تتسع شمولية استقطاب رياضات المحركات على انواعها البرية والمائية في منطقة الخليج العربي. وإذا كانت سباقات الراليات عرفت انتشاراً منذ مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي... وازدهرت سباقات الزوارق السريعة لفئة فورمولا في العقد التالي، وشهدت انتصارات عربية في بطولة العالم، ودخلت منذ فترة الى رحاب السعودية... ونظمت البحرين على حلبة الصخير العصرية التي فاقت تكاليفها 157 مليون دولار، الجولة الثالثة من بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد في نيسان ابريل الماضي... فإن قطر تدشن في التاسع من الجاري حلبة "لوسيل الدولية للموتور جي بي"، لتستضيف الجائزة الكبرى ضمن بطولة العالم للدراجات النارية في الثاني من تشرين الأول اكتوبر المقبل، وستكون بدورها الأولى من نوعها في الشرق الأوسط. يُعدّ الاتحاد القطري للسيارات والدراجات النارية اللمسات الأخيرة على التدشين الرسمي لحلبة لوسيل الثانية من حيث المساحة بعد حلبة آسن الهولندية، والتي شيدت في غضون تسعة أشهر كما كشف ل"الحياة" رئيسه الشيخ ناصر بن خليفة العطية على هامش زيارته في الأسبوع الماضي بيروت التي كانت من ضمن محطات الحملة الإعلامية الترويجية للحلبة، وهي معدة في شكل تصاعدي ومن ضمنها ما يبث من خلال شبكة "أر تي أل" الألمانية الفضائية عبر 50 قناة وبلغات عدة، والإعلانات في الصحف والمجلات العالمية المتخصصة، وفي المعارض والمؤتمرات الصحافية في بلدان الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة، متوقعاً ان يحشد السباق الذي يشكل الجولة ال13 من بطولة العالم، وعلى مدار أيامه الثلاثة المتضمنة التجارب الحرة والتأهيلية، نحو 20 ألف متفرج. وتطرق العطية في عرضه الى أسباب اختيار اقامة حلبة للدراجات النارية ونشاطات لهذه الفئة من رياضة المحركات ذات الشعبية الكبيرة، وقال: "سعينا الى ان نكون متميزين في هذا المجال واختزنا رياضة لها تواصلها في الشارع لأن كثراً يقتنون الدراجات ويستخدمونها في تنقلاتهم اليومية، وبعضها تكون من النوعية والفئة والتي يقودها أبرز المشاركين في البطولات العالمية، بعكس سيارات فورمولا واحد التي لا يمكن قيادتها في الشوارع العادية". وأوضح ان الحلبة حصلت على حقوق احدى جولات بطولة العالم على مدى خمس سنوات، وحقوق احدى جولات "السوبر بايك" لثلاثة اعوام، وبإمكانها ان تستضيف ايضاً عدداً كبيراً من نشاطات رياضة المحركات. استثمار مجدٍ وأعد الاتحاد القطري دراسة للجدوى الاقتصادية للحلبة ومردودها المتوقع في السنوات المقبلة، "علماً انها مشروع تتخطى عائداته وتبعاته الإيجابية الجانب الرياضي. وبلغت التكاليف الإجمالية حتى تاريخه 58 مليون دولار، يتوقع ان تعوّض في غضون سبع سنوات كحد اقصى". وفي هذا الإطار، وضعت خطط لتنشيط الحلبة منها اجراء بطولات محلية في المستقبل القريب، ويمكنها استضافة سباق فورمولا واحد بعد اجراء تعديلات طفيفة على مسارها، نظراً لتمتعها بالمواصفات الدولية المطلوبة. وأكد العطية في الوقت عينه ان استقطاب رياضات أخرى للمحركات في اطار برامج بطولات العالم "يتطلب دراسة وافية وهادئة وتنسيقاً مع المشرفين على الاستحقاقات الدولية من دورات وبطولات أخرى مقررة في قطر، لأننا نريد الا تتداخل الأحداث ولتأخذ كل مناسبة حقها من الاهتمام والرعاية والتغطية الإعلامية التي تستحقها". وستقام مناسبات عدة منها فرص الاختبارات للمتسابقين المحليين، وتأجيرها لعدد من الشركات المحلية والعالمية الراغبة في إطلاق منتجاتها او اقامة معارض او اجراء اختبارات لسيارات وإطارات جديدة، ومن ضمنها فرق مصنعة لدراجات بطولة العالم "وبدأت تردنا طلبات كثيرة لحجوزات في هذا الشأن". ويعير الاتحاد القطري اهتماماً ايضاً لطاقات الشباب القطري والعربي الراغب في التخصص في هذا النوع الجديد من الرياضات في المنطقة "ولا سيما ان كثراً تستهويهم رياضة المحركات، وسيكون التركيز الأولي على الانخراط في المجالات التنظيمية والإدارية"، ويتوقع ان يلعب الإعلام المتخصص دوراً كبيراً ايضاً، "فيكون شريكاً تنموياً يتفاعل مع هذه الثقافة الرياضية الجديدة في المنطقة". يشار الى ان تشييد المنشآت تجاوز صعوبة التوفيق والتكامل بين التصميم والبناء في الوقت عينه، ولا سيما ان هذه المرافق تحتاج الى تخصص هندسي قائم بذاته، ونفذت شركات وطنية قسماً كبيراً من التعهدات. وتقع حلبة لوسيل على بعد 20 كلم من الدوحة، ويبلغ طولها 6.5 كلم وعرضها 14 متراً وتحتوي على 16 منعطفاً منحنى، ما يجعلها من اكثر الحلبات إثارة اثناء القيادة والمنافسة. وهي توفر تسهيلات ومزايا عدة منها اماكن الفرق المشاركة ومكاتبها ومرائبها واستراحة كبار الشخصيات ومراكز الخدمة وبرج المراقبة والتحكم والأقسام الإدارية ومقر الاتحاد القطري والمركز الطبي والمطعم ومراكز التموين والوقود، اضافة الى المنطقة التقنية ومراكز الراعين الرسميين وأكشاك الطعام والمواقف والمقصورة الرئيسة... والمركز الإعلامي الأكبر في الحلبات العالمية الذي يفوق بتجهيزاته وفخامته قاعة كبار الضيوف. وشدد العطية على انه لا يوجد اي تعارض بين حلبة لوسيل القطرية وحلبة الصخير البحرينية للفورمولا واحد "وهناك حلبة تجهز في دبي، وهذه الحركة الناشطة في الدول الثلاث تنعش الرياضة والسياحة فيها، فضلاً عن ان السوق الإعلانية لها انعكاس اقليمي يشمل الخليج العربي بكامله، وسنسعى مستقبلاً الى بلورة الأنشطة وتنسيقها بين الحلبات كلها، ونشجع تشييد اخرى، لأن المكاسب ستكون كبيرة في المستقبل". ويلحظ المشروع الحيوي فتح مدارس للواعدين القطريين والعرب في مجال سباقات الدراجات النارية اسهاماً في ايجاد جيل جديد من الأبطال. ويرعى الاتحاد القطري حالياً المتسابق طلال النعيمي الذي يتابع تدريبات بدنية وذهنية في إسبانيا، على أمل ان يكون طليع المتسابقين المحليين في هذه الرياضة، على غرار الدور الذي أداه البطل سعيد الهاجري في عالم الراليات.