خلص المنتدى الدولي للاستثمار، الذي عقد على مدار الايام الثلاثة الماضية في دبي بمشاركة عدد كبير من الخبراء والمسؤولين العرب والاجانب على التأكيد على اهمية الاسراع بعمليات الاصلاح الاقتصادي في الدول العربية لتتمكن المنطقة من اجتذاب استثمارات جديدة من الخارج وتوفير قنوات استثمارية مجدية لرؤوس الاموال الوطنية. ورأى عدد من المشاركين ان المنطقة العربية قادرة على المنافسة استثمارياً كونها تملك موارد نفطية وطبيعية وبشرية تجعلها مكاناً مفضلاً لشرائح مختلفة من المستثمرين الدوليين الا انهم شددوا في المقابل على ان الحكومات العربية معنية الان بايجاد الحوافز التي من شأنها استقطاب رؤوس اموال جديدة ، من بينها توفير التشريعات المناسبة وتعزيز البيئة الاستثمارية، والاسراع في عمليات التخصيص التي من شأنها فتح قنوات استثمارية جديدة وتعزيز اتجاهات الانفتاح في اسواقها المحلية، والقضاء على البيروقراطية والروتين من خلال تطوير الهياكل الادارية لمؤسساتها الحكومية. وقال الرئيس التنفيذي ل"بيت التمويل الخليجي" عصام الجناحي في مداخلة قدمها الى المنتدى "أن السوق الإقليمية شهدت مجموعة من التحولات المهمة منها تقليص الاعتماد على عائدات النفط وتنامي الأهتمام بالقطاعات الصناعية والخدمية وتعجيل معدلات التخصيص وتحرير التجارة وأسواق الاستثمار والتركيز على تنمية التجارة الخارجية والاهتمام بتطوير سياسات جديدة من شأنها استقطاب الأستثمار الأجنبي المباشر. وأكد الخبير البحريني على أن منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ستتوافر لها فرص نمو كبيرة في العقدين المقبلين حيث يُتوقع أن يصل النمو فيها الى معدل 3.9 في المئة سنوياً مقارنة بالمعدل الدولي المتوقع خلال الفترة ذاتها عند 1.3 في المئة ليصل إجمالي الناتج المحلي للمنطقة سنة 2025 إلى 1.690 تريليون دولار مقارنة بالناتج المحلي المسجل عام 2000 وقدره 660 بليون دولار. وقدر الجناحي ان تكون الأموال العربية الخارجية تكبدت خسائر كبيرة عامي 2000 و 2001 يمكن تقديرها بنحو 400 بليون دولار. وقال "إن الثروات الخليجية المهاجرة تُقدر بنحو 700 بليون دولار السعودية و 266 بليون دولار الإمارات و 163 بليون دولار الكويتي و 65 بليون دولار باقي دول الخليج. وعن جهود التخصيص في منطقة الشرق الأوسط، قال عصام الجناحي "إن السنوات العشر الماضية شهدت 250 عملية بيع بقيمة إجمالية وصلت إلى ثمانية بلايين دولار". 1.4 تريليون دولار وتطرق إلى ذكر حجم الثروات الشخصية الدولية وقال إنها تأتي عند معدل 23.5 ترليون دولار وقال إن حجم الثروات العربية الشخصية تناهز 1.4 تريليون دولار. واشار إلى أن أغنى المستثمرين العرب، وفقا للمصادر العامة، يستثمر 15 في المئة من ثروته محلياً بينما يستثمر 85 في المئة منها خارجياً. ورأى الجناحي ان أسباب انحسار سوق المال الإقليمية تكمن في الافتقار إلى الشفافية ونقص المعلومات السوقية وغياب هيكل تنظيمي تشريعي موحد وافتقار المنطقة إلى وكالات التصنيف ومحدودية مشاركة رأس المال الأجنبي ما دفع بإمكانية التغلب على تلك المعوقات حال تبني توجه عام في اتجاه تأسيس سوق مالية موحدة للمنطقة. وتطرقت احدى جلسات المنتدى الى أسس نجاح سوق المال الناشئة وهي الكفاءة والشفافية والأطر القانونية والتنظيمية المتوافقة مع أفضل الممارسات الدولية. وقال عيسى كاظم مدير سوق دبي المالية، "إن عدد الشركات المسجلة في قوائم أسواق المال تُعتبر المؤشر الأول". وأوضح أن عدد الشركات المسجلة على قوائم السوق المالية الإماراتية يصل إلى 36 بينما تحتل سلطنة عمان المرتة الأولى خليجيا بعدد شركات يصل إلى 126 شركة في حين ذكر أن إجمالي عدد الشركات المسجلة على قوائمم أسواق المال الخليجية يصل إلى 393 شركة بإجمالي عائدات يقدر بنحو 36.536 بليون دولار سنوياً. وعن أحوال أسواق المال العالمية من ناحية أعداد الشركات المسجلة قال "إن المملكة المتحدة تملك أكبر عدد من الشركات المسجلة على قوائم سوق المال بإجمالي 2891 شركة تليها اليابان بإجمالي 2577 شركة و هونغ كونغ 867 شركة وكوريا الجنوبية 730 شركة و سنغافورة 386 شركة . وورأى إن منطقة الخليج تعتمد إعتماداً كبيرا على القروض المصرفية وتصل نسبة تمويل المشاريع عبر تلك القروض إلى 54.6 في المئة في الوقت الذي لا يتعدى اعتماد الولاياتالمتحدة على تلك القروض في التمويل نسبة 6.7 في المئة والمملكة المتحدة و هونغ كونغ نسبة 26 $ وقال إن سوق المال الخليجية كانت متواضعة نسبيا في توفير التمويل اللازم للعمليات والاستثمارات الإنتاجية للقطاع الخاص مقارنة بدور المصارف. وتناول المدير العام لسوق دبي بعض النماذج لمجموعة من المبادرات العالمية الرامية إلى تحقيق دور أكبر لأسواق المال وتعزيز موقعها على خريطة الاستثمار واشار إلى تجربة ناسداك الرامية إلى مواصلة العمليات على مدار الساعة سبعة أيام في الأسبوع عبر تغطية الفجوات الزمنية التي تفصل بين مناطق العالم المختلفة بينما أشار أيضا إلى بعض المبادرات التي لم يكتب لها النجاح مثل تجربة Xeuronext للربط بين أسواق بلجيكا و فرنسا وهولندا. وقال زياد مكاوي، المدير التنفيذي لشركة "شعاع" إن إجمالي حجم العائدات من إدارة الصناديق الإقليمية للصناديق التبادلية في المنطقة يُقدر بنحو 145 مليون دولار. وقال "إن تلك الصناديق تمثل 10 في المئة من إجمالي المدخرات في منطقة الخليج التي تُقدر بنحو 38.8 بليون دولار بينما تمثل الصناديق التبادلية المحلية نحو 50 في المئة من مجمل الصناديق التبادلية للتجزئة أو ما يقدر بنحو 19.4 بليون دولار. وقدر حجم الاستثمار في صناديق أسواق المال المحلية بنحو 41 بليون دولار ما يمثل في مجمله 15 $ من إجمالي الإيداعات المصرفية في المنطقة وقدرها 275 بليون دولار بينما تقدر عائدات تلك الصناديق بنحو 102 مليون دولار. في الوقت ذاته قدر زياد مكاوي حجم صناديق التقاعد الخليجية بنحو 134 بليون دولار يتم استثمار 50 في المئة منها محلياً ويدار منها نحو 20 في المئة من قبل القطاع الخاص ويصل مجمل العائدات الاستثمارية لصناديق التقاعد إلى 140 بليون دولار. وأكد الخبير المالي أن إجمالي حجم الصناديق التبادلية المستثمرة حاليا في منطقة الخليج لا تمثل سوى 0.02 يف المئة من إجمالي صناعة الصناديق التبادلية العالمية التي قدر حجمها بنحو 10 ترليون دولار في الوقت الذي يصل فيه إسهام منطقة الخليج في الناتج المحلي العالمي إلى 1.3يف المئة في حين أوضح أن حجم الصناديق التبادلية المدارة حاليا في منطقة الخليج يقدر حجمها بنحو 10.5 بليون دولار في الوقت الذي يصل فيه حجم صناعة سوق المال في منطقة الخليج إلى عشرة بلايين دولار بما يقل عن حجم الإيداعات الإقليمية بنحو خمسة في المئة. ورأى ان محركات دفع و تنمية أسواق المال في المنطقة تتمثل في الإصلاح التشريعي و التنظيمي و تثقيف مجتمع المستثمرين بما يساعد على توظيف المدخرات و رفع مستوى الاستثمار إضافة إلى تشجيع المؤسسات المسئولة عن إدارة الأصول بما لذلك من أثر في إذكاء المنافسة و تقليص الرسوم. وتناول المشاركون في المنتدى الذي نظمته هيئة دبي للاستثمار والتطوير قضاي الإدارة الرشيدة كالشفافية، و المساءلة و الممارسات الأخلاقية التي أصبحت ركائز أساسية لعمل الشركات على الصعيد العالمي، بعد أن تكشفت بعض الأوجه المهملة في إدارة الشركات. ودعا مايكل ريك رئيس مجلس الإدارة والشريك الى ضرورة التوازن بين الإدارة الرشيدة للشركات القائمة على الشفافية والمساءلة من جهة، ومهمة الشركة في تحقيق الأرباح من جهة أخرى، وخاصة في ظل ماشهدته الأسواق العالمية من انهيار لكبرى الشركات بسبب عدم الانسجام بين هذه العناصر مشيرا الى أنه لا يمكننا أن نتجاهل الدروس المستقاة من تجارب الآخرين، حيث علينا إيلاء الرأي العام أهمية كبيرة، كما يجب وضع طريقة عمل الشركات تحت المساءلة الدائمة، وان يلتزم المدراء بتقديم بيانات عمل شركاتهم بشكل موضوعي ودقيق، كما تحتاج الشركات إلى نظام عالمي للمحاسبة والتدقيق. ودعا الى تجنب ردات الفعل المباشرة والعنيفة، والتركيز بالمقابل على تقوية مستويات أداء الإدارة والعمل على إرساء قواعد تدعم مسيرة العمل بدلاً من تقييد حركة العاملين، مساءلة مجالس الإدارة والمسؤولون عن نظام توزيع الفوائد. واعتبر عقل بلتاجي المفوض الاعلى لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ان العناصر الرئيسية لنجاح الإدارة، حيث يجب أن تعتمد نظام قانوني وتشريعات وتنظيمات ملائمة، نظام قضائي فعال تسوده قوة القانون، الاصلاح الضريبي، بالإضافة إلى ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص. وأكد المفوض الأعلى لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة على أهمية اتباع أسلوب الإداراة الرشيدة لما تمنحه من فعالية وحيوية لآليات عمل اقتصاديات السوق، بالإضافة أن هناك أدلة واضحة عن الآثار االسلبية لغياب الإدارة الرشيدة، إلى جانب الثقة التي تمنحها للقطاع الخاص والمستثمرين الأجانب بتوفيرها بيئة عمل تتمتاز بالحيوية والمرونة.