تسارعت التطورات في جورجيا امس. ومالت الكفة لمصلحة معارضي الرئيس ادوارد شيفاردنادزه بعد انضمام وحدات الحرس الجمهوري وعدد من كبار المسؤولين الى صفوفهم، فما بدا ان وزير الخارجية الروسي أخفق في تحقيق تقدم لتقريب وجهات النظر بين الطرفين. وكان شيفاردنادزه وجه أمس، انذاراً الى المعارضة طالبهم بتهدئة الاوضاع والانسحاب فوراً من الديوان الرئاسي ومبنى البرلمان اللذين احتلهما المحتجون. وفي المقابل، امهل زعيم المعارضة ميخائيل ساكاشفيلي شيفاردنادزه "ساعة" لمغادرة القصر الرئاسي، داعياً حشود المتظاهرين الى التوجه نحو القصر. وكان الرئيس الجورجي وجه خطاباً الى الشعب عبر التلفزيون الحكومي قال فيه انه أجل تنفيذ قرار اعلان حال الطوارئ بسبب مهمة الوساطة التي بدأها وزير الخارجية الروسي. غير انه ألمح الى اتخاذ اجراءات رادعة ضد المعارضة. وقال انه "صبر طويلاً ... ولم يوجه أوامره حتى الآن الى قائد الجيش للتحرّك". وجاء حديث شيفاردنادزه بعدما انضم الحرس الجمهوري الى المعارضة، فيما أعلن ان عدداً من كبار المسؤولين حسموا موقفهم ضد شيفاردنادزه، ومن بينهم مستشار الرئيس لشؤون القانون الدولي ليفان اليكسيدزه الذي اعلن انه سيخضع منذ الآن لأوامر رئيسة البرلمان نينو بودجاناندزه التي نصبها انصارها رئيسة موقتة. وتزامن ذلك مع احكام المعارضين سيطرتهم على الموقف في جورجيا، خصوصاً بعد تخلي قائدي الأمن الداخلي وقوات الشرطة عن شيفاردنادزه. ووجه ساكاشفيلي دعوة الى الجورجيين لاقتحام البلديات ومؤسسات حكومية أخرى. وقال ان القصر الرئاسي الذي يحتمي فيه شيفاردنادزه سيكون الهدف التالي للمتظاهرين. وبدا ان مهمة وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف وصلت الى حائط مسدود، بعدما اجرى سلسلة لقاءات مع الجانبين. وأعرب في مؤتمر صحافي عقده بعد ذلك، عن أمله في ان يجري طرفاً الصراع مفاوضات مباشرة. وأكد الوزير الروسي ضرورة التوصل الى تسوية وفق نصوص الدستور الجورجي. وشدد على ان بلاده لن تتدخل في شؤون جورجيا الداخلية، بعدما كانت جهات روسية أشارت الى ان ايفانوف سعى الى التوصل الى حل وسط من خلال اقناع شيفاردنادزه بالاعلان عن انتخابات مبكرة في البلاد، في مقابل تخلي المعارضة عن مطالبتها باستقالته. واعتبر محللون ان تعنت شيفاردنادزه لو استمر كان سيهدد بحرب أهلية قد تسفر عن تفكك جورجيا الى دويلات صغيرة. ومعلوم ان ابخازيا واوسيتيا الشمالية المتمتعتين بحكم ذاتي تسعيان الى الانفصال عن جورجيا. وكانت محطة "ان تي في" الروسية نقلت عن مصدر في الكرملين تحذيره من "عواقب وخيمة" قد يسفر عنها هذا التطور على الوضع داخل جورجيا وفي منطقة القوقاز كلها. ورأى محللون روس ان اطاحة شيفاردنادزه في هذا الشكل أسفرت عن تعزيز الدور الأميركي في المنطقة، كما قد تهدد باعادة اشعال الموقف في الشيشان، بعدما كانت موسكو تمكنت من الاتفاق مع الجورجيين على آلية لضمان عدم تسلل مقاتلين عبرها الى الشيشان.