قبل ساعات من إفطار ليلة أول من أمس السابع والعشرين من شهر رمضان، أصر محمد مسفر الزهراني، أحد رجال الدوريات الأمنية في العاصمة المقدسة الذي تعرض لإطلاق أعيرة نارية مجهولة أثناء تأديته عمله، على تقبيل يدي والدته. لم تكن والدته تعلم أن اللهفة الشديدة التي ظهرت عليه، وشعر بها جميع أفراد أسرته منذ تناولهم وجبة الإفطار معاً عقب صلاة المغرب، ستكون آخر لقاء به قبل أن تطلق عليه رصاصات مجهولة. الجندي الزهراني، وبحسب التقارير الطبية، حاله الصحية غير مطمئنة، وهو يرقد حالياً في قسم العناية المركزة في أحد مستشفيات مكةالمكرمة، وتشير المعلومات الى أنه توفي"دماغياً". وكان الزهراني نقل فور الحادثة إلى مستشفى الملك عبد العزيز، ومنها إلى مستشفى النور التخصصي، حيث أجريت له جراحة في المخ لاستخراج الرصاصة التي استقرت في رأسه. وزارت"الحياة"الجندي الزهراني في غرفة العناية المركزة، والتقت عدداً من أقاربه الذين تجمعوا في المستشفى داعين أن تنقذه العناية الإلهية. وأوضح محمد الزهراني جد الجندي محمد لأمه أن حفيده هو العائل الوحيد لأسرته بعد وفاة والده، إذ يعول والدته وزوجته و11 أخاً شقيقاً، أحدهم معاق، وهو مستأجر المنزل الذي يسكن فيه هو ووالدته وإخوته. ويحكي صهره محمد علي الزهراني ما حدث في الساعات الأخيرة قبل حادثة ليلة أول من أمس، قائلاً:"ودع الجندي والدته وزوجته وأفراد أسرته، وكأنه يدرك أن تلك اللحظات لن تتكرر في عينيه، وغادر منزله الواقع في ضاحية الشرائع في مكةالمكرمة، متوجهاً لأداء واجبه في المشاركة مع بقية زملائه رجال الأمن في الحفاظ على أمن المواطنين والمعتمرين، وقاصدي بيت الله الحرام". وأضاف:"بحسب الروايات لم تمر سوى ساعتين تقريباً، وأثناء قيامه بأداء مهام عمله، وتحديداً خلال وجوده في أحد المواقع المجاورة لفندق إنتركونتيننتال، انهال الرصاص على الدورية لتستقر إحدى تلك الطلقات في رأسه". "الحياة"زارت موقع الحادث، وروى لها شهود رغبوا في عدم الكشف عن هوياتهم ما حدث، بالقول:"كانت سيارة الدورية وبداخلها الجندي الزهراني ورفيقه مرابطة في موقع بالقرب من فندق في حي أم الجود، وفجأة ظهرت سيارة من طراز"لاند كروز"كانت تسير بعكس اتجاه السير، فتحركت الدورية لإيقافها، لكن قائدها رفض التوقف، وانطلق الرصاص من داخلها". وبحسب الشهود"كان في السيارة شخصان، وهما من أطلق النار على الدورية، فاخترقت رصاصة زجاج السيارة واستقرت في رأس الجندي الزهراني، في حين تفادى الجندي الآخر الطلقات، وارتطمت سيارة الدورية أخيراً بشجرة واستقرت في مكانها". وعلمت"الحياة"أن أكثر من 40 دورية وعدداً من فرق البحث الجنائي في شرطة العاصمة المقدسة، قامت فور وقوع الحادث بتمشيط حي أم الجود وجميع الأحياء المجاورة للموقع بحثاً عن الجناة. من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي في تصريح الى"الحياة""أن الحادثة التي وقعت في العاصمة المقدسة هي اعتداء على رجل أمن أثناء تأدية عمله، في خدمة الزوار والمعتمرين القاصدين بيت الله الحرام". وأضاف:"ان التحقيقات لا تزال جارية لمعرفة أسباب ودوافع الجريمة".