيف هذه المدخلات فإنها تدفع التنمية البشرية نحو بلوغ غايتها وتحقيق التغيير الذي ينقل المجتمع من طور التخلف ومن العيش في اسر قيود المرض والجهل والفقر الى رحاب المستقبل.
ولكن لدينا قناعة ظلت تترسخ على مر الايام خصوصاً بعدما أسسنا برنامج الخليج العربي اجفند عام 1980، بتأييد قادة دول الخليج العربية ودعمهم. وملخص هذه القناعة ان التنمية تحتاج الى الافكار والمبادرات اكثر ما تحتاج الى المال. صحيح ان المال عنصر اساس للتنمية واقامة المشاريع، غير ان المال لا يتحرك ذاتياً، وبالتالي يفقد جدواه اذا لم يستخدم في ما يفيد الناس ويلبي احتياجاتهم التي تنبثق من واقعهم. فما الجدوى اذا لم يؤمن المال للتنمية الحقيقية التي تعنى بابسط مفاهيمه واعمقها التغيير الايجابي، الذي يؤدي الى توسيع الخيارات امام الناس وتمكينهم من التوافق مع محيطهم والتعاطي معه بكفاية من خلال الحصول على الفرص التي تفتح امامهم آفاق التغيير في انماط الحياة ووسائلها.
من هنا ان التحدي امام القادة هو"جعل التغيير صديقاً وليس عدواً". وما يحقق هذا المفهوم ويشيع ثقافته بين قطاعات المجتمع وشرائحه ليس المال فقط، ولكن في الاساس الافكار الخلاقة المبدعة التي تتحسس احتياجات الناس وتلبيها بكفاية وبطريقة بسيطة، من دون اهدار المال والوقت. والتنمية وفق هذا المفهوم تتخذ من الناس، على تباين شرائحهم وفئاتهم وطبقاتهم، هدفاً ووسيلة في الوقت نفسه لتحقيق التغيير المرتجى، من منطلق ان هذه المهمة تضامنية وتشاركية لا يقوم بعبئها الحكومات فقط، بل المجتمع بمختلف تشكيلاته.
وبناء على هذا المفهوم، فإن"أجفند"يختلف عن الكثير من المنظمات الانمائية الاخرى، لجهة تركيزه وتصميمه على استعمال كل الموارد، التي يمكن تعبئتها لتقديم اقصى المنافع للمستفيدين باقل قدر من الموارد. ولذا ادت اتفاقات التعاون الكثيف مع منظمات الامم المتحدة وهيئاتها التي ابدت تقديرها لهذا الاسلوب الى نتائج ايجابية كبيرة خلال 25 عاماً منذ التأسيس. لقد عقدنا العزم على تركيز الاهتمام بمشاريع اجتماعية وذات بعد انساني في الدول الفقيرة تستهدف السكان الاشد فقراً، ولاقى هذا النهج قبولاً لدى الاوساط المهتمة بالتنمية لأنه يشكل جوهر التنمية البشرية. والمنظمات التنموية تنظر الآن الى توفير الاحتياجات التنموية للنساء والاطفال خصوصاً، سواء كان ذلك من الناحية الصحية او التعليمية، على انه يعد المجال الرئيس الذي يجب ان يلقى الاهتمام والرعاية اذا ما كان يراد تحقيق التنمية فعلاً.
من اراد ان يستشرف مستقبل امة من الامم فعليه بالطفولة. ولأن الاطفال هم لبنات كل مجتمع ورصيده، فإن واقع الطفل وطموحات التنشئة خير ما ينبىء عن الاوضاع المستقبلية لمجتمع ما. ولذلك يوجه"أجفند"اهتماماً نوعياً للطفولة. فالمجلس العربي للطفولة والتنمية، احدى المؤسسات التنموية المتخصصة التي أنشأها"أجفند"، أوجد توجهاً جديداً يعنى ببرامج التنمية العربية الموجهة لسد احتياجات الطفولة من خلال البحوث والدراسات العلمية، والتنسيق بين القطاعات المعنية بشؤون الطفولة، ووضع القواسم المشتركة حول ما يجعل الطفل العربي عنصراً رئيساً في خطط التنمية ويسهم مستقبلاً في شكل ايجابي في تقدم مجتمعه.
وهناك المشاريع القومية على مستوى العالم العربي التي يمولها"أجفند"ويقودها بمبادرات تنموية مثل مشروع"رياض الاطفال"الذي يتبناه ضمن استراتيجية تنمية الطفولة المبكرة، وينفذ الآن في تسع دول عربية. وكذلك مشروع"اطفال الشوارع"الذي تستفيد منه اربع دول عربية تعاني من تفاقم هذه الظاهرة فيها.
بين التنمية البشرية المستدامة ومستوى الرعاية الصحية علاقة طردية ومتداخلة لا تفصم عراها. ففي حين تمثل الصحة اهم القطاعات التي تستهدفها التنمية، هي من جانب آخر تعد من اهم ركائز التنمية ودعائمها. وهناك حقيقة ملموسة هي ان من هم أوفر حظاً في الصحة والتعليم يتمتعون بالقدرة عل انتقاء خيارات افضل لاغناء حياتهم. من هنا، فإن السعي الى توفير الرعاية الصحية، وتوسيع مظلتها لتستوعب المجتمع بشرائحه المختلفة، هو من المقاييس الفارقة في تقدم المجتمعات.
ولذلك ظللنا في"أجفند"نولي التنمية الصحية الاهتمام الذي يليق بهذا القطاع ودوره الحيوي بل المحوري في التنمية. وقناعتنا ان الصحة مطلوبة، ليس فقط في انتشارها وامتدادها الافقي بما يتيح ديموقراطية الخدمة الصحية وسهولة وصولها الى السواد الاعظم من افراد المجتمع. ولكنها مطلوبة ايضاً في نوعيتها ونموها الرأسي، بما يعني الجودة التي تتحقق من خلال تأهيل الطاقات البشرية وتدريبها في مختلف تخصصات المهن الصحية الاساسية والمساعدة.
وهذه الرؤية للخدمة الصحية وضروراتها حاضرة في توجهات"أجفند"لجهة المساهمة في دعم وتمويل المشاريع التي تهدف، في المدى القصير، الى تعميم خدمات الرعاية الصحية الاولية، ونشر الثقافة الصحية في المجتمعات النامية عموماً، وفي المجتمعات العربية خصوصاً. ويسعى"أجفند"الى تحقيق اهداف استراتيجية بعيدة المدى عبر المساعدة في صنع السياسات والخطط الصحية في المجتمعات العربية من خلال التواصل التنموي مع مراكز القرار الصحي وعبر تبني مشاريع كبرى، مثل مشروع صحة الاسرة العربية، الذي يوفر بيانات تفصيلية عن المؤشرات الصحية لافراد الاسرة. كما يحقق جملة من الفوائد ويضع في مقدمها صورة واضحة امام جهات التخطيط والتنفيذ.
ومن المنطلق نفسه، الذي يعنى ببعث الفكر التنموي المبدع ونشره على اوسع نطاق، وحفز التغيير الايجابي وقيم المشاركة في المسؤولية، تبنى"أجفند"اربع مؤسسات واطر تنموية اخرى الى جانب المجلس العربي للطفولة والتنمية وهي:
- مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث كوتر مقره تونس. أسس"أجفند"هذا المركز بشراكة دولية ليكون مؤسسة اقليمية متخصصة في النوع الاجتماعي وتصحيح القصور في المعادلة المجتمعية تجاه المرأة واحتياجاتها الاساسية وقضاياها وحقوقها. ويعمل المركز على تعزيز القيم والمفاهيم الايجابية التي يدعو اليها الدين لانصاف المرأة وتمكينها من حقوقها المشروعة. وبات المركز مرجعاً استشارياً مهماً، وهو معتمد عالمياً من منظمات دولية وعالمية ولدى الحكومات العربية.
- الشبكة العربية للمنظمات الاهلية، التي ينضوي تحت لوائها اكثر من 754 جمعية اهلية. وتحدث الشبكة بدورها في نشر الثقافة التنموية في اوساط المجتمع المدني نقلة في توجهات هذه المؤسسات من ممارسة العمل الانساني الخيري باسلوب تقليدي الى سلوك تنموي يحدث تغييرات جوهرية في سلوك الشرائح المجتمعية التي تتوجه اليها.
- بنك الفقراء، وهو يعكس انفتاح"أجفند"على التجارب الناجحة.
- الجامعة العربية المفتوحة مقرها الكويت ولها فروع في ست دول عربية، تسهم في الرقي بالتعليم العالي في العالم العربي من خلال نمط التعليم عن بعد الذي يستفيد من تقنية المعلومات. وهي بتوجهها غير الربحي تشكل امتداداً لسياسات"أجفند"في تمكين الانسان العربي من حقه في التعليم المنخفض الكلفة.
- جائزة برنامج الخليج العربي العالمية للمشاريع التنموية.
ما يبعث على الرضى ان"أجفند"واكب التغييرات التي شهدها العالم واثرت في الحراك التنموي، فتأقلم معها وتطور فكراً ورسالة وآليات عمل، وأصبح له مكانته بين مؤسسات العون العربي والمنظمات الاممية والدولية والاقليمية.
ونحتفل اليوم بمرور 25 سنة على التأسيس، ونحن اقوى عزماً على العمل على هدي القيم الانسانية والتنموية التي آمنا بها، بتضامن مع صندوق الاوبك للتنمية الدولية والمؤسسات والصناديق العربية الوطنية والاقليمية، والتعاون والتنسيق الدولي والاقليمي والقطري، لاعادة الاعتبار الى ارادة المحرومين والفئات والشرائح الاكثر حاجة في المجتمعات النامية، وتعزيز العمل التطوعي، ودعم منظمات المجتمع المدني وزيادة الثقة فيها لتستعيد دورها الغائب او المغيب في تنمية المجتمعات العربية وتقدمها. وينبغي ان يكون ذلك نقاط ارتكاز المعنيين في شأن التنمية البشرية، من حكومات وقطاع خاص وقطاع اهلي ومنظمات للوفاء بمتطلبات تحقيق الاهداف التنموية للالفية.
الأمير طلال بن عبد العزيز
* رئيس برنامج الخليج العربي لدعم المنظمات الانمائية التابعة للأمم المتحدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.