حاول الرئيس الايراني الجديد محمود احمدي نجاد توجيه رسائل سياسية فيها الكثير من الغموض نحو الداخل والخارج، وذلك في أول اطلالة اعلامية له بعد انتخابه. وسعى احمدي نجاد الى تفجير مفاجأة تتعارض مع ما كان متوقعاً من انفتاح ايراني نحو واشنطن في المرحلة المقبلة. وقال:"ايران ليست في حاجة ماسة للعلاقة مع اميركا". راجع ص 8 ورأى احمدي نجاد، في مؤتمر صحافي أمس، أن أي دولة لا تبحث عن العداء مع ايران"تحظى بأهمية في علاقاتنا الخارجية"، مؤكداً سعي بلاده الى تعزيز علاقاتها الدولية على أساس من"الشفافية والوضوح والسلام والعدالة"، مشيراً الى ان تنمية هذه العلاقات"لن تقتصر على الجانب السياسي، بل تتعداه الى الجوانب الاقتصادية والثقافية". وفي الشأن النووي، تراجع احمدي نجاد في شكل لافت عن مواقف سلبية كان قد أطلقها خلال حملته الانتخابية وغمز فيها من قناة المفاوض الايراني و"تراخيه"في الدفاع عن المصالح الايرانية، ما دفع وزارة الخارجية في حينها الى التأكيد للمجتمع الدولي ان سياسات ايران الدولية، خصوصاً في الملف النووي، لن يطرأ عليها أي تغيير او تعديل. وأعلن الرئيس المنتخب انه لن يجري أي تعديل على الفريق الايراني المفاوض مع الاوروبيين، لأن هذا الفريق"موضع ثقة الحكومة والقيادة الايرانية". وأكد ان ايران ستتابع المسيرة التي بدأتها في التفاوض مع الدول الاوروبية من أجل تعزيز الثقة والشفافية في ما يتعلق بنشاطاتها النووية، داعياً الاوروبيين الى التزام تعهداتهم التي قطعوها لبلاده. لكنه أكد ان الحصول على التكنولوجيا النووية حق طبيعي ونهائي لايران وشعبها، وان حكومته لا يمكن ان تتخلى عن هذا الحق لأنه بات يشكل ضرورة للتقدم. وعن علاقات ايران بجوارها العربي، أكد احمدي نجاد ان"الخليج الفارسي هو خليج للسلام والصداقة، وان الدول المجاورة خصوصاً الدول العربية، تحتل الاولوية في علاقتنا، وان ايران بيت لكل الشعوب الاسلامية". وأشار الى الخطوات الايجابية والجيدة التي أجريت في زمن حكومة خاتمي ازاء هذه الدول، مؤكداً ان خطوات أكبر ستحدث في العلاقات مع الدول الاسلامية والاقليمية. وعلى الصعيد الداخلي، سعى احمدي نجاد للظهور بمظهر الرئيس القادر على استيعاب كل الاطراف في محاولة لتأكيد استقلاله عن كل التيارات السياسية، فوجه رسائل ايجابية لمنافسه السابق هاشمي رفسنجاني والرئيس المنتهية ولايته محمد خاتمي. وتعهد ان تواصل حكومته الانجازات التي حدثت على صعيد البناء واعادة البناء والاصلاحات الاجتماعية. وقال:"سأتابع برامجهم المنتجة لملء النواقص وازالة المشاكل التي فيها". وأكد، في اشارة الى عدم اعتماد سياسة التشفي من معارضيه، انه سيلجأ للاستفادة من القدرات الايرانية في الادارة والى استيعاب جميع الموظفين المنتجين اياً كان انتماؤهم السياسي، وذلك من اجل بناء دولة قادرة على التزام الشعارات التي أطلقتها لخدمة الشعب وتقليص الفوارق الطبقية. وأبدى عزمه على اعتماد اللامركزية الادارية في الانماء، والتقليل من مركزية العاصمة طهران في الادارة، اضافة الى القيام باصلاحات في النظامين النقدي والمالي الايراني. وفي الجانب الاقتصادي، شدد احمدي نجاد على ان حكومته ستعمل على اصلاح وتعديل القوانين لتعزيز الاستثمارات الداخلية والخارجية، معترفاً بوجود عوائق أمامها. وأشار الى ان عدم التنسيق في القرارات قلل من أمن الاستثمارات، وان التعديلات التي سيقترحها ستساعد على تعزيز أمن الاستثمار، مضيفاً ان حكومته ستستفيد من كل الاستثمارات الداخلية والخارجية لاعمار ايران.