يعود المغرب الى اسواق المال الدولية اليوم بعد غياب دام اربعة أعوام وسيتلقى عروضاً من مصارف دولية للحصول على مبالغ، لم يكشف عن قيمتها، ستستخدم في تمويل تسديد ديون سابقة كانت الرباط تعاقدت عليها بفوائد مرتفعة. قال وزير المال والتخصيص المغربي فتح الله ولعلو في حديث خاص ل"الحياة" انه سيرأس اليوم في لندن اجتماعاً مع ممثلين عن مؤسسات مالية دولية للحصول على قروض سيادية يورو بوند يعتزم المغرب استخدامها في شراء ديون قديمة كانت المملكة تعاقدت عليها في الماضي باسعار فائدة مرتفعة. واعتذر الوزير عن تحديد قيمة المبالغ المرجوة، لكنه قال ان حجمها سيكون كبيراً، لافتاً الى انه ينتظر عروض المصارف الدولية وشروط التمويل المقترحة. ويتولى "بنك ناسيونال دي باري باريبا" ومؤسسة الخبرة الدولية "ميريل لينتش" تجميع الاموال لفائدة المغرب. وكانت معلومات نشرتها "رويترز" تحدثت عن قروض بنحو 500 مليون دولار، لكن الوزير شكك في صحتها. وقال ل"الحياة" ان الحديث عن القيمة المالية سابق لاوانه قبل اجتماع اليوم وغداً، لكن المبالغ التي سيتم التعاقد عليها ستكون كبيرة وبالعملة الاوروبية الموحدة وليس بالدولار بسبب المكاسب التي حققتها العملة الاوروبية ازاء العملة الاميركية. وكشف الوزير من جهة اخرى ان هذه هي المرة الاولى التي يعود فيها المغرب الى السوق المالية الدولية من دون ضمانات خارجية. وكانت مؤسسة التنمية الدولية الفرنسية قدمت ضمانات لفائدة المغرب في عام 1999 عندما اقترض نحو نصف بليون دولار من السوق المالية الدولية. وقال ولعلو ان المغرب يستند على التصنيف السيادي الجديد لمؤسسة الخبرة الدولية "موديز" التي رفعت ترتيبه الى "ايجابي" من "سالب" بعد تحسن المؤشرات الماكرواقتصادية ونجاح تجربة تخصيص شركة التبغ المحلية التي درت على الخزانة الشهر الجاري نحو 1,5 بليون دولار. وينتظر ان يتم التوقيع في الرباط في الاسبوع الاول من الشهر المقبل على القروض التي سيتم تحصيلها من جولة شملت مراكز مالية دولية عدة منها البحرين ودبي وباريس وفرانكفورت وميونيخ وامستردام. وقال ولعلو ان المغرب ليس بحاجة الى تلك القروض لاغراض محلية بفعل الفائض المالي الذي حققته الخزانة من برنامج التخصيص والذي فاق التوقعات بنحو 700 مليون دولار، مشيراً الى ان المغرب سيستخدم تلك الاموال في تسديد ديون تجارية مرتفعة الكلفة بهدف تخفيض قيمة الديون الخارجية التي قال انها تقدر حالياً بنحو 13 بليون دولار وتنقص سنوياً بين بليون الى بليون ونصف بليون دولار. ولا يعتزم المغرب في الوقت الحالي زيادة ديونه الخارجية لكنه سيعرض امام المصارف الدولية والمؤسسات الاستثمارية وشركات ادارة المحافظ المالية فرص الاستثمار الجديدة المتاحة بعد الاصلاحات التي طالت الحسابات الكلية والتشريعات التي باتت تسمح بدخول الاستثمارات الاجنبية الى القطاعات الاقتصادية كافة دون استثناء. وكان ممثلون عن 70 مصرفاً ومؤسسة استثمار دولية حضروا في باريس اجتماعاً في شأن طلب عروض قروض سيادية للمغرب، وصف بأنه الجولة النموذجية وعملية علاقات عامة. وقال ولعلو ان الجولة التي يقوم بها المغرب في عدد من اسواق المال الدولية العربية والاوروبية تهدف الى اثارة انتباه المستثمرين الدوليين الى منافع الاستثمار في المغرب، وتعزيز الصورة الجديدة التي خرج بها المغرب بعد احداث 16 أيار مايو الارهابية وانخراط الرباط في مسلسل الشراكة الاوروبية والاعداد لمنطقة التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة الاميركية ومجموعة اعلان اغادير العربية التي تضم مصر والاردن وتونس والمغرب. ويتوقع المغرب نمواً يزيد قليلا على ستة في المئة بنهاية سنة 2003. وكان صندوق النقد الدولي الذي اثنى في تقريره قبل اسابيع على الاصلاحات في المغرب توقع نمواً نسبته 5,5 في المئة لاجمالي الناتج المحلي، بفضل موسم زراعي جيد وعدم تأثر الرباط بمضاعفات الحرب في العراق وتفجيرات الدار البيضاء على قطاع السياحة الذي يؤمن ثاني مصدر للعملة الصعبة. وكانت عائدات السياحة تراجعت 9,5 في المئة خلال الثلث الاول من السنة الجارية الى 600 مليون دولار بينما زادت تحويلات المهاجرين 10,5 في المئة الى 1,3 بليون دولار.