بعد أبحاث استمرت 20 سنة أعلن الباحثون الفرنسيون من المعهد الوطني للصحة ومعهد المتابعة الصحية في مدينة تولوز ان التلوث الناجم عن غاز الأوزون له أثر مدمر للصحة. فقد اسفرت الدراسة التي قام بها الباحثون ضمن مشروع عالمي يحمل اسم"مونيكا"انه في كل مرة يرتفع فيها مستوى الاوزون في الجو بمقدار خمسة ميكروغرامات في كل متر مكعب من الهواء يزداد خطر التعرض لانسداد الشرايين في القلب بنسة 5 في المئة. وفي المقابل لم يجد المشرفون على الدراسة أي صلة ما بين الملوثات الاخرى مثل ثاني اوكسيد الآزوت وثاني اوكسيد الكبريت والاصابة بانسداد الشرايين، وهذه هي المرة الاولى التي يبين فيها العلماء وجود علاقة مباشرة بين التلوث بالأوزون والازمات القلبية بعدما كان الرأي المأخوذ به سابقاً هو ان هذا التلوث يعمل على تفاقم تلك الازمات عند المصابين بها اصلاً. لكن ما هو غاز الاوزون؟ ان الاوزون هو عبارة عن مركب كيماوي يتألف من ثلاث ذرات متحدة من الاوكسجين، وهو غاز غير ثابت له رائحة خاصة نشمها خصوصاً في الغرف المغلقة غير المهواة التي تحتوي على ناسخات كهربائية قديمة او حتى يمكن التعرف الى تلك الرائحة في الخارج بعد حدوث عاصفة رعدية مشحونة كهربائياً. ان المكان الطبيعي لغاز الاوزون هو طبقات الجو العليا التي تبعد عن رؤوسنا مسافة تقدر ب15 الى 45 كيلومتراً حيث يقوم على حماية الارض من الاشعاعات فوق البنفسجية الصادرة عن وهج الشمس. ويمكن للأوزون ان يتواجد في طبقات الجو المحيطة بنا في الطقس الحار بفعل الاشعة فوق النفسجية ومع وجود تراكيز عالية من غاز اوكسيد الآزوت والجسيمات العضوية الطيارة، وأعلى مستوى للأوزون نجده بين الساعة 12 ظهراً والثامنة مساء، وبما ان كمية الهواء المستنشقة تزيد حتى العشرين مرة خلال المجهود الرياضي العنيف لذا ينصح الرياضيون بتحاشي تلك الفترة 12 ظهراً ? 8 مساء لأنها تكون مركزة بغاز الأوزون. ما هو تأثير الاوزون على الصحة؟ يملك الاوزون خاصة مؤكسدة قوية، من هنا فإنه يسبب عدداً من المشاكل الصحية التي تختلف حدة وشدة من شخص الى آخر، وهذه المشاكل يمكن اجمالها على الشكل الآتي: اذا كان تركيز الاوزون يراوح بين 180 و240 ميكروغراماً في كل متر مكعب من الهواء فإن القدرة التنفسية تقل بنسبة 5 في المئة وسطياً عند الاشخاص العاديين وترتفع هذه لتبلغ 10 في المئة عند الاشخاص ذوي الحساسية المفرطة. الى جانب ذلك قد يشكو بعضهم من تخرش في العينين ومجاري الهواء ومن السعال. اذا كان تركيز الاوزون يراوح بين 240 و360 ميكروغراماً لكل متر مكعب من الهواء فإن القدرة التنفسية تتدنى بنسبة 5 الى 15 في المئة لتصل الى 10 الى 30 في المئة عند الاشخاص الحساسين. ايضاً هناك شكاوى قد تطفو على السطح مثل تخرش العينين وتخرش الحلق والسعال وآلام في الصدر والربو عند الاشخاص المستعدين وتفاقم المشاكل الصحية عند اولئك الذين يعانون من ازمات تنفسية مزمنة. اذا زاد تركيز الاوزون على 360 ميكروغراماً في كل متر مكعب من الهواء فإن المظاهر الناتجة منه تكون ناطقة وتشمل: - هبوط القدرة التنفسية على الاقل 15 في المئة لتصل الى 30 في المئة وما فوق عند الاشخاص الحساسين. - السعال المستمر. - آلام في الصدر. - الربو القصبي. - الشعور بالإختناق والدوخة والغثيان. - تدهور الحال الصحية عند المصابين بأمراض تنفسية مزمنة. ما العمل لتجنب مخاطر الاوزون؟ - لقد ذكرنا اعلاه ان الاوزون هو ملوث ثانوي أي انه ينتج من فعل الاشعة فوق البنفسجية للشمس على بعض المكونات التي تسبح في الهواء مثل الجسيمات الدقيقة الطيارة وغاز أوكسيد الآزوت وهذه بدورها تأتي اساساً من الادخنة المتصاعدة من عوادم السيارات والطائرات النفاثة والمصانع وأجهزة التبريد والتسخين وغيرها، وبناء على هذا فإن الانسان قادر على تقليص تشكل الاوزون من خلال التدابير الآتية: 1- الحد من استعمال وسائل النقل الخاصة. 2- استعمال وسائط النقل العامة. 3- التنقل مشياً او على الدراجة عندما تكون المسافة قصيرة. 4- تحديد سرعة السيارات والشاحنات ايام ارتفاع نسبة التلوث. 5- استعمال الدهانات المائية بدلاً من الدهانات البترولية. 6- الحد من المنشآت التي تنفث الملوثات في الجو. مسك الختام لا بد من التنويه بأمرين: الاول هو ضرورة منع الاطفال من ممارسة الرياضة في الايام التي يكون فيها الجو مشبعاً بغاز الاوزون، ففي دراسة اميركية تمت في لوس انجليس قام الباحثون بمتابعة 3500 طفل كشفت نتائجها عن اصابة اكثر من 260 طفلاً بداء الربو بسبب ممارستهم الرياضة في الايام التي كانت ملوثة بالأوزون، ايضاً لفتت الدراسة الى ان خطر تعرض الاطفال للربو يتضاعف 4 مرات عند الصغار الذين يسكنون في امكنة مشبعة بالأوزون ويمارسون الرياضة في الهواء الطلق مقارنة مع آخرين يمارسون الرياضة ويقطنون مناطق غير ملوثة بالأوزون. اما الامر المهم الآخر فهو ان الاوزون يمكن ان يتواجد داخل المساكن وهو آت من الاوزون الذي يتشكل في الخارج. وتدل التقديرات الى ان نسبة تركيز هذا الغاز في جو المنازل يعادل نصف تركيزه في الجو الخارجي، وبما ان هذا الاخير يكون مفعماً بالأوزون ما بين منتصف الظهيرة والساعة الثامنة مساء لذا ينصح بفتح الشبابيك وتهوية المنازل خارج إطار تلك الفترة.