فيما أعلن الاتحاد الاوروبي انه يفضل عودة المفتشين الدوليين الى العراق ليواصلوا مهمة التحقق من خلوه من اسلحة الدمار الشامل، عارضت الولاياتالمتحدة ذلك واقترحت ان يلعب حلف شمال الاطلسي دوراً في هذا المجال. أعلن المفوض الاوروبي المكلف العلاقات الخارجية كريس باتن في مدينة سيدني الاسترالية امس ان الاتحاد الاوروبي يعتبر ان على المفتشين الدوليين المكلفين البحث عن اسلحة الدمار الشامل في العراق العودة الى هذا البلد للتحقق من اي اكتشاف محتمل لهذه الاسلحة، مؤيداً نداءً وجهه الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ليعطي مجلس الامن تفويضاً الى المنظمة الدولية لتلعب دوراً في العراق. غير ان مسؤولاً كبيراً في الادارة الاميركية نفى في مقابلة نشرت امس امكان عودة المفتشين الدوليين، واقترح بدل ذلك ان يلعب حلف شمال الاطلسي دوراً في نزع سلاح العراق. واوضح باتن في تصريح للتلفزيون الاسترالي الخاص: "لا شك في رأيي ان حصول مرحلة ما بعد الحرب على اوسع شرعية دولية ممكنة هي مسألة منطقية تصب في مصلحة الجميع". ورأى ايضاً ان من الضروري ان تكون عمليات اكتشاف اسلحة دمار شامل بعيدة قدر الامكان عن اي جدل، مشدداً على ان "ثمة قلقاً انه في حال اكتشفت قوات التحالف التي شنت الحرب على العراق مثل هذه الاسلحة، اذ سيكون الرأي العام في العالم العربي والاسلامي اقل استعداداً لتصديق ذلك فيما لو كانت الاممالمتحدة" اكتشفت هذه الاسلحة. واضاف باتن الذي يزور استراليا في اطار محادثات وزارية استرالية - أوروبية: "أظن ان من مصلحة الجميع الاستعانة في مرحلة ما بعد الحرب بالاممالمتحدة للتحقق مما يمكن اكتشافه". من جهته عبر وزير الخارجية الاسترالي الكسندر داونر عن الرأي ذاته، موضحاً: "اظن ان مشاركة الاممالمتحدة في التحقق من اكتشاف اسلحة دمار شامل سيعطي بطبيعة الحال مزيداً من الثقة للمجتمع الدولي"، متمنيا عودة المفتشين بعد تسوية مسائل معينة في مجلس الامن. واشار داونر ايضاً الى ان القوات الحليفة في العراق ومنها الاسترالية ستعلن النصر في الايام المقبلة موضحاً ان صياغة البيان موضع مناقشات بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا واستراليا. وفي مدريد قال خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي في مقابلة نشرت امس ان على الولاياتالمتحدة استخدام نفوذها للحصول على اجماع حلفائها بدلاً من فرض ارادتها بالقوة. وفي مقابلة مع صحيفة "ايه بي سي" الاسبانية قال سولانا الرئيس السابق لحلف شمال الاطلسي ان "القوة العظمى لا تريد حدوداً وتظن خطأ انها اذا وجدت نفسها وسط اقلية في المؤسسات المتعددة الاطراف فستصبح قدرتها على العمل محدودة. وهذا نوع من قصر النظر". واضاف ان "للقوى المهمة ايضاً القدرة على قيادة اطراف متعددة، ومن الافضل اقناع الآخرين بما تريدهم ان يفعلوا بدلاً من فرضه عليهم". وقال سولانا انان أي حكومة عراقية جديدة تحتاج الى موافقة الاممالمتحدة لكي تكون شرعية و"الشرعية كلمة رئيسية: من غير الممكن لقوات التحالف التي تقودها الولاياتالمتحدة اتخاذ قرار حول حكومة انتقالية للعراق من دون قرار من الاممالمتحدة او مباركة" المنظمة الدولية. كما قال ان "الاتحاد الاوروبي له دور ثلاثي الابعاد في العراق في اطار الاممالمتحدة: دور في الاغاثة الانسانية، ودور في اعادة الاعمار الفعلية، وتوفير الشرعية للحكومة". ودعا الى تعزيز مراقبة الاممالمتحدة لاسلحة الدمار الشامل تجنباً لتكرار ما حدث في العراق، قائلاً: "علينا ان نراجع معاهدات الاممالمتحدة التي لا تحظى باحترام الآن لانها لم توقع من جانب كل الدول حتى لا نجد انفسنا في مواقف مثل موقف العراق مرة اخرى. اننا نحتاج آليات اكثر كفاءة لا تنطوي على استخدام القوة والتي يجب ان تظل دائما الملاذ الاخير". وحض سولانا واشنطن في وقت سابق على ان تخفف انتقاداتها الى سورية التي تتهمها الولاياتالمتحدة بايواء مسؤولين عراقيين وامتلاك اسلحة كيماوية وان تركز بدلاً من ذلك على اقرار السلام في العراق. غروسمان يقترح دوراً ل"الاطلسي" من جهة اخرى، نفى مسؤول كبير في الادارة الاميركية في مقابلة نشرت امس، امكان عودة المفتشين التابعين للامم المتحدة الى العراق، واقترح بدل من ذلك ان يلعب حلف شمال الاطلسي دوراً في نزع سلاح ذلك البلد. وقال نائب وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية مارك غروسمان كذلك لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الايطالية ان عقوبات الاممالمتحدة التي فرضت على العراق بعد غزو الكويت عام 1990 لم يعد لها مبرر ويجب ان ترفع. ونقلت الصحيفة عن غروسمان قوله: "الموقف في العراق تغير تماماً... تكليف المفتشين ما يزال قائماً ولكن لا يمكن ارسالهم جميعاً الى العراق مرة اخرى". وقال رداً على سؤال هل يعتقد بان الحاجة تقتضي ارسال بعض خبراء الاسلحة الدوليين الى العراق فأجاب: "لا نستبعد هذا... في زيارة لحلف شمال الاطلسي اقترح نائب وزير الدفاع بول ولفوفيتز اشراك الحلف في نزع سلاح العراق". ولم تعثر على اسلحة من هذا القبيل في العراق بعد مرور شهر على الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة. ومن المتوقع ان يخبر هانز بليكس رئيس فريق التفتيش مجلس الامن الثلثاء المقبل باستعداد فريقه للعودة الى العراق لمواصلة مهمته. لكن الولاياتالمتحدة اعربت عن رغبتها في استكمال المهمة بنفسها ووضعت وزارة الدفاع قائمة من عشرة مفتشين سابقين كانوا يعملون مع الاممالمتحدة للاستعانة بهم في المهمة. وذكر غروسمان ان الوقت حان لرفع العقوبات عن العراق قائلا: "العراق حر ويجب ان يتمكن من العودة الى السوق الحرة. برنامج النفط مقابل الغذاء الذي يعتمد عليه 60 في المئة من العراقيين لم يعد له مبرر وهو ينتهي في الثالث من يونيو حزيران وعلى الاممالمتحدة ان تقرر بسرعة". وقال غروسمان انه لا الولاياتالمتحدة ولا الاممالمتحدة يجب ان تسيطر على نفط العراق مضيفاً: "هدفنا ان تكون هناك حكومة عراقية موقتة بأسرع ما يمكن... العراقيون قادرون على حكم انفسهم". وفي لندن، أكد نائب وزير الدفاع البريطاني لويس موني امس انه لم يتخذ اي قرار بعد حول الطريقة التي يمكن من خلالها استئناف البحث عن اسلحة الدمار الشامل في العراق. ورداً على سؤال ل"هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي عن احتمال عودة مفتشي الاممالمتحدة لنزع الاسلحة لاستئناف عملهم في العراق، قال موني: "ما هو مهم هو العثور على الاسلحة". واضاف ان "أي قرار لم يتخذ بعد حول طريقة معاودة البحث عن اسلحة الدمار الشامل". واوضح ان هذا الموضوع سيبت فيه خلال اليومين المقبلين في مجلس الامن الدولي. وقال ان قوات التحالف الاميركي- البريطاني لم تدخل "في البلد إلا قبل أربعة اسابيع". وتابع: "اعطونا الفرصة للعثور على مئات او حتى آلاف المواقع حيث خبئت الاسلحة". واكد المسؤول البريطاني قناعته بإمكان وجود هذه الاسلحة. "الاطلسي" واعادة اعمار العراق الى ذلك، اعلنت صحيفة "فرانكفورتر الغمايني زونتاغزتسايتونغ" نقلا عن مصادر متطابقة في القنصلية الالمانية وديبلوماسيين اميركيين ان منظمة حلف شمال الاطلسي تستعد للعب دور في اعادة اعمار العراق. واوضحت الصحيفة ان مندوبي الحلف الاطلسي بحثوا الثلثاء خلال اجتماع سري مع الأمين العام جورج روبرتسون في مشاركة الحلف في مرحلة ما بعد الحرب في العراق. وتابعت نقلا عن مصادر قريبة من الحلف ان الاجتماع بحث في "ما هو ممكن بين اعضاء الحلف وما هو غير ممكن". وقالت الصحيفة استنادا الى وزارتي الدفاع والخارجية الالمانيتين انه في حال اضطلاع الحلف بمهمة في العراق، فان دول الحلف قادرة على ارسال عدد محدود من الجنود. وكان مسؤول كبير في الحكومة الالمانية اعلن في 11 نيسان ابريل ان المانيا لا ترى "في الوقت الحاضر دورا للحلف الاطلسي" في العراق. وترغب واشنطن في مشاركة الحلف الاطلسي في الحفاظ على الامن خلال المرحلة الانتقالية في العراق التي تلي انهيار نظام صدام حسين، ما سيسمح بابعاد الاتحاد الاوروبي بصورة نهائية بعد ان اظهر انقساما كبيرا حول شرعية الهجوم العسكري على العراق في مجلس الامن.