استبق البيت الأبيض تقرير لجنة بيكر - هاملتون التي يتوقع أن توصي بالاعتماد على الدول المجاورة للعراق، خصوصاً ايران وسورية للخروج من المأزق، بتحرك مباشر في اتجاه هذه الدول، فبعد زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني للسعودية، تأتي زيارة الرئيس جورج بوش للأردن الأربعاء المقبل، حيث يتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وفي هذا الاطار تأتي أيضاً زيارة الرئيس جلال طالباني لايران اليوم. وفيما تمنى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أن يخرج اللقاء الذي يستضيفه بنتائج"درامية"من شأنها"الحد من الاقتتال المذهبي في العراق". وحذر من احتمال اندلاع ثلاث حروب أهلية في المنطقة تمتد من بغداد الى فلسطين فبيروت، أكدت مصادر قريبة من البيت الأبيض ل"الحياة"أن"النفوذ الايراني"في العراق وخيارات الاستراتيجية الأميركية الجديدة لدعم حكومة المالكي سياسياً وأمنياً في وجه هذا النفوذ ستتصدر جدول المباحثات. ولكن على رغم كل هذه التحركات، استمر الاقتتال المذهبي في العراق، فقتل أمس أكثر من 33 عراقياً وثلاثة جنود أميركيين. وخطف مسلحون 21 آخرين في قرية تابعة لمحافظة ديالى، حيث تتوقع العشائر هجوماً أميركياً بحجة وجود تنظيم"القاعدة". واستقبل سكان مدينة الصدر المالكي أمس بتظاهرات معادية له وحمّلوه مسؤولية المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص الخميس الماضي. في واشنطن قالت مصادر قريبة من الادارة الأميركية ل"الحياة"إن بوش، ترافقه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس سينقل الى المالكي"قلقاً جدياً من تنامي النفوذ الايراني في العراق"ومن العلاقة الوثيقة بين بعض الميليشيات وطهران. وقالت المصادر إن الادارة الأميركية تدرس خيار زيادة عديد قواتها في المرحلة المقبلة لمواجهة التحدي و"إعادة ترتيب الأوراق العسكرية والسياسية في بغداد". ويصل بوش الى الأردن الأربعاء بعد مشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي المنعقدة في لاتفيا. وسيلتقي العاهل الأردني والمالكي وسبق هذا اللقاء اجتماع بين العاهل الأردني ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان أول من أمس اللذين دانا"العنف الطائفي"في العراق، وفقاً لما نقلته وكالة الانباء الاردنية الرسمية بترا. وشددا على"أهمية تعاون الدول المجاورة لمساعدة العراق على تخطي الأزمة التي يمر بها في هذه المرحلة". واعتبر اردوغان استضافة الاردن بوش والمالكي"خطوة ايجابية تأتي في ظروف دقيقة". وكانت الاجراءات الأمنية والسياسية الحكومية والاميركية فشلت في وقف التدهور الأمني الخطير في العراق مع تصاعد حملة التصفيات الانتقامية التي اعقبت تفجيرات الخميس الدامية في مدينة الصدر، حيث رشق غاضبون في معقل ميليشيا"جيش المهدي"رويترز موكب المالكي بالحجارة امس، خلال حضوره مراسم تأبين نحو 202 سقطوا ضحايا التفجيرات. واعلنت مصادر في الشرطة مقتل عشرة اشخاص، ثمانية منهم بانفجار سيارة مفخخة وسط سوق شعبية جنوببغداد، وفي بغداد، قالت مصادر امنية ان"شخصين قتلا على الأقل وأصيب اثنان آخران في سقوط قذائف هاون قرب حسينية الرسول في حي الكرادة". واضافت المصادر ان"خمس قذائف هاون سقطت في الاعظمية، شمال بغداد، من دون معرفة الخسائر". وحمّل المالكي الذي يستعد لمغادرة بغداد الى عمان القيادات السياسية مسؤولية تفاقم أعمال العنف الطائفية، مؤكداً في مؤتمر صحافي مع عدد من قادة الكتل السياسية ان"السياسيين وحدهم يستطيعون انقاذ البلاد من هذه الأزمة القائمة والتي لن تنتهي بسهولة اذا استمرت مجاري الدم العراقي بالطريقة ذاتها"، لافتاً الى ان"الاجتماعات المستمرة التي عقدها المجلس السياسي للأمن الوطني على مدى يومين متواصلين تهدف الى ترتيب الملف السياسي"فيما انتقد رئيس مجلس النواب محمود المشهداني في تصريح الى"الحياة"عدم التزام الكتل السياسية المواثيق التي تم التوقيع عليها في وقت سابق لحقن الدماء. وأكد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية التزام كتلة"التوافق"الشراكة القائمة في العملية السياسية". طالباني قال، من جهته، عشية مغادرته الى طهران للاجتماع بالرئيس احمدي نجاد ان الحل في العراق يجب ان يكون امنياً وسياسياً ولن ينفع الحل الأمني وحده.