أعلى ايراد تحقق لفيلم من بطولة الممثلة دايان كيتون بلغ 105 ملايين و500 الف دولار، وذلك عن فيلم بعنوان "نادي الزوجات المطلقات" سنة 1996. قبل ذلك وبعده شهدت أفلاماً أقل إيراداً بما فيها "بتاون أند كانتريا" الذي جلب أقل من سبعة ملايين دولار، و"غرفة مارفن" الذي اكتفى ب 13 مليون دولار. اما آخر فيلم لها تحت إدارة وودي ألن، وهو "لغز جريمة مانهاتن" فقد جمع 11 مليون دولار. مع مثل هذه الأرقام تدرك كيتون، التي تستعد لاستقبال مغامرتها الجديدة في "شيء عليه أن يستسلم" انها ليست نجمة شبّاك وحتى لو حقق هذا الفيلم الكوميدي الرومانسي ايراداً أعلى من كلفته التي بلغت نحو سبعين مليون دولار فلن يزيد عن 90 مليون دولار... وهذا بما فيه تقدم إسم جاك نيكولسون اسمها في الملصقات والإعلانات. وبما أن كل فيلم بحاجة الى ضعفي ونصف ضعف كلفته قبل أن يعتبر رابحاً، فإن التسعين مليون دولار، اذا ما تحققت، لن تكون كافية لبعث السرور في أوصال شركة سوني المنتجة. ما قد يبعث السرور - وقدراً من التعويض - هو ترشيحات جوائز غولدن غلوب السينمائية الأولى التي ستصدر صباح غد، اذا اشتملت على هذا الفيلم بين الأفلام الخمسة المتنافسة على جائزة أفضل فيلم كوميدي. والمتنافسون في الأقسام كافة أكثر من 180 فيلماً من أصل 240 فيلماً تم عرضها في الصالات الأميركية منذ مطلع العام وحتى الآن. والأقسام السينمائية تشمل: مسابقة أفضل فيلم درامي، مسابقة أفضل فيلم كوميدي، مسابقة أفضل فيلم أجنبي، مسابقة أفضل ممثل في فيلم درامي، وأفضل ممثل في فيلم كوميدي، وأفضل ممثلة في فيلم درامي ثم أفضل ممثلة في فيلم كوميدي، وأفضل ممثل وممثلة مساندة وأفضل مخرج ثم أفضل سيناريو وأفضل موسيقى وأفضل أغنية ألّفت خصيصاً للسينما... هناك أيضاً الجوائز التلفزيونية... وهذه قصة أخرى. أهمية "الغولدن غلوب" هي التالية: قبل الأوسكار بأقل من شهر تقام حفلة توزيع "الغولدن غلوب"، ثاني أهم جوائز السينما في أميركا بعد الأوسكار وقبل نحو عشر جوائز توزعها جمعيات ومؤسسات مختلفة. وعادة ما ينتظر ألوف من أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، المانحة للأوسكار العتيد، حفلة "الغولدن غلوب" لمتابعة نتائجها. والمؤكد أن نسبة كبيرة منهم تقع تحت تأثير نتائج هذه المسابقة وإلا لما أثبتت الدورات، واحدة تلو الأخرى، أن نحو 70 في المئة من الأفلام والممثلين الفائزين فيها يصعدون خشبة الأوسكار بعد ذلك لتسلّم جوائزهم... او على الأقل يجدون أنفسهم مرشحين لجوائزها؟ فهل لدى دايان كيتون حظ في الفوز ب"الغولدن غلوب" كأفضل ممثلة في فيلم كوميدي؟ومن ثم بالأوسكار؟ مقارنات هناك خمس ممثلات أخريات يستطعن الادعاء بأنهن قدّمن أفضل ما يمكن تقديمه في إطار الأدوار الكوميدية، حتى ولو لم تلق إحداهن نكتة او تتزحلق على قشرة موز. فالدور الكوميدي يمكن أن يكون جاداً، بل أفضله هو النوع الجاد الذي يستخلص "كوميديته" من الموقف والبعد وليس من الحركة. في هذا الإطار جرّب كارلت جوهانسن في "مفقود في الترجمة"، وكريستينا ريكي في "اي شيء آخر"، وهيلين ميرين في "فتيات الروزنامة"، وايفا مندِس في "ملصوقة بك"، وهوب ديفيز في "أميركان سبلندر". في "مفقود في الترجمة" تؤدي الممثلة الجديدة سكارلت جوهانسن دور زوجة شابة تحط في طوكيو بصحبة زوجها المصوّر الذي وصل في رحلة عمل. تجد نفسها وحيدة في ذلك الفندق الشاهق وبلا اي شيء تقوم به كلما خرج زوجها في مهمة. الى أن تتعرّف الى ممثل اميركي جاء الى طوكيو ليظهر في إعلانات ويسكي. حينما يعرّفها بنفسه يقول: "أنا ممثل مسرحي جئت لأمثل فيلماً إعلانياً وأقبض مليوني دولار". حكاية حب لا تخرج عن الرومانسية الرقيقة تقع بين الإثنين الى أن تنتهي زيارة أحدهما. سكارلت التي لديها فيلم آخر هذا العام، هو "الفتاة ذات حلق اللؤلؤ" الذي يختلف تماماً عن هذا الفيلم، تنساب في الدور كما لو كانت ترتدي "بلوزة" محببة بسهولة وتلقائية، وتأثير. في "اي شيء آخر" تظهر كريستينا ريكي في دور صعب وتؤديه جيداً. انه كوميديا من وودي ألن عن شاب جاسون بيغز وصديقته ريكي، هو من النوع المخلص وهي من النوع المخلص ايضاً لكن لأيام او أسابيع. هو يدرك ذلك ولا يعرف كيف يحافظ عليها ولا كيف يتركها. أما هي فتقابل معضلته بمزيد من استغلال الظرف المتاح. كريستينا ليست من النوع الهيّن في التمثيل كونها قصيرة وذات نوع خاص من الجمال والجاذبية يحد من الأدوار المتوجهة اليها. لكنها مناسبة جداً هنا كون الدور لا ينص، على اي حال، على ممثلة ممشوقة القوام او بمواصفات جوليا روبرتس قبل خمس عشرة سنة. البريطانية هيلين ميرين من الممثلات اللواتي لم تصنع الأفلام مجدهن كاملاً بعد. لديها أكثر من دزينتين من الأفلام الدرامية والكوميدية، لكنها لا تزال دون مستوى النجومية. هذا لا يهم، نقول نحن النقاد، لأن النجومية مثل شهرة السياسيين، تأتي وتذهب، اما الممثل الجيد فيبقى أبداً. في "فتيات الروزنامة" تؤدي دور امرأة يخطر لها أن أفضل طريقة لجمع تبرعات خيرية، هي الظهور وصديقاتها عاريات في روزنامة العام المقبل... هذا مقبول ومثير لو أنها - او اي من صديقاتها - دون الخامسة والعشرين! اما وقد تخطين الأربعين، فإن هناك مشكلات عويصة تنتظرهن. الفيلم يواجه التوقعات التي تحيط بقصته بلا خوف، وفي النهاية يترك المشاهد في شعور جيد يتمنى معه لو أن الحياة كلها بمثل هذه البساطة. ايفا مندس ايضاً ممثلة جديدة كسكارلت جوهانسن. لكن هناك باعاً طويلاً بينها وبين الأولى. على ذلك تهضم دورها كفتاة لاتينية تتعرّف الى شقيقين ملتصقين عند الخاصرة وتقع في حب أحدهما. ملهاة حول تفاصيل شائكة في واحد من أفضل الأفلام الكوميدية هذا العام. اما هوب ديفيز، وهي واحدة من الموهوبات البعيدات ايضاً عن النجومية، فتلحق دورها امام جاك نيكولسون بتمثيل دور امرأة أحبت رجلاً من خلال ما يكتبه في مجلات الكوميكس. "اميركان سبلندر" فيه عناصر جيدة كثيرة، وتمثيل هوب واحد من أهمها... وبالعودة الى السؤال حول دايان كيتون، فإن كل ما تستطيع أن تقوم به في الكوميديا المباشرة "شيء عليه أن يستسلم" هي أن تضحك. تدعي رد فعل مفاجئاً. ترفع عينيها الى السقف. تسعل وتطلق شيئاً يشبه القهقهة ثم تضحك من جديد... وهذا أقرب الى الشعور بالمغص منه الى التمثيل.