الدكتورة كوندوليزا رايس وزارة الخارجية الأميركية واشنطن سعادة الدكتورة رايس تحية طيبة مع دعائي لك بالتوفيق الشخصي والعملي. قبل الدخول في الموضوع أعترف لك بأنني أعارض السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. لا أعارض مجمل السياسة الخارجية الأميركية، أو أي سياسة أميركية اخرى، وإنما ذلك الجزء الخاص بمنطقتنا فقط، وأعتبر نفسي بالتالي أكثر اتفاقاً مع ادارة الرئيس جورج بوش من أقرب حلفائه أمثال توني بلير. ثم ان أسرتي المباشرة والواسعة تضم أعضاء كثيرين من المواطنين الأميركيين على مدى جيلين، وهم يدينون بالولاء للولايات المتحدة قبل أي بلد آخر. أعترف كذلك بانني لم أكن في صفّك عندما برز اسمك بعد فوز جورج بوش بالرئاسة سنة ألفين، الا انني تحوّلت الى جانبك تدريجاً، وأنا أرى أنك أكثر أركان الادارة قدرة وأعمقهم ثقافة وأجرأهم في الحق. وفي حين ليست عندي مواهب كثيرة فإن بين قدراتي المحدودة ملاحظة الاشياء الصغيرة، وقد لاحظت انك في خلافات كولن باول مع ديك تشيني ودونالد رامسفيلد، وقفت الى جانب سلفك في الوزارة. ثم لاحظت الشهر الماضي ان خطابك في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلا من اشارة الى الانسحاب الاسرائيلي من غزة، وفهمت انك لا تعتبرينه إنجازاً يستحق آرييل شارون التهنئة عليه. وكلمة أخيرة قبل ان أدخل في الموضوع، فمنذ سنتين، أو أكثر وأنا أؤيد عملك، وأجد لك الأعذار، وقد أيدت عمل كارين هيوز ودينا باول وتمنيت لهما النجاح ودافعت عن جون نغروبونتي فانا أعارض أو أؤيد بعينين مفتوحتين. والآن أدخل في موضوع هذه الرسالة، فأنا أريد ان تنجحي في عملك، لذلك أضع بتصرفك معلومات، لا أي رأي شخصي، وأعرف انك اذكى من ان تخدعي بي أو بغيري، فلا أقول سوى ان معلوماتي من مصادرها الأولية المباشرة، أو فم الحصان، وهي بالتالي أفضل من التقارير الديبلوماسية والاستخباراتية التقليدية. الرئيس محمود عباس رجل سلام، ولن تجدوا زعيماً فلسطينياً أفضل منه اذا كنتم تريدون السلام. والفلسطينيون منقسمون بين من يريد ان يقاوم، ومن يريد ان يفاوض ويقاوم، ومن يريد ان يفاوض. ياسر عرفات، رحمه الله، كان من النوع الثاني، وأبو مازن من النوع الثالث، مع بقاء فصائل فلسطينية معروفة من النوع الأول، أي المقاومة فقط. ومنذ سنوات وأنا طرف في كل عملية تهدئة او هدنة فلسطينية، أنقل الرسائل من والى، وأستعمل ما عندي من صداقات ونفوذ لدفع الجميع نحو وقف العمليات الانتحارية، وفي كل هذا الجهد كان أبو مازن في صف وقف العنف والسير نحو السلام. اذا ساعدتم أبو مازن تساعدون أنفسكم، لأن القضية الفلسطينية هي الأساس لكل عربي ومسلم. في المقابل، آرييل شارون عدو السلام، وهو ترك قطاع غزة معسكر اعتقال بعد ان كان ارضاً محتلة، وأفضل ان أتكلم عنه معك بالأرقام، فهي لا تكذب. بين 29/9/2000 و30/9/2005، أو خمس سنوات كاملة وأرقامي اسرائيلية قتل 3330 مدنياً فلسطينياً في مقابل 668 مدنياً اسرائيلياً، ومن بين هؤلاء الضحايا 660 قاصراً فلسطينياً في مقابل 117 قاصراً اسرائيلياً، واذا كان قتل المدنيين غير المقاتلين ارهاباً، فقد كانت حكومة شارون أكثر ارهابية بخمس مرات أو ست من الفصائل الفلسطينية مجتمعة. وأرقام اخرى: شارون انسحب من 19 ميلاً مربعاً في قطاع غزة وضم 23 ميلاً مربعاً من أراضي الضفة الغربية منذ تموز يوليو، وهو أجلى 8500 مستوطن من القطاع وترك 14 ألف مستوطن يدخلون الضفة، وهناك بناء محموم مستمر في مستوطنات الضفة، ما يعني تدمير فرص السلام. يا سيدتي، الجدار قسم ملعب مدرسة الصبيان في عناتا نصفين، والارض ألحقت بمستوطنة. آرييل شارون هو كيس الفحم الذي نقول بالعربية انه كيفما أمسكت به يطلع الوسخ على يديك. ويدا الادارة الاميركية تتسخان بالتعامل مع مجرم الحرب هذا، فتزيد العداء لها بين 1.2 بليون عربي ومسلم. وأتفق معك تماماً على ان ما يوجد الآن في العراق هو ارهاب، وكل عربي أو مسلم يدافع عنه يصبح شريكاً فيه، كما ان المحافظين الجدد الذين يدافعون عن جرائم شارون، شركاء في قتل بنات المدارس الفلسطينيات. واجبنا جميعاً ان نساعد شعب العراق على دحر الارهاب، حتى وكثيرون مثلي يعارضون الحرب على العراق والاحتلال والدمار التالي. ونصيحة أخوية: يجب ان يبتعد الأميركيون عن ممارسات تذكّر العراقيين وكل العرب والمسلمين بالممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين. وأنا أتحدث هنا عن سجن أبو غريب، أو تلك القضايا المسجلة والمعروفة، وإنما ألفت نظرك الى الغارات قبل ايام على الرمادي وقتل 90 مسلحاً، فقد أعلنتم مقتل"ارهابيين"، وقال اهل البلدة ان غالبية الضحايا كانوا من المدنيين، ما ذكرني بمزاعم الاسرائيليين بعد كل غارة يروح ضحيتها مدنيون فلسطينيون. وأكمل معك بايران التي تقول ان برنامجها النووي للاغراض السلمية، وهو ربما كان كذلك الآن، الا انني مثلك اعتقد بأنها تريد امتلاك قنبلة نووية في النهاية كبوليصة تأمين في منطقة خطرة. أتحدث كمواطن فأقول انني أريد الشرق الاوسط خالياً من اسلحة الدمار الشامل، ولكن اذا بقيت اسرائيل وحدها دولة نووية، فإنني أؤيد ايران وكل بلد في السعي لامتلاك مثل هذه الاسلحة. وهكذا فأنا معك اذا سعيت لبناء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط، ومع ايران اذا"استفردت"ايران. وفي المناسبة فتحالفها مع سورية قائم ولن يتغير قريباً، وحزب الله لن يتخلى عن سلاحه، ومن يعش يرَ. مع كل تقدير