اعتبر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان من "السذاجة" الاعتقاد بأن "خطر الارهاب" سيتراجع في حال الانسحاب من العراق، فيما أكد رئيس الوزراء الاسباني المنتخب خوسيه لويس ثاباتيرو أن قراره سحب القوات الاسبانية من هذا البلد لم يتغير، على رغم مناشدة الرئيس جورج بوش له الوقوف الى جانب الولاياتالمتحدة. وأكدت البرتغال والفيليبين عدم سحب قواتهما، فيما حذرت الاستخبارات الاسترالية من تزايد الأخطار التي تتعرض لها استراليا بسبب مشاركة قواتها في "التحالف". كما حذر الرئيس الموقت لكوريا الجنوبية من أن بلاده باتت "هدفاً محتملاً لهجمات ارهابية" للسبب ذاته، ودعا الرئيس الكوبي فيدل كاسترو دول اميركا اللاتينية الى سحب قواتها من العراق. أعلن رئيس الوزراء البريطاني ان من "السذاجة" الاعتقاد بأن "خطر الارهاب" سيتراجع في حال الانسحاب من العراق، وقال: "الارهاب حرب ضد نمط عيشنا، ضد حريتنا". وتابع في كلمة أمام مجلس العموم: "هؤلاء المتعصبون لن يردعهم شيء عن مواصلة قضية متعصبة تقوم على تشويه الصورة الحقيقية للاسلام. أمامنا واحد من خيارين: اما ان نتصدى للارهاب واما ان يهزمنا، والغالبية العظمى في هذا البلد، وفي العالم الحر بأسره، تريد مواجهة الارهاب والتغلب عليه". وشدد على ضرورة مكافحة الخطر الارهابي، داعياً الى اتخاذ "كل الاجراءات الممكنة على الصعيد الأمني"، معتبراً ان "الوسيلة الوحيدة للتغلب" على الارهاب هي "ان تبقى الاسرة الدولية حازمة". ولفت الى ان "الاعتقاد بأن الانسحاب من العراق سيضع حداً للمشكلات أمر ساذج جداً"، ورأى ان تنظيم "القاعدة" سيتلقى "ضربة قاضية" اذا تحقق الاستقرار والازدهار في العراق وافغانستان، مستبعداً احتمال سحب القوات البريطانية من جنوب العراق. ورفض بلير اعتبار تفجيرات مدريد بمثابة "رد" على دعم حكومة خوسيه ماريا اثنار الحرب على العراق، مذكراً بأن الارهاب بدأ قبل الحرب وحتى قبل اعتداءات 11 ايلول سبتمبر 2001. وأضاف: "حين يقول الناس ان اعتداءات مدريد هي رد، يجب ان يقروا بأن اعتداءات 11 أيلول كانت هجوماً على الشعب الاميركي من دون اي استفزاز". وكان ثاباتيرو أعلن أمس أن قراره سحب القوات الاسبانية من العراق "واضح وحازم"، مؤكداً ان القرار لم يتغير على رغم مناشدة بوش له الوقوف الى جانب الولاياتالمتحدة. وسألته اذاعة "اوندا ثيرو" عن تصريحات الرئيس الاميركي الذي اكد ان العراقيين يريدون ان تبقى القوات الاجنبية في بلادهم، فأجاب: "سأشرح موقفي لحلفائنا، لا سيما الولاياتالمتحدة وبريطانيا، مع تأكيد ما التزمناه خلال الانتخابات، وأتوقع احترام الموقف الصادر عن حكومة ديموقراطية مثلما احترمت موقف الحكومة السابقة". وذكّر بما قاله خلال مداولات عن العراق في البرلمان الاسباني، اذ اعتبر ان "مكافحة الارهاب بالقنابل وصواريخ توماهوك ليست وسيلة تحقق الانتصار، وانما تسبب مزيداً من التطرف. الارهاب يكافح بدولة القانون والقانون الدولي واجهزة الاستخبارات". وكرر ان "كل القرارات التي اتخذتها الحكومة الاسبانية السابقة في شأن العراق كانت احادية، لم تأخذ في الاعتبار المواطنين ولم تحترم رأيهم". واعتبر ان "الاحتلال عملية فاشلة، فعدد القتلى الذين سقطوا بعد الحرب يفوق عددهم خلالها، ولم تتصرف القوات المحتلة على نحو يؤدي الى تولي الاممالمتحدة الوضع" في العراق. ووعد بسحب القوات الاسبانية بحلول اول تموز يوليو اذا لم تتسلم الأممالمتحدة المسؤولية هناك. ولم يبد وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد قلقاً من احتمال سحب القوات الاسبانية، وقال ل"هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي ان دولاً اخرى ستعرض كتائب للحلول محلها. وكانت الصحافة الاسبانية ناشدت ثاباتيرو اجراء مشاورات عاجلة مع المانياوفرنسا كي ينسق معهما عملية اشراف الأممالمتحدة على الوضع السياسي في العراق. وكتبت صحيفة "البايس" اليسارية: "بامكان ثاباتيرو، حتى قبل تشكيله حكومة، ان ينسق مسبقاً هذه الخطوة مع الذين عادوا ليصبحوا شركاءه الطبيعيين، فرنساوالمانيا، من اجل اتخاذ قرار واضح في مجلس الامن، واذا لم يتوصل الى هذا الامر، على ثاباتيرو ان يفي التزاماته ويسحب القوات من العراق، لا يمكنه ان يبدأ عهده بخرق الوعد الذي كرره باستمرار" خلال حملته الانتخابية. الى ذلك، اعتبر الرئيس البرتغالي جورج سامبيو ان لا اسباب موجبة تستدعي سحب القوات البرتغالية من العراق، في حين قال الناطق باسم الرئاسة الفيليبينية اغناسيو بونيي ان بلاده لن تسحب بعثتها الانسانية من ذلك البلد، وان الرئيسة غلوريا أرويو لم تشر إلى أي خطط لاتخاذ موقف مماثل لإسبانيا. وكان أعضاء في البرلمان الفيليبيني طالبوا إدارة أرويو بسحب قواتها من العراق، محذرين من ان الفيليبين ربما تصبح هدفاً لهجمات بسبب تحالفها مع الولاياتالمتحدة. وقال بونيي: "نعلم ان هناك بعض الأخطار، لكن دولاً لم تشارك في تحالف الحرب على العراق تعرضت لهجمات إرهابية"، مثلما حدث في هجمات بالي في اندونيسيا. وأضاف: "المهم ان تبقى قواتنا في حال تأهب مستمر لأن المتشددين سيضربون أي هدف يجدونه سهلاً". لكنه لفت الى اختلاف بين الدور القتالي للقوات الاسبانية في العراق ودور القوات الفيليبينية التي تعمل فقط في إطار المساعدات الانسانية. ولفت أمين سر مجلس الوزراء الياباني ياسو فوكودا الى ان "القوات الاسبانية في العراق كانت نشطة منذ تموز يوليو الماضي خصوصاً في فرض القانون والنظام"، مشيراً الى ان هذه المهمات مختلفة عن دور القوات اليابانية التي "بدأت نشاطها قبل فترة قصيرة، وتساهم في الجهود الانسانية واعادة البناء" فقط. هدف محتمل في غضون ذلك، أمر الرئيس الموقت لكوريا الجنوبية كوه كون بتشديد الاجراءات الامنية، محذراً من ان بلاده "هدف محتمل كبير للارهاب" لأنها تعتزم ارسال مزيد من القوات الى العراق. وسترسل كوريا الجنوبية اكثر من ثلاثة آلاف جندي، نصفهم من القوات المقاتلة، الى العراق الشهر المقبل لينضموا الى 600 طبيب ومهندس موجودين هناك. وقال كوه: "الاهداف الكبرى للارهاب هي الدول التي نشرت قوات في العراق أو التي تساعدها، وقد نكون هدفاً قوياً". وحذرت وسائل اعلام كورية جنوبية من قرار الحكومة نشر قوات في العراق. وكتبت صحيفة "كوريا هيرالد" ان "الفرقة الكورية ستكون ثالث اكبر قوة اجنبية بعد قوات الولاياتالمتحدة وبريطانيا، وهو سبب كاف لجعل كوريا هدفاً كبيراً لتنظيم القاعدة". في السياق ذاته، حذر المدير العام للاستخبارات الاسترالية دنيس ريتشاردسون من ان مصالح بلاده في الخارج معرضة في شكل أكبر "لهجوم ارهابي" بسبب الدور الذي لعبته استراليا في الحرب على العراق. لكنه رأى ان مستوى التهديد ضد استراليا لم يتغير، على رغم مخاوف من أن تصبح هدفاً أكبر بعد تفجيرات مدريد الخميس الماضي. الى ذلك، دعا الرئيس الكوبي فيدل كاسترو دول أميركا اللاتينية الى سحب قواتها من العراق مع الوحدة الاسبانية التي تخدم تحت قيادتها، معتبراً ان هذه القوات "في وجه المدفع". وامتدح قرار رئيس الوزراء الاسباني المنتخب، وكتب في رسالة نشرت في صحيفة "غراناما" الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم: "اكثر من الف شاب من دول صغيرة وفقيرة في اميركا اللاتينية ارسلوا الى العراق ليكونوا في وجه المدفع، تحت قيادة الفيلق الاسباني". وزاد ان "مسؤولية وفاة اي من هؤلاء الشبان تقع على عاتق اسبانيا"، مشدداً على ان "من حق شعب اميركا اللاتينية ان يتوقع العودة الفورية لهؤلاء الشبان". وينتشر في العراق 380 جندياً من السلفادور و370 من هندوراس و300 من جمهورية الدومينيكان، كجزء من لواء "بلس الترا" تحت قيادة اسبانية. وأعلنت هذه الدول الثلاث انها ستبقي جنودها ولو انسحب الاسبان. لكن رئيس هندوراس ريكاردو مادورو أعلن الثلثاء ان حكومته لا تنوي الآن تمديد مهمة قواتها التي ستعود الى بلادها في تموز يوليو المقبل.