بعد ان يفطر السعوديون ويصلوا صلاة المغرب يبدأون رحلة "الريموت كونترول" بين القنوات الفضائية العربية لتستقر أخيراً على القناة الاولى للتلفزيون السعودي، لمتابعة المسلسل السعودي "طاش 11" وما يحمله من مواضيع مثيرة. وكعادته كل عام يبقى مسلسل "طاش ما طاش" القضية الأكثر جدلاً في الاوساط السعودية المختلفة. وعلى رغم ان تلك الحالة اصبحت ملازمة لشهر الصوم الا أن ردة الفعل المبكرة للجزء 11 كانت عنيفة ومغايرة لما درجت عليه العادة. وشهد المسلسل في اسبوعه الاول هجوماً عنيفاً ودعوات لمقاطعته اطلقت من على منابر المساجد ومن خلال الفضائيات وعبر وسائل الاعلام المقروءة، ما وسع الجدل بين مؤيد ومعارض ومطالب بضبط ما يعرض، حتى ان المتشددين من الاسلاميين الذين ينشطون على مواقع الانترنت طالبوا بالتجمع يوم السبت الماضي أمام مبنى وزارة الاعلام وتقديم عريضة الى الوزير تطالب بمنع عرض المسلسل. والمسلسل الذي يخرجه عبدالخالق الغانم ويقوم ببطولته ناصر القصبي وعبدالله السدحان، الى جانب يوسف الجراح وكوكبة من النجوم السعوديين، يعتبر أحد أنجح البرامج التي يقدمها التلفزيون السعودي بحسب النقاد والمشاهدين، لما فيه من طرح جريء بقالب كوميدي لقضايا يومية يعيشها المواطن، سواء نتجت عن خلل اداري في المؤسسات الحكومية او جاءت من عادات وتقاليد يعيشها المجتمع، وهذا ما يجعله عرضة للنقد والاعجاب كأي عمل فني ناجح آخر. وأثار "طاش 11" هذه السنة حفيظة المتشددين بسبب تعرضه في حلقته الثانية لواحدة من مشاكل المرأة في المجتمع السعودي، وهي قضية "المحرَم"، أي زوج المرأة أو اخوها أو ابنها أو والدها الذي يجب ان يرافقها حين خروجها. وناقشت الحلقة عجز المرأة السعودية عن قضاء أي أمر من أمورها العامة من دون أن يصحبها "محرم"، وعرضت العوائق والمضايقات التي تتعرض لها المرأة السعودية في حال غياب محرمها، لدى مراجعتها الدوائر والمؤسسات العامة بغرض انهاء متطلبات وظيفية وادارة اعمالها او زيارتها لأماكن الترفيه العامة والمطاعم والمتنزهات، الى جانب ذلك منعها بشكل قاطع من دخول بعض الاماكن كمحلات الفيديو والتسجيلات الغنائية والوزارات والدوائر الخدمية. وزادت المخاوف على مصير هذا المسلسل الذي يحظى بجماهيرية واسعة في السعودية ودول الخليج وحتى في دول عربية أخرى مثل الاردن، بعدما طالب استاذ الفقه في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح السدلان، وزير الاعلام السعودي بوقف المسلسل "لكثرة الاشكاليات المثارة حوله". وقال الشيخ السدلان في برنامج ديني اذاعي ان ما ذكر في حلقة "بدون محرم" عن منع المرأة من استخدام أجهزة الصرف الآلي او مراجعة الدوائر الحكومية من دون محرم، أو امتناع دخول رجال الأمن الى المنزل في حال الشكوى من وجود لص في غياب المحرم "كذب وبهتان". واشار الى ان هناك توجيهاً من ولاة الأمر الى الفقهاء بعدم طرح ما يثير فئات اجتماعية او مذهبية معينة والاكتفاء بتبيان الحق فقط من دون ادانة المخالفين، مطالباً بأن يعامل مسلسل "طاش ما طاش" بفحوى هذا التوجيه وان يتم وقفه لأنه "برنامج مثير". واشار الفنان ناصر القصبي احد نجوم المسلسل الرئيسيين، في تصريح الى "الحياة"، الى وجود "جبهة" للعمل ضد مسلسل "طاش ما طاش"، وقال: "من المؤسف ان يُصور لهم تفكيرهم اننا نسعى الى المساس بالدين. فمنذ انطلاق المسلسل يفتح سنوياً جدل طويل على شرعيته، وكأن هذا المسلسل لم يوضع الا للاستعداء او لتشويه صورة الدين في وقت نسعى نحن من خلاله الى مناقشة قضايا نعيشها كل يوم ونعاني منها". وحض القصبي علماء الدين على التدخل واستيعاب تلك المجموعات، واضاف: "شيء مرعب ان يكون بيننا منحرفون فكرياً لهذه الدرجة، ادعو العلماء الى ان يلتفتوا اليهم وان يفتحوا معهم باب الحوار، من الواضح ان لديهم خللاً في الاستيعاب وهم يحتاجون إلينا جميعاً لنفتح معهم ذلك الحوار". وزاد ان "فكرهم المشوش أوحى اليهم بأننا نسعى الى تغيير ثوابت شرعية او المساس بها وهذا غير صحيح، فنحن مسلمون ولم نأت من كوكب آخر". ويتعرض المسلسل لنقد شديد بعدما هاجمه أحد العلماء في معرض رده على أحد السائلين، ما وسع دائرة الجدل في المجالس والمقاهي ومنتديات الانترنت. ويعلق القصبي على ذلك بقوله: "لا مانع من ان نناقش قضايانا بشيء من الحكمة وبهدوء. فهذا ما نسعى اليه من خلال تلمس الأزمات التي يعيشها المجتمع في قالب كوميدي خفيف. ثم ان المسلسل يعرض على التلفزيون السعودي المعروف بأنه لا يسمح بأي تجاوزات. نحن نقدم نتاج ما يحدث لنا على مدار العام ولنا جمهورنا الذي يحترم هذا اللون ونحن نبادله ذلك الاحترام".