أصدرت أمانة منطقة تبوك، ممثلةً في وكالة التراخيص والامتثال    المدينة المنورة تحتضن افتتاح مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي    سلطان عمان يستقبل وزير الخارجية    إطلاق مهرجان جازان 2026 تحت شعار «كنوز الطبيعة».. فعاليات متنوعة وتجربة سياحية على مدار العام    33 اتفاقية بين بنك التنمية الاجتماعية ونخبة من رواد الأعمال في ملتقى DeveGO    جامعة الأميرة نورة تفتح باب التسجيل في برنامج التسجيل المزدوج لطالبات الثانوية    إطلاق مبادرة "تقنيات التحول الاستثنائي" لتمكين التصنيع المتقدم في المملكة    الذهب يرتفع إلى مستوى قياسي وسط توترات بين أمريكا وفنزويلا    أمير الرياض يرعى حفل الزواج الجماعي التاسع بجمعية "إنسان"    شباب الاتفاق يحافظون على صدارة دوري النخبة    إصدار طابع تذكاري لقصر الفيحاني في دارين    "الشؤون الإسلامية" تنظّم دورة علمية لتأهيل الدعاة والأئمة والخطباء في كوالالمبور    تجمع تبوك الصحي ينجح في إجراء عملية تغيير مفصل الركبة    ضوء النهار يضبط مستويات الجلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    الرئيس ترامب يطلق مشروع بناء سفن حربية من فئة جديدة تحمل اسمه    نائب وزير الرياضة يتوج نابولي بطلًا لكأس السوبر الإيطالي في نسخته ال(38)        مفردات من قلب الجنوب 34    كأول جمعية متخصصة بالمنطقة.. "يمنّاكم" لرعاية الأحداث بجازان تعقد لقاءها التشغيلي الأول    أمير حائل يستقبل رئيس جامعة حائل    «الداخلية» تسهم في إحباط محاولتي تهريب أكثر من (200) كيلوجرام من المواد المخدرة بسلطنة عُمان    افتتاح المتنزه سيشكل نقلة نوعية.. الداود: القدية وجهة عالمية للترفيه والرياضة والثقافة    الاستعداد للامتحان    «النيابة»: يحظر ترك الحيوانات خارج الأماكن المخصصة لها    أقر عدداً من مذكرات التفاهم الدولية.. «الشورى» يطالب جامعة الملك خالد بتطوير إستراتيجية «الموارد»    علماء كاوست يطورون مجموعات بيانات اصطناعية في غياب البيانات الحقيقية للتنبؤ بكيفية انتشار التسربات النفطية في المحيط    تعزيز حوكمة الاستثمار الجريء    بعد فوزه الأسطوري بقعدان الشقح.. عبد الله الشيباني يكشف ل«البلاد»: جازفت ب 3.8 مليون ريال فتوجت بذهب مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل    تخريج دفعة جديدة بمعهد الدراسات للقوات الجوية بالظهران    وصول الطائرة السعودية ال 76 لإغاثة الشعب الفلسطيني    ب "علينا"… علي عبدالكريم يستعيد عرش الأغنية الطربية    استعراض التخلي    الذكريات.. أرشيفنا الذي لا يغلق    الكلام    «نسك حج» المنصة الرسمية لحجاج برنامج الحج المباشر    الوقت كالسيف    أكد الالتزام بمرجعيات المرحلة الانتقالية.. العليمي يدعو المجلس الانتقالي لتغليب الحوار    أوميغا- 3 والحوامل    18 ألف جنيه إسترليني تعويضاً عن ركل سائح    «التخصصي» يحقق جائزة «أبكس» للتميز    برشلونة يبتعد عن الريال    غارات على رفح وخان يونس وتجدد نسف المنازل في غزة    «قسد» تستهدف أحياءً سكنيةً ونقاطاً لقوى الأمن الداخلي والجيش السوري    الملحق العسكري في سفارة مصر بالمملكة يزور التحالف الإسلامي    لجنة التحكيم بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل تعلن الفائز الأول في شوط سيف الملك "شقح"    القادسية بطلاً للمملكة للسباحة ب 36 ميدالية    ترشيح الحكم الدولي د. محمد الحسين لبرنامج التعليم التحكيمي الآسيوي 2025 في سيئول    مناورات صاروخية إيرانية    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان الدكتور محمد بن حسن أبو راسين    بين الملاحظة و«لفت النظر».. لماذا ترتاح المرأة للاهتمام الذي لا يُطلب !!    الإدارة العامة للاتصالات والأنظمة الأمنية تدعم الجاهزية التشغيلية في معرض «واحة الأمن»    خطط «الصحة» على طاولة أمير القصيم    «الشؤون الإسلامية» في عسير تنفذ 30 ألف جولة رقابية    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن في جازان    تنوع بيولوجي في محمية الملك سلمان    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختلاف واقعها بين الدول العربية طفيف ويؤكد القاعدة . العنف ضد المرأة جذوره في الثقافة
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 2004

على رغم المظاهر والتجليات الكثيرة في الشارع والمعمل والمدرسة والمنزل، وفي الإعلام والمؤسسات والهيئات الأهلية والرسمية المتنوعة، التي توحي بأن المرأة حققت درجة عالية من الاستقلالية والتحرر، يبدو أن الواقع الفعلي غير ذلك. فالدراسات والأبحاث والتقارير التي تظهر بين الحين والآخر تؤكد، بالأرقام والوقائع، أن تلك المظاهر ليست سوى قشور تخبئ خلفها قصصاً مقلقة عن معاناة المرأة، وعذابها اليومي. عذاب يبدأ مع الولادة، اذ يخيم الوجوم والخيبة على وجوه الأهل حينما يكون المولود أنثى، ويستمر في مختلف المراحل من الطفولة إلى المراهقة إلى النضج. ولا تختلف معاناة المرأة ولا تتغير وإن تغير الوصي عليها من الأب إلى الأخ الأكبر إلى الزوج...
ولئن اختلف هذا الواقع المجحف بحق المرأة من رقعة جغرافية إلى أخرى، ومن بلد الى آخر، ومن الريف إلى المدينة، أو تبعاً للوضع التعليمي والمهني والاقتصادي للمرأة... فإن هذه الاختلافات لا تشكل سوى تباينات طفيفة أو استثناءات تؤكد القاعدة.
وحتى في المجتمع اللبناني الذي يبدو اكثر انفتاحاً، لا يقل العنف ضد المرأة عنه في الدول العربية الأخرى. ومثل هذه الرؤية تؤكدها فهمية شرف الدين في كتابها "اصل واحد وصور كثيرة - ثقافة العنف ضد المرأة في لبنان" دار الفارابي، بيروت. والباحثة تتخطى في هذا الكتاب قصص المحاكم ومحاضر الشرطة، معتبرة أن العنف الممارس بحق المرأة لا يصل إلى المحاكم والقضاء إلا بعد أن يبلغ حداً لا يمكن معه السكوت عنه. وتعتقد شرف الدين أن العنف ضد النساء مستقر ومكرس في الثقافة السائدة، وأن ما يتجلى منه في الإعلام وجلسات المحاكم ليس سوى الشكل المتطرف للعنف... عنف يبدأ باكراً من خلال النظام القيمي الذي يرعى العلاقات الاجتماعية.
وكما تلاحظ شرف الدين، فإن الممارسات التربوية داخل الأسرة وخارجها تكرس التمييز ضد البنات منذ لحظة الولادة، وهذا التمييز اصبح جزءاً من نظام القيم الاجتماعية. وتعمل الكاتبة على كشف آليات التمييز التي تحتضنها الثقافة السائدة في لبنان، وكيف تتجلى في السلوكيات الاجتماعية عبر السعي الى الحصول على إجابات مباشرة من المرأة نفسها، لتكون شاهدة على حقيقة التمييز ضد النساء في المجتمع اللبناني وأساسه الثقافي والاجتماعي.
ولتبيان مدى معاناة المرأة في لبنان، يكفي التوقف عند الشهادات الحية لنساء عن حياتهن وواقعهن وظروفهن. وهؤلاء النساء يشكلن عينة عشوائية اختارتها الباحثة، من مختلف المناطق اللبنانية وتأخذ في الاعتبار عناصر السن والشهادة وطبيعة العمل ومكان السكن. وهذه الشهادات تؤدي وظيفة مزدوجة: فهي من جهة تنقل الواقع كما هو عبر أحداث وحيثيات عاشتها أو تعيشها النساء اليوم، من جهة أخرى، وعبر تدخلات بسيطة من الباحثة، تؤدي إلى الكشف عن المكنون في الصدور، أي ما هو غير ظاهر من أشكال التمييز، حتى بالنسبة إلى النساء أنفسهن.
من ضمن العيّنة رلى التي تقول: "لم اكن اعرف معنى التمييز. علمتنا أمي "إن الصبي اله"" ومريم التي لا تزال تتذكر أن أمها نسيتها تماماً عندما أنجبت شقيقها الصبي: "نسيت أن لديها بنتاً اسمها مريم"" ناديا التي تتذكر حادثة من طفولتها البعيدة أبي ضرب أمي بعد ولادتها لأختي لأنها لم تلد له الصبي المنتظر". وتزيد سوزان من قتامة الصورة: "بقيت حتى سن العاشرة ابكي في الليل، وأتمنى لو اصبح صبياً". والتمييز كان في كل شيء: "في الملبس في اللعب وفي الدلال"، تقول ناهد.
وفي مرحلة المراهقة تزداد قائمة الأوامر والنواهي والمحظورات والممنوعات لتطال مجمل تصرفات المرأة وقراراتها، وتتلاشى شخصيتها المستقلة وتدخل مفاهيم "العيب" و"الطاعة" لترسخ "الاستلاب العقائدي" اذ تحاصر المرأة بجميع الأساطير والاختزالات، ولا تتصور وضعاً غير الوضع الذي تجد نفسها فيه، فتقبل بدونيتها. ويضاف الى ذلك "الاستلاب الاقتصادي" الذي يتعلق بالعمل وبالمهن التي تناط بالنساء، و"الاستلاب الجنسي" وهو الأشد خطراً لأنه يؤدي إلى اختزال المرأة إلى مجرد أداة للمتعة ووعاء للإنجاب.
وتذكر الباحثة بأن "أساس العنف قائم في الثقافة السائدة التي تشتمل على القيم والرموز والمعتقدات والمفاهيم والتقاليد والأعراف والعادات... وكذلك الإبداعات الفنية والأدبية والفكر من علوم وفلسفة ومذاهب وعقائد". وتلاحظ أن "مكوّنات الثقافة العربية ساهمت بشكل أو بآخر في إنتاج الصورة الدونية للمرأة".
وتعترض شرف الدين بشدة على من يقول إن المجتمع اللبناني تجاوز مرحلة التخلف الاجتماعي التي لا تزال تخيم على المجتمعات العربية الاخرى، "فتلك الحداثة المزعومة في لبنان لم تتجاوز سطح العلاقات الاجتماعية". وتكتب: "البنية الذهنية للمجتمع اللبناني لا تختلف اختلافاً نوعياً عن غيرها من المجتمعات العربية. فقد خضع لبنان للظروف التاريخية نفسها التي خضعت لها المنطقة العربية. إن العداء العميق والمستمر للمرأة والقلق المرافق لتربيتها، والتصميم على نفي وجودها الاجتماعي كفرد مستقل، لا تزال سمات تخترق المجتمع اللبناني".
ويستخلص من كتاب "ثقافة العنف ضد المرأة في لبنان" أن تغيير واقع المرأة، يبدأ من تكريس المساواة في الحقوق بين الرجل وبينها. فالحواجز المؤسسية القانونية والاقتصادية أو السياسية أو الثقافية التي تحول دون ممارسة المساواة في الحقوق، ينبغي تحديدها وإزالتها من طريق إجراء إصلاح شامل في السياسات. ويجب أن يتمثل هدف التنمية في العدل، فالمرأة فاعلة في التغيير وتستفيد منه في آن. وإذا كان الاعتراف بالمشكلة هو بداية الحل، فلعل الكتاب يشكل اعترافاً صريحاً بمشكلة لا تزال قائمة وبحاجة إلى الكثير من العمل من مختلف الجهات لوضع حد للعنف الممارس في حق المرأة المهمشة في البلاد العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.