خالد البحصلي هو الرجل المثالي لمواقع الإنترنت العربية التي تسعى جاهدة للحصول على حصة أكبر من سوق الإعلانات الإلكترونية المتنامية. ولكن لسوء حظ هذه المواقع فان البحصلي مثال نادر. يمضي البحصلي الذي يعمل موظفاً في أحد المصارف ساعات عدة كل يوم على الإنترنت ويشتري سلعاً مثل الكتب والاسطوانات المدمجة والزهور عبر الشبكة من لبنان وخارجه. وقال البحصلي 35 عاماً لرويترز"الإنترنت اكثر أمناً وجاذبية من وسائل أخرى". وأضاف:"أتسوق عبر الإنترنت منذ عام 1996 وأشعر عندما أعطي معلومات بطاقتي الائتمانية عبر الإنترنت بأمان أكثر من الذي أشعر به عندما أعطيها في محطة للبنزين على سبيل المثال". وعلى رغم النمو السريع لسوق الإعلانات عبر الإنترنت عالمياً، فان المواقع الإلكترونية العربية لا تزال تواجه مشكلات في جذب المعلنين أولاً بسبب العدد القليل لمستخدمي الإنترنت وثانياًَ بسبب عدم ثقة الشركات الكبرى بهذه الوسيلة. يقول مصطفى محمد، مدير شركة أدفانتدج، وهي وكالة إعلانات متخصصة في الإنترنت، إن الإنفاق على الإعلانات العربية على الإنترنت زاد من اقل من 250 ألف دولار في عام 1999 إلى ما بين سبعة وعشرة ملايين دولار في عام 2005. لكن هذا الرقم يمثل جزءاً ضئيلاً جداً من سوق الإعلانات العالمية على الإنترنت والذي بلغ حجمه 2.8 بليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2005، بحسب مكتب الإعلان التفاعلي الأميركي. كما يعد هذا الرقم ضئيلاً قياساً إلى حجم الإعلانات في العالم العربي بصفة عامة بما في ذلك الإنفاق الكامل على الإعلان في العالم العربي الذي يشمل التلفزيون والصحف، والذي يقدر أنه سيصل إلى نحو 2.3 بليون دولار في 2005. ويقول محمد، الذي تسوق شركته الإعلانات لمواقع مثل الجزيرة نت ومكتوب دوت كوم، وهو اكبر مواقع البريد الإلكتروني في العالم العربي،"إن سوق الإعلانات عبر الإنترنت في العالم العربي تتحسن ولكن ما زلنا متأخرين عن الغرب بسنوات". وأضاف محمد خلال مقابلة عبر الهاتف من دبي في الإمارات العربية المتحدة"أن الشركات العالمية الكبرى لا تعي أهمية الإنترنت كوسيلة للإعلان في العالم العربي". ويقول محللون إن من الأسباب الرئيسية ان من اصل 280 مليون نسمة هم سكان العالم العربي لا يزيد عدد مستخدمي الإنترنت على 17.2 مليون مستخدم. ويوضح محمد أن المواقع الإلكترونية توفر أسعاراً زهيدة لجذب المزيد من الإعلانات تتراوح ما بين 15 و25 دولاراً لكل ألف مرة مشاهدة مقابل 55 إلى 75 دولاراً في الولاياتالمتحدة. وأضاف أن"هذه الأسعار الزهيدة تساهم في خفض العائد السنوي. كما أن بعض الشركات تنحي باللائمة على الشركات الإعلانية لعدم ترويجها للحملات الإعلانية عبر الإنترنت". ويقول كون أودونيل، الرئيس التنفيذي لشركة سرمدي للاتصالات، وهي شركة مصرية للإعلام الرقمي تدير عدداً من المواقع والخدمات الإخبارية عبر الهاتف المحمول"أن شركات الإعلان لا تدرك تأثير الإنترنت في العالم العربي". ويضيف"يبدو وكأن الأمر يتطلب الكثير من الجهد لتوعية المعلنين وليشرحوا لهم على سبيل المثال أن ما يدفعونه هو مقابل عدد الأشخاص الذين يشاهدون هذه الإعلانات وليس مثل الصحف والتلفزيون". ويرى إياد عبدالخالق، المدير الإعلاني في شركة ستار كوم للإعلام في دبي، أن"العدد الخفيض للمستخدمين يجعل عملية بيع الإعلانات عبر الإنترنت مسألة صعبة". ويقول عبدالخالق في إشارة إلى محرك البحث الأبرز في العالم"نحن ما زلنا لا نملك مواقع مثل غوغل في العالم العربي، وهذا يجعل من الصعب تخصيص موازنات اكبر للإعلانات عبر الإنترنت على حساب الوسائل التقليدية". ووفقاً لإحصاءات من شركة ألكسا، التي ترتب المواقع العربية بحسب عدد الزوار وصفحات المشاهدة، فمن ضمن أول 500 موقع في العالم لا يوجد سوى خمسة مواقع عربية، من بينها النسخة الإلكترونية لصحيفة الأهرام المصرية إضافة إلى مكتوب دوت كوم والجزيرة دوت نت. وتعتمد بعض البوابات مثل أرابو دوت كوم، وهو دليل مواقع إلكتروني تمتلكه إيموكس اللبنانية على غوغل لجلب الإعلانات. فهي تستخدم خدمة غوغل آد سنس، التي تعمل كوكالة إعلانية تضع الإعلانات والروابط على المواقع، ومن ثم تقتسم العوائد معها. لكن بعض الشركات الأخرى تسعى الى موارد دخل مختلفة. يقول سمير إبراهيم، مدير التسويق الإلكتروني في قناة الجزيرة الإخبارية العربية، إن الجزيرة تبيع حق استغلال أخبار ومحتويات موقعها الإلكتروني لمواقع أخرى وستسمح قريباً لمستخدمين بالدفع لمشاهدة البث الحي للقناة عبر الإنترنت. أما بالنسبة لشركة ساركوم المصرية، التي تدير موقعاً في البلد دوت كوم، وهو أحد اكبر المواقع العربية للأخبار والرياضة، فهي تبيع محتويات رياضية وفنية لقنوات تلفزيونية ولمشغلي الهاتف المحمول مثل راديو وتلفزيون العرب وفودافون مصر. أما الشركات التي تقدم خدمات الاتصال بالإنترنت فهي تستخدم مواقعها لتسويق خدمات الاتصال بالإنترنت عبر الهاتف والأنظمة الأكثر سرعة. ولكن على رغم الصعوبات المالية التي أجبرت العديد من مواقع الإنترنت العربية على الإغلاق في السنوات الماضية، يبقى محمد، من شركة نت أدفانتدج، متفائلاً ويتوقع زيادة الإنفاق على الإعلان عبر الإنترنت في العالم العربي إلى ما بين 12 إلى 17 مليون دولار في عام 2006. وقال:"لدينا تحد لمدة سنتين من اجل توعية وكالات الإعلان. من أهدافنا أيضاً زيادة متوسط أسعار الإعلانات... بعد ذلك يمكننا أن ننطلق من هناك".