يحاول المسؤولون في سلطة الائتلاف تقديم دلائل واشارات جديدة تدل على رغبتهم وتصميمهم على نقل السلطة الى العراقيين في الموعد المحدد نهاية حزيران يونيو من العام المقبل، وآخر هذه المحاولات برنامج تلفزيوني أعد لهذا الغرض وموجه الى العراقيين يقدمه الناطقان الرسميان باسم سلطة التحالف ومجلس الحكم الانتقالي في العراق. ويحمل البرنامج اسم "خطوات في نقل السلطة الى العراقيين" ويقدمه الناطق الرسمي باسم سلطة الائتلاف البريطاني تشارلز هتلي الذي يجيد اللغة العربية، والناطق الرسمي باسم مجلس الحكم الانتقالي في العراق حميد الكفائي. ويبدأ البرنامج الذي بدأت بثه محطة التلفزيون العراقي "العراقية" التي تشرف عليها قوات التحالف بجلسة حوار باللغة العربية لهذين المسؤولين، وهما يجلسان حول طاولة في احد مطاعم فندق الرشيد بوسط بغداد حول الجدول الزمني لنقل السلطة الى العراقيين الذي وقع في الخامس عشر من تشرين الثاني نوفمبر الماضي، بين رئيس مجلس الحكم في ذلك الحين جلال طالباني والحاكم المدني الاميركي بول بريمر. ويقول هتلي رداً على سؤال لمحاوره الذي يسأله عما اذا كانت قوات التحالف ستبقى في العراق بعد حزيران القادم ان "من المهم فعلا ان نقنع الشعب العراقي بنيتنا في تطبيق هذا الجدول الزمني وهذا الاتفاق مئة في المئة، وان يعرفوا انه ليس هناك اي تردد من قبل سلطة الائتلاف وليس هناك اي مصلحة لسلطة الائتلاف في ان تبقى في العراق بعد تسليم السلطة الى العراقيين". واضاف "نحن جئنا الى العراق من اجل تحرير الشعب العراقي من النظام السابق ولا نريد ان نبقى في العراق، ولماذا نبقى في العراق ما دام شعب العراق يريد الآن نهاية الاحتلال ونحن نحترم هذا الأمر". واوضح هتلي ان بقاء قوات الائتلاف في العراق "يكلفنا بليوني دولار شهريا". وتابع ان "بعض العراقيين يسألونني: هل هناك امكان لان تبقوا هنا في العراق بعد الشهر السادس او الشهر السابع من العام المقبل؟ فاقول لهم لا، ليس هناك اي امكان حتى اذا كانت هناك تحديات امنية او سياسية كبيرة، لان حل المشكلات الامنية والسياسية في العراق سيتم عبر تسليم السلطة والسيادة الى العراقيين". وسئل ما اذا كانت قوات من التحالف ستبقى في العراق بعد نقل السلطة الى العراقيين، فقال انه "يجب ان نفتح الحوار الان بيننا وبين مجلس الحكم حول هذا الموضوع". ورأى انه "اذا انسحبت كل السلطات وكل القوات من العراق في يوم واحد فإن هذا قد يوجد مشكلة امنية جديدة في العراق". واضاف هتلي ان "الحكومة العراقية الجديدة هي التي ستقرر حجم القوات التي ستبقى في العراق واذا قررت الحكومة العراقية انها تحتاج الى عدد من القوات المسلحة من الاجانب طبعا ستطلب ذلك ونحن سنتجاوب معها". واكد المتحدث باسم سلطة الائتلاف ان "القوات المسلحة ستنسحب تدريجيا من العراق وان شاء الله بسرعة ولكن دائما حسب الحاجة". واضاف انه اذا كانت "قوات الشرطة او الجيش العراقي قادرة على حفظ الامن بدون اي مساعدة فسننسحب"، واوضح ان "قوات التحالف قد تنسحب من المدن ... حيث ستلعب قوات الشرطة او الجيش العراقي الدور الاساسي". وتخللت البرنامج لقطات تبين آراء عامة الناس في الشارع حول الجدول الزمني اظهرت ان عددا كبيرا من العراقيين يجهلون حتى الان وجود هذا الاتفاق ومضمونه وموعد تطبيقه. وعلى رغم مرور حوالى ثمانية شهور على انتهاء العمليات العسكرية فان العراقيين لا يزالون يعانون من نقص حاد في الكهرباء والوقود والماء والمشتقات النفطية، يثقل كاهلهم ويبعدهم عن الاهتمام بالامور السياسية. من جانبه اكد الناطق الرسمي باسم مجلس الحكم لمحاوره ان "تنفيذ هذا الاتفاق هو لمصلحة الجميع، مصلحة الشعب العراقي ومصلحة مجلس الحكم ومصلحة سلطة الائتلاف الموقتة". واضاف ان "الاميركيين لا يريدون البقاء في العراق والامر سيان بالنسبة الى البريطانيين ... كما ان العراقيين لا يريدونكم ان تبقوا محتلين بل يريدونكم اصدقاء كما كنتم والصداقة لا يمكن ان تبقى بوجود الاحتلال". واوضح الكفائي ان "النية في تطبيق الاتفاق موجودة والامكانية قائمة وان هذا الاتفاق قابل للتطبيق وسيطبق، لكن علينا ان نحاول تسهيل تطبيقه من خلال جعل العراقيين يشاركون في عملية صنع مستقبلهم السياسي". وينص الاتفاق الذي وقع في الخامس عشر من تشرين الثاني نوفمبر الماضي بين مجلس الحكم الانتقالي في العراق وسلطة الائتلاف على "نقل السيادة الى حكومة عراقية انتقالية" في نهاية حزيران 2004 و"عملية دستورية تؤدي الى تشكيل حكومة عراقية منتخبة ديموقراطيا ومعترف بها على المستوى الدولي". وبحسب الجدول الزمني الذي اعلنه مجلس الحكم الانتقالي العراقي، فان تشكيل مثل هذه الحكومة العراقية المنتخبة متوقع في نهاية 2005 مع الموافقة على دستور جديد في الوقت نفسه.