في قلب العاصمة البلجيكية بروكسيل، وفي المركز الثقافي"البوتانيك"، تنطلق اليوم الدورة الثامنة لمهرجان السينما المتوسطية. المهرجان الذي ينظم كل سنتين في هذا الفضاء الآسر الذي كان في بداية القرن التاسع عشر حديقة للنباتات مملوكة لبعض الأعيان المهتمين بتشجيع العلوم، قبل أن تنتهي إلى ملكية الدولة سنة 0781 لتصير أفضل مكان للقاءات والمواعيد اليانعة. المواعيد التي ستأخذ ملامحها الثقافية والفنية الحالية بعد تدشين الفضاء رسمياً كمركز ثقافي سنة 4891. وعلى رغم أن بلجيكا ليست دولة متوسطية، إلا أن بروكسيل يصعب أن نسقط عنها هذه الهوية التي طبعت العديد من أحياء المدينة بطابعها. فهناك جاليات مغاربية وتركية وإيطالية وفرنسية وإسبانية وبرتغالية ويونانية مهمة تعيش في بلجيكا إلى جانب أقليات أخرى تتقاسم معها الانتماء للحوض المتعدد الأعراق والثقافات... جاليات أعطت لبروكسيل بعداً متوسطياً يبدو أنها بدأت تفاخر به. كما لفتت النظر فضيلة لعنان، وزيرة الثقافة البلجيكية من أصل مغربي التي اعتبرت ان مهرجان السينما المتوسطية دعوة إلى السفر. ويتنافس على الجوائز الرسمية للمهرجان هذه السنة أحد عشر فيلماً مطولاً تطرح بسخرية أو بفجائعية، لكن بحنان، قضايا المجتمعات المتوسطية التي تكثف قضايا الإنسان المعاصر في كونيته. سينما من دون مؤثرات خاصة تذرّ الرماد في العيون. سينما صادقة هي نتاج عمل خالص لمبدعين حقيقيين. وقد اختيرت خمسة أفلام لمخرجين عرب للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان وهي"الملائكة لا تحلّق فوق الدار البيضاء"للمغربي محمد عسلي و"عطش"للفلسطيني توفيق أبو وائل و"معارك حبّ"للبنانية دانييل عربيد و"الرّاقد"للمغربية ياسمين قصاري وأخيراً"شاي آنيا"للجزائري السعيد ولد خليفة. وتتبارى الأفلام المشاركة في المسابقة على الجائزة الكبرى للمهرجان والتي سبق وفاز بها قبل سنتين الشريط الفلسطيني"تذكرة إلى القدس"لمخرجه رشيد مشهراوي. إضافة إلى الجائزة الخاصة للجنة التحكيم التي تضم من بين أعضائها المخرج الجزائري مرزاق علواش والممثلة الجزائرية نادية قاسي والمخرج التونسي كمال شريف، علاوة على جائزة الجمهور. وإلى جانب أفلام المسابقة الرسمية للمهرجان، تعرض بانوراما هائلة من الأفلام المتوسطية نذكر من بينها"الإسكندريةنيويورك"ليوسف شاهين و"الكتبية"للمخرج التونسي نوفل صاحب الطابع و"جوهرة بنت الحبس"للمخرج المغربي سعد الشرايبي و"حب البنات"للمصري خالد الحجر إضافة إلى"السيد إبراهيم وأزهار القرآن"للفرنسي فرنسوا دوبيرون الذي تألق فيه الممثل عمر الشريف في تشخيص دور"مسيو"إبراهيم الذي أحرز عنه جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية الأخير.