أعاد العمل في معبر رفح الحدودي أمس رسم الابتسامة على شفاه الفلسطينيين والأمل في نفوسهم بتحررهم ولو قليلا من قيود السجن والسجان الاسرائيلي الذي لا يزال يصّر على أن يرصد كل حركاتهم وخفقاتهم من خلال 36 آلة تصوير فيديو موصلة بغرفة مراقبة مشتركة في معبر"كيرم شالوم". وأبدى المسافرون، المغادرون والقادمون، ارتياحهم للاجراءات السريعة والسهلة في معبر رفح من جانب الموظفين الفلسطينيين، الا أن بعضهم الآخر أبدى امتعاضه نتيجة بطء هذه الاجراءات نسبياً. كما أبدى المراقبون الأوروبيون ارتياحهم لحسن سير العمل وفوجئوا بقدرة الموظفين الفلسطينيين على ادارة العمل في المعبر بطريقة أثارت اعجابهم. واجتاز المعبر من قطاع غزة الى مصر نحو 600 مسافر أمس خلال الساعات الأربع التي تم خلالها العمل في المعبر في يومه الأول بعد افتتاحه رسمياً أول من أمس بمشاركة الرئيس محمود عباس ووزير الشؤون المدنية محمد دحلان والمبعوث الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط مارك أوتي، ومدير المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان ومسؤولين عرب وأوروبيين وأميركيين. واللافت أن آلات التصوير ال36 المثبتة في صالات المعبر وأروقته وخارجها بثت أمس بثاً مباشراً لغرفة العمليات المشتركة الفلسطينية - الاسرائيلية الموجودة في معبر"كيرم شالوم"فيما قام مراقبون فلسطينيون بمتابعة خمسة أجهزة حاسوب كانت تنقل إليها هذه الكاميرات كل حركة في المعبر. وانفردت"الحياة"بالدخول الى غرفة المراقبة في المعبر، وكان ثلاثة موظفين مدنيين فلسطينيين يجلسون أمام شاشات الأجهزة الخمسة ويراقبون سير العمل في المعبر في صالتي المغادرين والقادمين وصالة كبار الزوار على نحو أثار اعجاب المراقبين الاوروبيين كما قال ل"الحياة"مدير أمن المعبر الرائد أسامة العصّار. وأضاف العصار أن أفراد الأمن والجمارك الفلسطينيين يقومون بعملهم على أكمل وجه، ما أثار إعجاب المراقبين الأوروبيين الذين فوجئوا بالمستوى المهني المرتفع لديهم. وأكد العصار ل"الحياة"ان آلات التصوير تقوم بالبث المباشر الى الغرفة المشتركة في"كيرم شالوم"داحضاً بذلك أي تصريحات بأن البث لن يكون مباشراً. وشدد على حرص الجانب الفلسطيني على تسهيل دخول الفلسطينيين وخروجهم من المعبر بصورة ميسرة، مشيراً الى الفارق الكبير في ادارة المعبر حالياً عنها في زمن الاحتلال. وقد اشار الى هذا الفارق ايضاً كثير من المواطنين المغادرين للقطاع والقادمين إليه. وأعرب كثيرون ممن تحدثت"الحياة"اليهم عن الراحة النفسية التي شعروا بها اثناء وجودهم في المعبر الخالي تماما من قوات الاحتلال وأجهزته الأمنية، فيما أشار آخرون الى سهولة ويسر الاجراءات المتبعة في المعبر، ولفت آخرون إلى السرعة التي تمت بها هذه الاجراءات. الا أن مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان المحامي راجي الصوراني لفت الى عدم وجود سيادة فلسطينية على المعبر، مشدداً على أن السيادة هي لفريق المراقبين الأوروبيين. وانتقد الصوراني الذي كان متوجهاً الى العاصمة البريطانية لندن الاتفاق الفلسطيني الاسرائيلي الذي بات يعرف باسم"اتفاق رايس"، مشيراً إلى آلات التصوير والقوائم السوداء وغير ذلك من أشكال التدخل الاسرائيلي في حياة الفلسطينيين. من جانبه، أبدى يوخن مولر المستشار الإعلامي للمبعوث الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط مارك أوتي ارتياحه لسير العمل في المعبر. وحرص يوخن في حديثه ل"الحياة"على القول إنه ليس خبيراً أمنياً، الا انه لفت الى ان العمل في المعبر يبدو جيداً، واصفاً اعادة فتح المعبر بأنه يوم مهم. وكذلك فعل روس الان من القنصلية البريطانية في القدسالمحتلة الذي اشاد بقدرة الفلسطينيين على ادارة العمل في المعبر. وأبدى الان في حديث ل"الحياة"ارتياحه لحسن سير العمل في المعبر وتعاون الأوروبيين مع الفلسطينيين في هذا الشأن. بدوره، جال دحلان في صالات المعبر، قبل ان يلتقي في احدى غرف المعبر أوتي الذي أجرى جولة هو الآخر في المعبر برفقة رئيس فريق المراقبين الأوروبيين الجنرال الايطالي بيتيرو بيستوليزي. وعقد دحلان وأوتي وبيستوليزي مؤتمراً صحافياً في اعقاب ذلك أعلن خلاله دحلان انه تم الاتفاق مع الاوروبيين على زيادة عدد ساعات العمل في المعبر ساعة واحدة لتصبح خمس ساعات اعتباراً من اليوم الأحد. وقال دحلان انه في حال استمر العمل بهذه الطريقة"فهذا الشيء يبشر بالأمل ويدعو الى كثير من التفاؤل". وأضاف:"اذا كانت لاسرائيل تحفظات ستكون هذه التحفظات عن طريق الطرف الثالث، ونحن سننظر فيها ثم نأخذ القرار المناسب ولكن في شكل عام نحن لن نمنع أي فلسطيني من المغادرة والسفر، الا اذا كانت لدى وزارة الداخلية واجهزة القضاء ملاحظة على هذا المسافر، سواء لأسباب اقتصادية أو جنائية أو أمنية، أما الطرف الثالث فلا دخل له مطلقاً".