غداة يوم أسود للصحافة تمثل بمقتل ثلاثة اعلاميين في بغداد، اتهم الرأي العام العربي واشنطن ب"القضاء" على الصحافيين لأنهم "شهود مزعجون على المجازر". واعتبر الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مقتل الصحافيين "أمراً خطراً"، خصوصاً وأنهم يؤدون "مهمة نبيلة جداً في نقل الحقائق من ارض المعركة". واضاف انه ارسل برقية تعزية الى اسرة طارق أيوب مراسل "الجزيرة" الذي قتل بصاروخ أميركي في بغداد، كما ارسل برقية مماثلة الى المحطة الفضائية في "هذة الخسارة الكبيرة". وأعلنت القناة انها تحاول سحب مراسليها من العراق، وقال ابراهيم هلال رئيس المحررين الاخباريين: "لا يمكنني ضمان سلامة احد…ما زال لنا أربعة صحافيين في بغداد وسنسحبهم. ولدينا مراسل يرافق قوات اميركية في مدينة الناصرية جنوب ونسعى الى سحبه". وتظاهر اعلاميون اردنيون ومسؤولون رسميون امس تنديداً بمقتل ايوب وهو اردني من اصل فلسطيني. وقال نعيم ايوب والد الفقيد "ابني شهيد الواجب". واضاف "هذه هي حضارة اميركا". واضاف وهو يحمل طفلة الفقيد فاطمة التي تبلغ من العمر عاماً واحداً "المشكلة انهم يعتدون على الصحافيين لطمس الحقيقة". وبالنسبة الى ديما، ارملة ايوب فقالت ان الحلم الاميركي جلب "الدم والدمار وقلوباً محطمة". وترقرقت الدموع في أعين زملاء ايوب في "الجزيرة" عندما تحدثت الارملة الشابة هاتفياً خلال مؤتمر صحافي من منزلها في العاصمة الاردنية عمان. وعبرت مسيرة التضامن شارع الصحافة من مقر صحيفة "الدستور" حتى مقر صحيفة "جوردن تايمز" الصادرة باللغة الانكليزية والتي كان ايوب يعمل فيها. ورفع المتظاهرون صوراً للصحافي الفقيد الذي قتل عن عمر 34 عاماً، ولافتات تدين مقتله اضافة الى مقتل مصورين صحافيين آخرين. ودعا المتظاهرون الى طرد السفير الاميركي "المجرم" مرددين شعارات "أميركا رأس الحية" و"من عمانلبغداد ألف تحية ألف سلام". وأعلنت بلدية مدينة اربد شمال عن اطلاق اسم "الشهيد الصحافي طارق ايوب" على أحد شوارعها. وقال الشيخ حمد بن تامر آل ثاني، رئيس مجلس ادارة "الجزيرة"، إنه ليس في وسعه ان يؤكد ان كان الهجوم على مكتب القناة في بغداد "تعمد" المراسل، لكنه ذكر بأن مكتب القناة الفضائية العربية في كابول كان هدفاً للقصف في الحرب التي شنتها الولاياتالمتحدة على افغانستان قبل عامين. وفي لبنان، نفذت اعتصامات في بيروت والمناطق احتجاجاً على استشهاد الصحافيين في القصف الأميركي. وتجمع عشرات الإعلاميين وأساتذة كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية والمئات من طلابها أمام مبنى بيت الأممالمتحدة في وسط بيروت. وشارك في الاعتصام وزراء ونقابيون. ورفع المعتصمون صوراً للضحايا وبينهم مراسل "الجزيرة" طارق أيوب، ولافتات تندد ب"قتل أميركا صحافيين باسم الحرية والديموقراطية لمنعهم من فضح مجازرهم". وأعلن وزير الإعلام غازي العريضي ان وزارته ستتقدم بشكوى الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. ورفع المعتصمون مذكرة الى أنان باسم الهيئات الثقافية والإعلامية تحثه على "الخروج عن صمته لأن الأممالمتحدة مستهدفة بمؤسساتها ودورها". واعتبر نقيب المصورين جمال الصعيدي "ان الحرب هي حرب ضد الصحافيين". وقال رئيس الحكومة السابق سليم الحص ان "استهداف الصحافيين يدل الى العمل البطولي الذي يقوم به رجال الإعلام في تغطية وقائع حرب قذرة". ورأى ان "الغزاة لا يتورعون عن ارتكاب جرائم بشعة في حق الإنسانية". وأبرق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الى قناة "الجزيرة" معزياً باستشهاد الصحافي أيوب والى ذويه أيضاً، ودان حزب الكتائب استهداف الإعلاميين. واستنكرت جمعية الصحافيين الاماراتيين تعرض الاعلاميين العرب والاجانب للقصف. وفي بيان نقلته وكالة انباء الامارات الرسمية اعربت الجمعية عن تقديرها لجهود سائر القنوات والمؤسسات الاعلامية العربية التي تؤدي واجبها تحت النيران. ودان وزير الاعلام السوري عدنان عمران من جهته استهداف القوات الاميركية للصحافيين داعياً الى "محاسبة المسؤولين عن قمع الاعلام الحر بهدف حجب صور المآسي الانسانية الخطرة والمروعة". ودعا عمران الامين العام للامم المتحدة والمدير العام لمنظمة ال "يونيسكو" الى ادانة هذه الجرائم "والعمل على وقفها واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمحاسبة المسؤولين عنها وفق … اتفاقية جنيف". واعتصم العديد من الصحافيين العاملين في وسائل الاعلام السورية والعربية والغربية امام مقر اتحاد الصحافيين في دمشق. واستنكرت نقابة الصحافيين الفلسطينيين "الجريمة الاميركية المدبرة والمفجعة"، وأصدرت بياناً جاء فيه "اننا نشد على ايادي الصحافيين الشجعان وندعو الى مزيد من الثبات والصمود في مواجهة هذا الارهاب الاعلامي البشع الموجه ضد الصحافيين الذين يعملون على كشف زيف الشعارات الاميركية". ولم تقتصر حملات التنديد على الشارع العربي انما طاولت الرأي العام الغربي، فاتهم اتحاد الصحافيين الالمان الجيش الاميركي بقصف متعمد لفندق فلسطين. وقال الاتحاد في خطاب احتجاج للسفير الأميركي في المانيا دانييل كوتس "روعنا ان نعلم ان فندق فلسطين في بغداد مقر الصحافيين من مختلف ارجاء العالم استهدف عن عمد من جانب الجيش الاميركي". وطالب الاتحاد الذي يمثل 40 ألف صحافي الماني "بوقف الاعمال العسكرية التي تستهدف الصحافيين واماكن عملهم عن عمد او تتسامح مع مثل هذه الهجمات". كذلك اتهمت لجنة حماية الصحافيين الولاياتالمتحدة بانتهاك معاهدات جنيف بضرباتها العسكرية ضد مواقع اعلامية. وبعثت اللجنة رسالة احتجاج الى وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد تقول فيها انها "قلقة بشكل خطير". واضافت "على رغم ان مصادر في بغداد أبدت شكوكاً عميقة في شأن تقارير بأن القوات الاميركية تعرضت لاطلاق نار من فندق فلسطين، وحتى لو كان الأمر كذلك، فإن الادلة توحي بأن رد القوات الاميركية كان مبالغاً فيه وبالتالي ينتهك القانون الانساني الدولي". وقالت سيفرين كاز، رئيسة قسم الشرق الاوسط في منظمة "مراسلون بلا حدود": "من الصعب تصديق ان الأمر مجرد خطأ. نريد دليلاً على انه لم يكن هجوماً متعمداً".