قرأت ان تحديد جنس المولود الجديد الذي أضحى حقيقة علمية قبل سنوات صار مسموحاً به في ظروف معينة نادرة. والأمر كما بات معروفاً طرح سابقاً نقاشاً علمياً وأخلاقياً ووجودياً واسعاً ما زال يتردد في الدوائر الدينية والاجتماعية والفلسفية في العالم. إلا أن المشكلة تبدو أكثر حدة في المجتمعات التي تفضل صراحة المولود الذكر على الأنثى، خصوصاً المجتمعات الفقيرة ومجتمعات العالم الثالث التي تنظر الى"الولد"باعتباره قوة انتاج ومكانة اجتماعية... طبعاً، هذه المشكلة مطروحة في حال التفلت من الضوابط القاسية الموضوعة للسماح بالاختيار. قيل ان اعطاء الإنسان حق تحديد جنس المولود الآتي يهدد التوازن الدقيق الذي قامت على أساسه الحياة البشرية منذ وجدت، وهذا التوازن أرسى قواعد للتطور الاجتماعي بمكوناته المادية والعاطفية، وكتب الكثير عن الأخطار التي تواجه البشرية اذا اختل هذا التوازن لمصلحة أحد الجنسين، ولست هنا في صدد البحث في هذا السياق، فالأمر لأهله، لكنّ خوفاً سرى في نفسي دفعني الى الكتابة. خوف مصدره سؤال: ماذا لو أتاح العلم في مجتمعات، كمجتمعاتنا العربية التي لا تزال الى حد بعيد ذكورية فرصة الاختيار؟ مجرد التفكير بالجواب مغلق، فكيف إذا أصبح واقعاً ملموساً. لنتصور مشهد حياتنا وقد اختل لمصلحة الذكور، ولنأخذ فقط ظواهر الأمور تاركين لعلماء النفس والاجتماع والاقتصاد وغيرهم أمر الدراسة المعمقة واستخلاص النتائج والانعكاسات. ان حياة أسرية واجتماعية حقيقية لا يمكن أن يكون لها معنى من دون البنات. البنت هي عطر البيت ودفئه، هي"لعبة"العائلة طفلة صغيرة، ورفيقة أمها وپ"راعية"والدها وصديقة أشقائها صبية. البنت في بيت أهلها، ثم حبيبة وزوجة هي عنوان الرقة والحنان والعطاء. هي كاللبنى، الشجرة التي تقطر عسلاً وسائر اخواتها التي تعطي بلا حساب. ما كان شعر جميل لولاها، ولا روايات. هي النسمة اللطيفة في حياتنا والسند القوي في آن. خلقها الله جميلة، فأحببناها وتعلقنا بها، ابنة وحبيبة وزوجة رفيقة عمر. هي معنى وجودنا وسره... وهي أجمل ما في هذا الوجود.