أود أن أذكر جماعات المتأمركين العرب المنتشرين في الصحف، وغيرها من المنابر الإعلامية العربية، خصوصاً في بعض الدول الخليجية، الذين لما رأوا نفور كل عربي عنده ضمير حي من الغزو الأميركي للعراق، ورفض بقاء القوات الأميركية هناك، قاموا بهجوم مضاد على الرافضين للوجود الأميركي، وادعوا أن الولاياتالمتحدة الطيبة قامت بعمل عظيم، إذ حررت العراق من صدام، وان على الرافضين للغزو الأميركي أن يقدموا اعتذاراً للشعب العراقي عن وقوفهم بجوار صدام، وأن عليهم أن يخجلوا من موقفهم، خصوصاً مع صور المقابر الجماعية التي تكتشف كل يوم لضحايا النظام البعثي في العراق, أود أن أذكر هؤلاء بما يقوض هجومهم المضاد هذا، ويكشف زيف ادعاءاتهم وحقيقة توجهاتهم. أولاً: ان صدام كان يمارس جرائمه قبل غزوه الكويت وبعده. فما بال أكثركم لم يتحدث عن فظائع صدام تجاه شعبه وتجاه جيرانه إلا بعد غزو الكويت؟ فهل كانت المقابر الجماعية حلالاً قبل غزو الكويت، واكتشفتم فجأة ان هذا النظام مجرم وينكل بشعبه عندما غزا الكويت؟ ثانياً: أليست أميركا الطيبة هي التي ساعدت صدام في مرحلة ما قبل عام 1990؟ وهي تعلم بالفظائع والمقابر الجماعية وغيرها؟ ألم يكن قصف حلبجة عام 1988 في عهد التقارب العراقي - الأميركي؟ واستمر هذا التقارب بعدها وكان رامسفيلد نفسه يتردد على العراق ويقابل صدام. ثالثاً: ألم تتحالف الولاياتالمتحدة مع أنظمة تماثل نظام صدام في التنكيل بشعوبها؟ ألم تتحالف مع الشاه، ومع سوهارتو، ومع ماركوس ديكتاتور الفيليبين؟ متى كانت الولاياتالمتحدة تعبأ بالمقابر الجماعية، وهي التي كانت تصر على منع السلاح عن البوسنيين وهم يذبحون ويلقون في المقابر الجماعية؟ رابعاً: أليست أميركا هي التي فرضت حصارها المهول على العراق بعد عام 1990؟ وهو الحصار الذي تسبب في وفاة مئات الآلاف من الأطفال، بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، وهي تعلم أن هولاء الأطفال يموتون بسبب هذا الحصار الذي فرضته والذي لا يضر شعرة من رأس صدام، ومع ذلك استمرت فيه سنوات. فهل نسيتموهم؟ والآن تقولون لنا أن الجيش الأميركي جيش تحرير، وأن علينا أن نصمت وندع العراق لشأنه؟ لن تكف أصواتنا عن التنديد بالغزو الأميركي للعراق. القاهرة - يحيى حسن عمر