يعد علي حسن المجيد، الذي اعلنت القيادة العسكرية المركزية الاميركية اعتقاله امس، أحد ابشع رموز نظام صدام حسين. ويحتل الترتيب الخامس في اللائحة الاميركية باسماء شخصيات النظام المطلوب القبض عليه. والمجيد 59 عاماً، عضو مجلس قيادة الثورة، أعلى سلطة سابقة في العراق، هو ابن عم صدام حسين ومن مواليد مدينة تكريت، وكان من أوفى الاوفياء للرئيس العراقي المخلوع وأداته المنفذة إذ اعتاد تكليفه المهمات القذرة. في آذار مارس 1987، عين المجيد مسؤولاً لحزب البعث الحاكم في كردستان العراق، فمارس سلطته على الشرطة والجيش والقوات غير النظامية في المنطقة، ونفذ سياسة الأرض المحروقة في المنطقة لسحق المقاومة المسلحة الكردية، لم يتورع خلالها عن استخدام الاسلحة الكيماوية المحرمة دولياً. وأصدر في 1987 قراراً يبيح للقوات العراقية قتل أي انسان او حيوان في المناطق التي شهدت التمرد. واشتهر باسم "علي الكيماوي" للأوامر التي اصدرها بقصف مدينة حلبجة الكردية بغاز الخردل في 16 آذار 1988، ما أدى الى مقتل خمسة آلاف من سكانها، بينهم نساء واطفال وشيوخ. وأشرف على تنفيذ عمليات قمع منظم في 1987 و1988، اُطلق عليها اسم "حملة الأنفال". وراح ضحية تلك العمليات 182 الف شخص من سكان القرى الكردية لا يزال مصير الغالبية العظمى منهم مجهولاً. وعُثر في بعض المقابر الجماعية التي كُشف عنها اخيراً في ارجاء العراق على اشلاء وبقايا بعض هؤلاء الضحايا. وطالبت منظمات دولية مدافعة عن حقوق الانسان، مثل "هيومان رايتس ووتش" و"العفو الدولية" باعتقال المجيد ومحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب وابادة وجرائم ضد الانسانية. وخلال مفاوضات جرت في مطلع التسعينات مع ممثلي الاحزاب الكردية، رد المجيد على اتهامات بانه كان مسؤولاً عن قتل اكثر من 180 الف شخص خلال "حملة الأنفال" بالقول ان "العدد لا يمكن ان يزيد على 100 الف"! وفي آب اغسطس 1990، لعب دوراً رئيسياً في اجتياح الكويت وعيّن حاكماً ل"المحافظة ال19"، ليتولى القضاء على جيوب المقاومة. وعلى رغم اقصائه عن منصبه في تشرين الثاني نوفمبر 1990، الاّ ان صدام حسين عيّنه وزيراً للداخلية، ثم وزيراً للدفاع من 1991 إلى 1995، قبل ان يُعفى من مناصبه الوزارية. الآّ انه استمر في شغل موقعه عضواً في مجلس قيادة الثورة ومسؤولاً عن حزب البعث في محافظة صلاح الدين التي تضم مدينة تكريت. وعُرف المجيد بوحشيته وبطشه في قمع الانتفاضة الشعبية في جنوبالعراق التي اندلعت عند انتهاء حرب الخليج الثانية في آذار 1991، وراح ضحية الاعدامات الجماعية وعمليات التنكيل التي نفذتها وحدات الحرس الجمهوري عشرات الآلاف من المدنيين. وفي مطلع 1996، قاد المجيد مع نجلي صدام، عدي وقصي، حملة لمعاقبة ابني اخيه، حسين كامل المجيد وصدام كامل المجيد، لخيانتهما الرئيس العراقي، في ما اطلق عليه الاعلام الرسمي آنذاك "الصولة الجهادية". وانتهى الأمر بقتلهما وقتل ابيهما شقيق المجيد وغيرهما من "الخونة" من الأسرة. وبذلك اثبت ان ولاءه لصدام يصل إلى حد التضحية بالأخ اذا اقتضى الأمر. وكان حسين كامل وشقيقه صدام كامل، وهما ايضاً زوجا ابنتي صدام، فرا الى الاردن في 1995 وأشهرا معارضتهما للنظام العراقي. وتوجه المجيد في كانون الثاني يناير الماضي، الى دمشق ثم الى بيروت في اطار جولة ديبلوماسية مع تصاعد الازمة بين العراق والولايات المتحدة. الاّ ان جولته واجهت مصاعب كثيرة، اذ ابلغ المسؤولون المصريون الحكومة العراقية انهم لن يرحبوا به في القاهرة. كما رفض الاردن استقباله، وطالب رئيس منظمة "هيومان رايتس واتش" المدافعة عن حقوق الانسان باعتقاله ومحاكمته. وفي 15 آذار الماضي، اصدر صدام حسين قراراً عيّن بموجبه المجيد مسؤولاً عن المنطقة العسكرية الجنوبية، وذلك بعدما قسم العراق الى اربع مناطق في الجنوب والشمال والوسط اضافة الى منطقة بغداد التى عين نجله قصي مسؤولاً عنها، في اطار الاستعدادات لمواجهة الهجوم الاميركي - البريطاني الذي بدأ في 20 آذار. وسرت معلومات بعد بداية الحرب على العراق عن مقتل المجيد في قصف للتحالف الاميركي - البريطاني للبصرة في 7 نيسان ابريل الماضي. الاّ ان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد افاد في حزيران يونيو ان المجيد "لا يزال حياً على الأرجح".