صدر للكاتب السعودي فهد العربي الحارثي، عضو مجلس الشورى كتاب جديد عنوانه "أميركا التي تعلمنا الديموقراطية... والعدل" عن مكتبة العبيكان. يعالج الكاتب المشروع الأميركي الجديد "الشرق الأوسط الكبير" والقناعة الأميركية بالعنف لتجفيف منابع الإرهاب وضمان مصالحها. ويؤكد المؤلف ان ثمة مشكلة مع الولاياتالمتحدة الأميركية ومع الديموقراطية والعدل، عندما يقترنان بها. فالولاياتالمتحدة دأبت منذ نشوئها على الاعتقاد بأن قيم العدل والحرية والديموقراطية ليست هي الا قيماً "أميركية خالصة". فالولاياتالمتحدة عندما لا تجد مبرراً عسكرياً مفتعلاً غالباً للتوسع والهيمنة، فهي تلجأ الى فكرة نشر الديموقراطية، وتتذكر فجأة أحد أهدافها النبيلة في هذا العالم. ويوضح الحارثي في كتابه، ان جميع تدخلات أميركا خارج حدودها لم يكن هدفها في أي يوم نشر الديموقراطية أو العدل أو دعم الحرية، مستشهداً ببعض حروبها وتدخلاتها في أميركا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا وآسيا. فالأهداف التي تتحرك من أجلها الجيوش الأميركية دائماً أهداف أخرى تخص المصالح السياسية والاقتصادية الأميركية التي عملت في بعض الأحيان على الإطاحة بأنظمة "منتخبة" لأنها تزعج ادارتها ولا تراعي مصالحها أو تطيع أوامرها، وهي تعين في مكان تلك الأنظمة ديكتاتوريات باطشة لأنها تتعاون معها، ولأنها تساعد على تمكينها من كل ما تريد. ويستعرض المؤلف أيضاً بعض الأحداث التي تؤكد نكران أميركا مبادئ الحرية والديموقراطية خارج الولاياتالمتحدة في هندوراس ونيكاراغوا وغواتيمالا وتشيلي وسواها في أميركا الجنوبية، فضلاً عن النشاط المشبوه لل"سي آي ايه" في أفريقيا والشرق الأوسط، وآسيا مع التورطات التي تم الكشف عنها أخيراً للولايات المتحدة وجهاز استخباراتها في الانقلابات والاضطرابات التي سادت أميركا اللاتينية طوال عقدي الستينات والسبعينات. وكان جهازها لا يتورع عن التعامل مع تجار المخدرات والمافيا الاجرامية من أجل زعزعة الأنظمة التي لا تعجب الولايات لمتحدة. ويوضح المؤلف، ان تاريخ أميركا اقترن بسمعة غير حسنة في ما يتعلق بحقوق الإنسان. فقد استخدم العنف ضد سكان البلاد الأصليين "الهنود" الذين قتل منهم ملايين في مذابح بشعة استخدمت فيها كل وسائل الإبادة، ابتداء من سحق القرى برمتها وانتهاء بنشر الطاعون وتعقير النساء، وهم لم يحصلوا على الجنسية الأميركية ألا في العام 1924. وفي العام 1979 أقر الكونغرس للهنود الحمر ممارسة دياناتهم الخاصة. هذا فضلاً عن سجلها المخزي بحق الاثنيات والعرقيات والتي منها العبودية البشعة التي عاناها الأميركيون الأفارقة، أثناء تجارة الرقيق التي طاولت عشرات الملايين. ولم يخف الدكتور الحارثي ريبته من اليد الملوثة التي تمتد الى العالم العربي مقدمة الديموقراطية على رغم ان العرب مأخوذون بحلاوة الديمقراطية والإصلاحات والتي منها دعم الحريات وحقوق الإنسان. ويختتم المؤلف كتابه بتأكيده أهمية الاصلاح وضرورته اليوم تحديداً لقطع الطريق على من يريد أن يتخذ منه طريقاً في الوصول الى أهداف أخرى لا تصب الا في مصلحة أعداء المستقبل العربي.