كان الترحيب المصري الرسمي بدعوة الرئيس الاميركي جورج بوش تأسيس منطقة حرة بين الولاياتالمتحدة والشرق الاوسط حذراً، في حين تباينت مواقف المنظمات ورجال الاعمال، فالبعض اعتبرها جيدة وطالب بالاضطلاع على تفاصيلها فيما اعتبرها آخرون جزءاً من سعي الاميركيين الى تسويق "النيات الحسنة" بعد الحرب على العراق راجع ص 14. وتوقع خبراء ان تثير الدعوة الجدل بين الحكومة ومنظمات الاعمال، ليس في قبولها فحسب بل في آلية تنفيذها، فالدعوة جيدة لكن الخبراء يشككون في تنفيذها. وفي الثامن من آذار مارس الماضي احتدم الجدل في مصر في شأن منطقة التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة بعدما استبعد الممثل التجاري الاميركي روبرت زوليك مناقشة مشروع المنطقة الحرة مع مصر. وقال المتعاملون تجارياً مع الولاياتالمتحدة أن تصريح زوليك نقل خطأ، إذ اعلن ارجاء المحادثات حالياً وليس نهائياً. وقال رئيس الجانب المصري في مجلس الاعمال المصري - الاميركي جلال الزوربا: "فُهِمَ التصريح على أنه تنصل اميركي من اقامة المنطقة مع مصر وهذا غير صحيح". وأضاف: "الاميركيون يطالبون بتدابير ونحن نسعى بكل جهد لتنفيذها في إطار قومي ووطني يتفق ومصالحنا، لكن البعض رأى أن تصريح زوليك ما هو إلا ثمرة زيارات لمسؤولين اميركيين كُثر العام الماضي في مقدمهم نائب وزير التجارة صمويل بودمان، فهم يطلبون في زياراتهم بتنفيذ الاجراءات دون التطرق تفصيلياً الى المنطقة الحرة، بل وربط البعض بين مباشرة المحادثات ومواقف سياسية مصرية مثل الوضع في الاراضي المحتلة ... لكن يبدو أن الموقف الرسمي من الحرب ضد العراق كان هو السبب الاكبر في إطلاق المبادرة في ظل غياب رفض عربي فاعل ومواجهة ضد اميركا". ويشار الى ان الولاياتالمتحدة أجلت العام الماضي مناقشة مشروع المنطقة الحرة مع مصر خمس مرات بحجة عدم تلبية مصر الشروط وعدم توافر التشريعات والقوانين الاقتصادية، واضيف اليها اخيراً وقف تمويل او تحويلات مالية لجهة يشتبه في تورطها في عمليات ارهابية وهو ما نجحت فيه مصر إلى حد كبير. واستبعد خبراء مصريون التزام الولاياتالمتحدة بوعودها للدول العربية باقامة منطقة التجارة الحرة في غضون السنوات العشر المقبلة، خصوصاً وأن دعوة بوش لاقامة المنطقة جاءت مشروطة باقامة انظمة ديموقراطية واصلاحات سياسية ونبذ العنف والاعتراف بشكل واضح وصريح بما وصفه بحق اسرائيل في العيش بسلام مع جيرانها. واعتبر الخبراء ان فترة السنوات العشر التي حددها بوش لاقامة المنطقة طويلة نسبياً، ما يضفي ظلالاً من الشك حول عزم الولاياتالمتحدة تنفيذ وعودها اضافة الى انها تتناقض مع النظرة الاميركية للمناطق التجارية الحرة باعتبارها احد معوقات تحرير التجارة العالمية. ولفتوا الى ان الولاياتالمتحدة جعلت اقامة منطقة التجارة الحرة مع الدول العربية مشروطة بما يتيح لها التنصل من وعودها في الوقت الذي تريده، الامر الذي يتنافى مع مبدأ عدم ارتهان اتفاقات التجارة الحرة بالمواقف السياسية للدول.