تلقت منظمة "مجاهدين خلق" المعارضة المسلحة الايرانية امس، "ضربة سياسية قاضية" بعد "الضربة العسكرية" التي وجهها الأميركيون الى قواعدها في العراق أخيراً، اذ دهمت أجهزة الامن الفرنسية مقر المنظمة في اوفير سور واز ضاحية باريس الذي تحول "مركزاً رئيسياً لها في العالم بعد سقوط نظام بغداد"، على حد تعبير المسؤولين الفرنسيين. واعتقل في الحملة التي طاولت مراكز أخرى ل"مجاهدين خلق" في فرنسا، مريم رجوي زوجة زعيم المنظمة مسعود رجوي، وشقيقه الذي يعمل طبيباً، إضافة الى أكثر 150 آخرين من انصاره. راجع ص 8 وفي وقت دانت المنظمة الحملة، باعتبارها نتيجة "صفقة سياسية" بين باريسوطهران، برر وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي ذلك بالقول ان المنظمة "خططت لجعل فرنسا قاعدة خلفية لها"، الامر الذي "لا يمكننا قبوله". واوضح ان "159 شخصاً وضعوا قيد الحجز الاحتياطي، فيما عثر على مبالغ مالية كبيرة ومعدات الكترونية"، يعمل المحققون للاطلاع عليها. وافادت مصادر مطلعة ان مبلغاً مقداره .31 مليون دولار، صودر من مقر المنظمة، اضافة الى وثائق "حساسة". واوضحت مصادر رسمية فرنسية ان الحملة تندرج في إطار تحقيق قضائي بنشاط المعتقلين، باعتبارهم يشكلون "مجموعة مخلة بالأمن تعد لأعمال إرهابية وتمول منظمة إرهابية". ولمحت الى ان "مجاهدين خلق" كانوا يعدون لأعمال ارهابية خارج فرنسا. وصرحت ناطقة باسم وزارة الداخلية الفرنسية بأن حرب العراق، أدت الى تكثيف ملحوظ في النشاط داخل مقر المنظمة في ضواحي باريس، إذ واكبها تدفق اعضائها الى اوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً. ونفت مصادر اخرى مطلعة ان يكون سبق العملية تشاور مع اي طرف سواء كان اميركياً او ايرانياً، علماً ان الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي ادرجا المنظمة في لائحة الارهاب. وابلغت أوساط قريبة من القاضي جان لوي بروغيير، المكلف التحقيق في هذا الشأن، "الحياة" ان "فرنسا ليست بعيدة عن الولاياتالمتحدة في ما يخص العمل على مكافحة الإرهاب". واحتجاجاً على الحملة الفرنسية، هاجمت مجموعة من أنصار المعارضة الايرانية في المانيا مبنى القنصلية الايرانية في هامبورغ، وأثارت اعمال شغب داخل المبنى وخارجه، مما حدا بالشرطة الى التدخل واعتقال المتظاهرين الذين لم يتجاوز عددهم خمسين. اضطرابات داخلية وطغت الحملة على "مجاهدين خلق" على الاحداث المتسارعة في ايران حيث بدا ان الاحتجاجات الطالبية المستمرة في طهران منذ اسبوع، اتسع نطاقها لتشمل المدن الكبرى مثل مشهد واصفهان وكرمان وكرمنشهر وتبريز، كما أفادت وكالة الانباء الايرانية. وتخللت تلك الاحتجاجات مواجهات مع قوى الامن واعتقالات في صفوف المحتجين. وترافق ذلك مع اعلان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ان التغيير في ايران بات "حتمياً"، رافضاً في الوقت نفسه تدخلاً خارجياً في الشؤون الايرانية الداخلية. فيما صرح وزير الخارجية الاميركي كولن باول أ ف ب في الطائرة التي كانت تقله الى بنوم بنه للمشاركة في اجتماعات عن الامن في منطقة آسيا - المحيط الهادىء بأن "الولاياتالمتحدة شجعت دائماً التظاهرات الإيرانية السلمية التي يعبر فيها الشعب عن آرائه، وما زال ذلك السياسة التي نتبعها". وأضاف: "نحن لا نحرك التظاهرات في ايران ولكن اذا كان الناس يأملون في التظاهر سلمياً من اجل حقهم ومن اجل حياة افضل فان ذلك في نظرنا امر جيد". بيرل: لا تدخل عسكرياً واكد ريتشارد بيرل، احد اقرب مستشاري وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد، في مقابلة مع صحيفة "تاغشبيغل" الالمانية ان الولاياتالمتحدة "لا تفكر في التدخل عسكرياً في ايران او في سورية"، باعتبار ان "ليس لدى الولاياتالمتحدة خطة عسكرية شاملة للشرق الاوسط" حالياً. وقال بيرل ان واشنطن "لا تستخدم القوة الا عندما تفشل كل السبل السلمية" كما حصل في العراق، مضيفاً ان "في ايران، فرصة كبيرة لتغيير سلمي للنظام". وفي المقابل، اعلن الرئيس الايراني السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني ان القوات الاميركية "سترغم على الرحيل عن الشرق الاوسط شاءت ام ابت". ويأتي ذلك في وقت تواجه طهران ضغوطاً اميركية -اوروبية لدفعها الى القبول بتفتيش دولي صارم لمنشآتها النووية التي تشتبه واشنطن في انها تتضمن مشروعاً سرياً لتطوير اسلحة نووية.