اقترحت عليّ أنات هوفمان من الحركة الاصلاحية اليهودية ركوب واحد من الباصات التي تفصل بين الرجال والنساء للوقوف على مواقف النساء في مثل هذه الظروف. وقضت المحكمة العليا بأن الفصل الجنسي هذا غير مشروع. وركبت باص خط 418 المتوجه الى القدس. وكان مكتظاً بالركاب. وبحثت عن مقعد أستريح عليه، فأنا تجاوزت الثمانين من العمر. وعلى رغم أن الرجال بدوا أصحاء، لم يدعُني أي منهم إلى الجلوس مكانه. وبعد البحث، وجدت مقعداً شاغراً في صفوف الباص الامامية. ولحظة جلوسي، صرخ أحدهم: «النساء إلى الخلف!». وضاج الباص تأييداً له، لكنني ابتسمت وبقيت في مكاني. ولاحظ السائق أن الغضب يجتاح الباص، فتوجه الى الركاب قائلاً: «توقفوا عن ذلك، دعوها تجلس حيث تشاء». والفصل هذا مهين، وترتضيه شركة الباصات «إيجاد» طمعاً بالربح. والدولة تدعم الشركة ويفترض ألا تميز في خدمة السكان، على اختلاف انتماءاتهم العرقية والدينية والجنسية. والحق أن نواة المشكلة هي تعاظم نفوذ الحاخامين المتطرفين والمتعصبين الساعين إلى إحكام قبضتهم على السلطة. ويقنع هؤلاء طلابهم بأفكارهم وقيمهم، ويقدمون أنفسهم على أنهم الحل والخلاص، ويريدون الزام المجتمع بالتوراة. والتطرف هذا تغذيه الأموال والسلطة السياسية وضعف بعض الوزراء وأعضاء الكنيست الذين يحاولون استمالة جمهور المؤمنين. وليس تعاظم نفوذ رجال الدين في اسرائيل ظاهرة جديدة. فهي بدأت مع توافد السياسيين على زيارتهم واسترضائهم. ولا تسوغ اليهودية التمييز بين النساء والرجال، والتمييز هذا هو ثمرة الأحكام المسبقة والنزاع على السلطة. فالاسرائيليون سئموا من النضال لإرساء حقوق الانسان. وفي وقت تهبّ رياح التغيير ويطالب الناس بحياة كريمة، لا يجوز إهمال فكرة المساواة. ويضطهد النساء من يزعمون أنهم متعلمون ويحترمون البشر. رسالتي لهم: النساء هنّ أيضاً من البشر. * وزيرة عمّالية اسرائيلية سابقة، عن «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية، 22/9/2011، اعداد منال نحاس