ما الجديد الذي تحمله معارض الكومبيوتر والاتصالات، التي باتت تقليداً سنوياً في اكثر من بلد عربي؟ هل تقام المعارض من اجل المباهاة بأننا "على ايقاع العصر"، ام ان لها غايات اخرى؟ وما الذي ينتظره الجمهور من تلك المعارض؟ الأرجح ان تلك الاسئلة وغيرها، حضرت الى معرض "كومكس عُمَان 2004" للكومبيوتر والاتصالات، الذي اختتمت فعالياته اخيراً في السلطنة. وكما هي الحال دوماً، جاءت الاجوبة متفاوتة تماماً. والحال ان الراغبين في اقتناء جهاز كمبيوتر جديد ينتظرون المعرض، وفي ظنهم بأن الأسعار ستكون في متناول الجيب. يدرك الباعة هذه اللغة النفسية، فيتصرفون وكأنهم يقدمون الأجهزة بنصف أسعارها! وكما العادة في هذا النوع من المعارض، تبدو العلاقة بين الباعة والشراة في غير حالاتها التقليدية. صحيح ان السوق تخضع دوماً لقانون العرض والطلب، لكن شيئاً ما آخر في جو المعارض يبدل من اركان تلك المعادلة الاقتصادية. ويكاد المستهلكون لا يصدقون أن جهاز كومبيوتر حديث، تفوق سرعته كل ما يتوافر راهناً في السوق، يباع بنحو 300 دولار أميركي! أمزجة مختلطة في معرض واحد في دورته الرابعة عشرة هذا العام، انقسم معرض "كومكس عُمَان 2004" إلى قسمين، اهتم اولهما برجال الأعمال والمستثمرين في مجال التكنولوجيا الرقمية والبرمجيات والحاسب الآلي والاتصالات، ونهض الثاني بأمر التعامل المباشر بين الشركات العالمية والمحلية من جهة، والجمهور من جهة ثانية. برز المزاج الرسمي في القسم الأول بقوة. وارتكز الى مجموعة من منصات العرض الأنيقة التي قدمت أجهزة أكثر اناقة، بأسعار ليست بالرخيصة. وضم المعرض أكثر من ستين شركة محلية وعالمية متخصصة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. ووقف رجال في دشاديش بيض وبدلات غربية... أمام أجنحة شركاتهم التي سعت لتلبية احتياجات الجمهور الى التطبيقات التكنولوجية، بان دفعت عدداً كبيراً من تقنييها، الذين تولوا مهمة اظهار الميزات التقنية للاجهزة والبرمجيات. شرحوا، مثلاً، كيفية استعمال محطات الكومبيوتر المتطورة، وما يتصل بها من اجهزة الكترونية، اضافة الى بسط وسائل استخدام برامج التصاميم الفنية وعمل النماذج والتسويق، وبرامج التسويق عبر شبكة الإنترنت والبيع من طريق الهاتف وغيره. شهد جناح الشركة العمانية للاتصالات "عُمانتل" للاتصالات الخلوية إقبالاً كثيفاً من جانب الزوار على رغم وجودها في الجناح الرسمي. ويبدو ان الخدمات المتعددة التي طرحتها في "كومكس عُمَان 2004" اسالت لعاب المشتركين، الذين يأملون دوماً في ثورة لامحدودة في عالم تكنولوجيا الكومبيوتر والاتصالات. فتحت "عُمانتل" باب المنافسة من خلال شركة جديدة للاتصالات المتنقلة بلغ رأسمالها 25 مليون ريال عُماني. واندفعت الى المنافسة معها مجموعة من الشركات الخليجية والعربية، التي تقدمت بعروض قوية في مجال خدمات الاتصالات في عُمان. وأكد محمد الوهيبي الرئيس التنفيذي ل"عُمانتل"، عدم قلقه من المنافسة معتبراً أنها في مصلحة المستهلك. وتركزت المنافسة بين تلك الشركات كلها على مجموعة من الخدمات مثل تقنية "رسائل الفيديو" MMS التي تحتوي على صوت وصورة، وتقديم "خدمات اضافية" عبر رسائل الخلوي النصية SMS مثل ارسال اخبار متواصلة عن أسعار العملات وأخبار الطقس والاخبار التي تهم النساء والشباب وغيرها، وكذلك خدمة الدخول إلى الإنترنت من طريق الهاتف المتنقل. الفجوة التكنولوجية الفاغرة وهدفت بعض المبادرات، التي قدمها "كومكس عُمَان 2004"، لمحاولة ردم "الفجوة الرقمية" Digital Divide. فقد اُعلِنَ عن مشروع لتقديم كومبيوتر بسعر رخيص، وبالتقسيط المريح، في مبادرة مشتركة بين "الشركة العمانية للاتصالات" وشركة "ايسر" العالمية. ومن الأجنحة المتميزة، برز جناح "واحة المعرفة" التي تمثل أول مشروع عماني مرتكز على تقنية المعلومات. في قسم الشركات، عُرِضَت اجهزة الجيل الثالث 3G من الهواتف النقالة، التي تقدم الصوت والصورة، وبرزت كومبيوترات بشاشات مسطحة، وهي في الموضة الرائجة راهناً. وبدا ان هذه الادوات المتقدمة لا تحتاج إلى الكثير من الدعاية، وسط انجذاب الجمهور الدائم الى كل ما هو جديد. وخلال أيام المعرض الاربعة، قصد عشرات الآلاف"مركز عُمان للمعارض" بحثاً عن ضالتهم في سوق الاتصالات. وفيما شكا القسم الرسمي من قلة زائريه، ضاق قسم المبيعات بالزحام الكبير. وبدا وكأن مساحته الصغيرة لا تكاد تستوعب السائرين بين الأجنحة المختلفة. وسار الجمهور بتؤدة ليتمكن من عبور "الزنقات" التي تعترضه، بما لا يمكنه من التفرج السليم على البضاعة التي "قد" يشتريها. مَثَّلَ جيل الشباب الجانب الأكبر من الزوار. وبدوا وكأنهم يطاردون الزمن القصير المخصص للمعرض. وحثوا الخطى بحثاً عن التنزيلات التي توقعوا وجودها. وفي الاياب، حملت الايدي الشابة فواتير تسمح لهم باستلام مشترياتهم من محلات مختلفة في عُمان، بعد اسبوع او اكثر. والارجح انها الفترة التي تمكن الباعة من برمجة الجهاز وتجهيزه للعمل. في "كومكس عُمَان 2004"، بدت الأسعار متراجعة. واثار الامر مخاوف من القطع المجمعة من تايوان والصين وجيرانها. وبقي القلق الأكبر من سرعة ايقاع التكنولوجيا الرقمية، التي تجعل الأجهزة قديمة باستمرار!