أوضح التقرير الفصلي الأخير ل"مصرف التسويات الدولية" مركزه سويسرا، ان الدول النفطية قلّصت احتياطها المسعّر بالدولار إلى أدنى مستوى في السنتين الماضيتين، وحوّلت جزءاً من إيرادات النفط إلى اليورو والين والإسترليني، بحسب ما أفادت صحيفة "فاينانشال تايمز"، التي لفتت إلى ان هذه الأرقام"تؤكد توقعات الأسواق ان ابتعاد المستثمرين العالميين عن الدولار قد يؤدي إلى تراجع قيمته عالمياً". وأفاد التقرير ان روسيا وأعضاء"أوبك"خفّضوا حصّة الدولار في محافظهم من 67 في المئة في الفصل الأول من السنة الجارية إلى 65 في المئة في الفصل الثاني، في حين رفعوا حيازة اليورو من 20 إلى 22 في المئة، علماً ان 70 في المئة من احتياطهم كان مقوماً بالدولار في الأشهر ال18 الماضية. ولفت التقرير إلى ان"مراقبة سرعة تحويل الاحتياط من الدولار إلى عملات أخرى، تساعد في فهم سبب تراجع الدولار إلى أدنى مستوى أمام اليورو في الأشهر العشرين الأخيرة، وإلى أدنى مستوى أمام الجنيه الإسترليني في 14 سنة". وأوضح ان"هذه النسب تشكل جزءاً يسيراً من الأصول الإجمالية، لكنها تشير إلى تحوّل عن الدولار لدى الدول المصدّرة للنفط، وتعطي مؤشراً مهماً عن التوجه المستقبلي للأسواق". وأضاف ان في المرّة الأخيرة التي عمدت فيها الدول المصدّرة للنفط إلى خفض احتياطها المسعر بالدولار، في نهاية 2003، ارتفع اليورو إلى مستوى قياسي أمام الدولار. وفي التفاصيل، تراجعت ودائع مجموعة"أوبك"المسعرة بالدولار حوالى 5.3 بليون دولار، لصالح الودائع المسعرة بالين ارتفعت بواقع 3.8 بليون دولار واليورو 2.8 بليون دولار. كما ان قطر خفضت ودائعها الدولارية حوالى 2.4 بليون دولار، وإيران 4 بلايين دولار. أما روسيا، فرفعت ودائعها حوالى 5 بلايين دولار، لكن معظم المبلغ الإضافي 16 بليون دولار كان باليورو. وتشير إحصاءات صندوق النقد الدولي الأخيرة إلى ان الدول المصدّرة للنفط أصبح لديها فائض في الحساب الجاري يصل إلى 500 بليون دولار، بفضل ارتفاع أسعار النفط العالمية، ما يشكل ضعفي فائض الحساب الجاري للصين، على سبيل المقارنة. الدولار ما زال متقدماً من جهة أخرى، أفادت مجلة"دير شبيغل"الألمانية، مستندة إلى تقرير"مصرف التسويات الدولية"نفسه، ان الدولار ما زال يتقدم على اليورو ك"أفضل عملة للاحتياط العالمي"، إذ ما زال يقتطع 66 في المئة من قيمته الإجمالية. لكن الجنيه الإسترليني تقدّم على الين الياباني، إذ ارتفعت حصته من احتياط المصارف المركزية العالمية من 5 إلى 12 في المئة، خلال 15 سنة، مقابل تراجع حصّة الين إلى 5 في المئة. وأضافت المجلة نقلاً عن التقرير ان على رغم تقدمه، لم يستطع اليورو بعد ان ينافس الدولار على موقع"العملة المفضلة للاحتياط الأجنبي العالمي"، عازيةً السبب إلى ان"أدوات الاستثمار المسعرة بالدولار ما زالت تتقدم على نظيرتها الأوروبية من حيث حجمها ونوعيتها والسيولة المتوافرة". أسواق المال وفي معرض تناوله آفاق الاقتصاد العالمي، أشار التقرير إلى ان أسواق المال العالمية متفائلة بأداء الاقتصاد العالمي وترى استقراراً في تراجع الاقتصاد الأميركي، إذ تعافت الأسواق من التهافت على البيع الذي سجل في شهري أيار مايو وحزيران يونيو الماضيين. وأظهرت ان أحداثاً عدّة، من ضمنها التحركات السريعة لأسعار العملات العالمية على رأسها الدولار فشلت في إحداث الضغوط على أسعار الأصول العالمية، كما ان"تراجع أسعار النفط الخام العالمية في أيلول سبتمبر وتشرين الأول أكتوبر الماضيين، لعب دوراً رئيساً في استقرار أسعار التضخم في أسواق رئيسة عدّة، ما انعكس إيجاباً على اقتصاداتها وعلى أسواق المال".