يبدو من المواقف المتشددة لكل من موسكو وكييف حيال مسألة اسعار الغاز الروسي المصدّر لأوكرانيا ان الجانبين لن يتمكنا قريباً من التوصل لتسوية مرضية. وعلى الأقل فإن علينا انتظار الفصل الأول من العام القادم لنرى تقدماً على هذا الصعيد. والحديث يدور على اسعار الغاز وعلى أجور نقله الى أوروبا. وربما ينتهي الجدل القائم الى صيغة تتلقى أوكرانيا بموجبها كميات محدودة من الغاز، وترد كييف بدورها على ذلك، وتقنين كميات نقل الغاز من روسيا الى أوروبا. فأوكرانيا هي أكبر ممر لتصدير الغاز الروسي يضخ عبر اراضيها 130 بليون متر مكعب للغاز في السنة، أي ثلاثة ارباع صادرات الغاز الروسي، وحوالى ثلث كمية الغاز التي تستهكلها بلدان الاتحاد الأوروبي. وتقنين نقل الغاز الروسي ينزل من غير شك نكسة في تزويد اوروبا بالطاقة، ولكنه يلحق في الوقت نفسه ضرراً كبيراً جداً بسمعة روسيا. ويقول السياسيون الأوروبيون ان حدوث مشكلات في ضمان نقل الغاز الروسي يؤدي الى اشد العواقب، بما فيها إعادة النظر في شروط استيراد الغاز وفقاً للعقود الطويلة الأمد التي توليها شركة"غازبروم"، كبرى شركات الغاز الروسية عناية كبيرة. والحق ان مواقف روسيا في المفاوضات على اسعار الغاز ليست بناءة. فرفع الاسعار، فجأة مرتين او ثلاث مرات، يفوق التوقعات كلها. ولا مثيل في الأسواق الطبيعية لهذا التصرف. ولم يتخذ حتى الاتحاد السوفياتي مثل هذا الموقف المتشدد. فهو زود الغرب بالغاز في زمن التهديد بالحرب النووية معه، من غير تلكؤ ولا مزاودة. عن فلاديمير ميلوف رئيس معهد سياسة الطاقة، "موسكوفسكيه نوفوستي" الروسية. 23/12/2005