William Rivers Pitt & Scott Ritter. Guerre a L'Irak: Ce que L'Equipe Bush ne dit pas. الحرب على العراق: ما لم يقله فريق بوش. Le Serpent a Plumes, Paris. 2002. 134 pages. "لا أحد يمكن ان يناقش حقيقة عشتها وعايشتها باعتباري المفتش الذي كلفته الأممالمتحدة ما بين 1991 و1998 بنزع السلاح في العراق. في 1998 حينما غادرت العراق اثر انتهاء برنامج التفتيش لم يبق أي اثر لسلاح بيولوجي وكيماوي ونووي. لماذا اذاً تصر واشنطن على شن حرب جديدة على العراق اكثر من أي وقت مضى؟". انها الجملة التي رد بها سكوت ريتر الاختصاصي في المسألة العراقية والمبعوث الدولي على المعلق السياسي والكاتب الاميركي الشهير وليام ريفرس. ويتضمن الكتاب حواراً أجراه ريفرس مع سكوت ريتر الذي أصبح عميلاً للعراق في نظر بوش بعدما اكد عجز صدام عن بناء بنية تحتية جديدة لانتاج الأسلحة النووية وعدم وجود علاقة بين بن لادن وصدام حسين كما يدعي بوش. ويبين سكوت في الحوار الذي أجري عبر الهاتف، ان تغيير النظام السياسي على الطريقة الاميركية يمثل عبثاً موصوفاً ولا يؤدي بالضرورة الى الديموقراطية في بلد مقسم منذ قرون عدة، ويحذر من عواقب المخلفات الكارثية التي ستنتج عن الحرب الاميركية والبريطانية المرتقبة. فبوش يصر على الحرب للحفاظ على سمعته السياسية تحت وطأة تأثّره بريتشارد بيرل رئيس المجلس الاستشاري للدفاع والملقب ب"أمير الظلام"، ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع ونائبه بول ولفوفيتز - الثلاثي المعروف بتأييده المطلق لاسرائيل. ففريق بوش المذكور يريد شن حرب غير مبررة بعد قضاء العراق على ترسانة أسلحته الكيماوية والنووية والبيولوجية، وقيامه بهذه الحرب يعني خرقه للقانون الدولي خلافاً لما حدث اثناء حرب الخليج وتسببه في صدام حضاري بين الغرب والاسلام، الأمر الذي يحقق هدف بن لادن. فصدام، عند ريتر، من صنع واشنطن: "انه وحشها الذي صنعته كما صنعت كوكا كولا وأيدته في حربه ضد ايران وزودته بمالنا وبمعلوماتنا العسكرية على رغم علمها باستعماله السلاح النووي، وواشنطن هي التي حالت دون القضاء عليه اثناء حرب الخليج واحبطت محاولات اطاحة حكمه". وادعاء واشنطن أن تغيير النظام في العراق في صالح الشعب يتناقض، في تقدير سكوت، مع واقع التركيبة الثقافية والقبلية العراقية، ومع الديموقراطية المزعومة التي تريد واشنطن ادخالها بالقوة الى العراق. وهي ليست في صالح واشنطن ايضاً. ذلك ان الأغلبية في العراق مكونة من الشيعة المرتبطين ايديولوجيا ونظرياً بإيران الأصولية. وهذه الحقيقة لا تسمح لواشنطن ايضاً بحكم الأكراد، وهم 23 في المئة من مجمل السكان، كما ان تركيا التي تحاربهم لا تقبل بذلك. أما القبائل السنية التي تحكم العراق، وهي 17 في المئة، فلن تكون أقل عنفاً ودموية حتى في حال خروج رئيس جديد من صفوفها. والحل الوحيد الذي يسمح بتغيير حقيقي، في تصور المبعوث السابق للأمم المتحدة، يأتي من الشعب العراقي نفسه. وهو لن يتحقق في ظل الفقر والعقوبات المفروضة على العراق وعدم السماح لشعبه بالتحول الى أمة عظيمة كما كان قبل الحربين الكارثيتين ضد ايران والكويت. مقابل ذلك، يستطرد سكوت، على صدام قبول عودة مفتشي الأممالمتحدة من دون شروط حتى تتأكد واشنطن من ان العراق لم يعد قادراً على انتاج تكنولوجيا كيماوية وبيولوجية ونووية تهددها وتهدد المنطقة. ومع تحسن أحوال معيشة العراقيين وبروز طبقة متوسطة ستتلاشى حتما - كما يعتقد سكوت - الانقسامات الثقافية والتفاوتات الاقتصادية، الأمر الذي سيؤدي الى تمزق نظام صدام.لكن الحل الآخر الذي يريده فريق بوش سيؤدي الى حرب مدمرة يروح ضحيتها آلاف المدنيين من العراقيين والاميركيين، والى انفجار غضب العالم الاسلامي، وتعيين رئيس عراقي سني جديد لن يكون أحسن من صدام حسين. ويرى سكوت ريتر انه في حال اندلاع الحرب سيكون الوقت وعدد الضحايا ضد مصلحة واشنطن: "وانتصارها لن يتحقق اذا تمكن العراقيون من تأخير تقدم الهجمة الاميركية. فشهر من الصمود سيدفع العالم العربي والاسلامي الى الانفجار ووقتها سيصبح الحادي عشر من ايلول سبتمبر مجرد نزهة أمام ما ينتظرنا". وفي سياق تأكيده على الخطر المحدق بالشرق الأوسط والكارثة الانسانية غير المسبوقة، اضاف سكوت رداً على الأسئلة الأخيرة لريفرس مشيراً الى احتمال بعض البلدان العربية، الأمر الذي لم يعد يهم ادارة بوش التي كررت اكثر من مرة انه يجب اعادة تشكيل الشرق الأوسط الذي فقد تواصُله مع المجتمعات الغربية. فالحرب المحتملة ضد العراق هي إذاً فكرة جهنمية تنم عن همجية فريدة من نوعها. والوثيقة التي صدرت عن البنتاغون تحت عنوان "تقرير السياسة النووية" اكدت ان امكانية انفجار الشرق الأوسط وتوقع صمود العراقيين سيسمحان لهم بالحصول على اسلحة نووية من جهات ارهابية - ايران وباكستان. واذا لوحت واشنطن باستعمال السلاح النووي فسيؤدي ذلك حتماً الى ضرب القوة العالمية الأولى بقنبلة نووية ارهابية. "لست عميلاً للعراق كما قيل عني، وحبي لبلدي هو الذي يتركني أدعو الى حوار حول العراق قبل شن حرب ضده بعد تقديم أدلة دامغة لا يطالها الشك. وكل حل يورط الجيش يجب ان تسبقه المقاربة الديبلوماسية". بهذه الجملة أنهى سكوت ريتر حواره مع وليام ريفرس قبل ان يضيف في سياق الخلاف الفرنسي - الألماني - الاميركي: "من الأسباب التي لن تمكّن واشنطن من ضمان تحالف دولي عدم توظيفنا كل مظاهر الديبلوماسية في علاقتنا مع العراق. واذا كان كولن باول يقبل التحدث مع وزير خارجية كوريا الشمالية التي أدرجتها واشنطن في دول محور الشر، فلماذا لا يفعل الشيء نفسه مع وزير خارجية العراق؟".