عشنا خلال الحلقات ال16 الماضية مع ذكريات نهائيات كأس العالم منذ دورتها الأولى التي أنطلقت عام 1930 في أوروغواي إلى الأخيرة التي اقيمت عام 1998 في فرنسا... وتعرفنا على لحظات حلوة وأخرى مرة عاشتها المنتخبات التي شاركت في نهائيات هذا المحفل العالمي عبر تاريخه الطويل. واليوم نبدأ رحلة الغوص في أعماق المنتخبات ال32 المتأهلة لمونديال 2002 الذي سنعيش أحداثه المثيرة بدءاً من 31 أيار مايو إلى 30 حزيران يونيو المقبلين في كوريا الجنوبية واليابان معاً. ويتسم هذا المونديال تحديداً بمميزات لم يعرفها غيره من قبل من بينها انه يقام للمرة الأولى في آسيا وتتقاسمه دولتان للمرة الأولى ايضاً وربما الأخيرة بعد أن أكد رئيس الاتحاد الدولي الفيفا قبل بضعة أشهر أن التجربة من الناحيتين التنظيمية والإشرافية كانت صعبة للغاية "ويبقى أن نرى ما سيحدث على أرض الواقع خلال المنافسات لنقيم التجربة بالكامل، قبل أن نقرر اذا ما كان بالإمكان تكرارها". وسنتعرف من خلال الحلقات المقبلة على المنتخبات المتأهلة مجموعة بمجموعة، وسيكون ضيفنا الأول منتخب الدنمارك الذي يلعب ضمن المجموعة الأولى إلى جانب فرنسا حاملة اللقب، والسنغال وأوروغواي. أجل مدرب منتخب الدنمارك مارتين أولسن إعلان التشكيلة النهائية لمنتخب بلاده المشارك في نهائيات كأس العالم السابعة عشرة المقررة من 31 أيار مايو إلى 30 حزيران يونيو المقبلين في كوريا الجنوبية واليابان معاً، بسبب الإصابات التي تعرض لها عدد من لاعبيه المرشحين لخوض منافسات هذا المحفل العالمي. ولن يتمكن أولسن من إعلان تشكيلته بالكامل قبل 6 أيار، وهو موعد يتأخر بأربعة أيام عن الموعد الذي سبق أن حدده من قبل لإعلانها. وتشمل لائحة المصابين المهاجمين مارتين يورغنسن وجوزف داهل توماسون، ولاعبي خط الوسط ستيغ تيوفتينغ وتوماس هيلفيغ وتوماس غرافسن وكلاوس يانسن وآلان نيلسن ويان ميكالسن... ما يعني ان المدرب يعيش في ورطة فعلاً "حدوث الإصابات أمر مألوف ومتوقع بالنسبة إلى كل مدرب، انما بالنسبة إليَّ فهو يمثل كارثة حقيقية لأن اللائحة تضم ابرز عناصر المنتخب". وأضاف: "وما يزيد الطين بلة أنه لم يعد يفصلنا عن نهائيات كوريا الجنوبية واليابان سوى وقت قليل جداً، وهو غير كاف طبعًا لانتقاء لاعبين جدد ودعوتهم للانضمام إلى المنتخب. وإذا اضطررنا إلى ذلك فعلاً، فهل سيتمكنون من الانسجام مع زملائهم خلال هذه الفترة القصيرة... اعتقد أن الأمر سيكون صعباً للغاية، والمصيبة أنني لست قلقًا بسبب اللاعبين المصابين فعلاً فقط وإنما لأنني متخوف من أن يتعرض الباقون من خلال المباريات المتبقية مع أنديتهم إلى اصابات قد تحرمهم من الانضمام إلى معسكر المنتخب الأخير قبل شد الرحال إلى كوريا الجنوبية. وليس أمامي سوى الدعوات والتمنيات أن تمر المرحلة المقبلة على خير، وإلا سنصبح في مواجهة كارثة حقيقية". وتأكيداً على النقص الحاد في صفوف اللاعبين، والذي يعاني منه المنتخب الدنماركي، أعرب أولسن عن اعتقاده بأنه لن يكون قادراً على ملء اللائحة النهائية بالكامل "إذا استمر الحال هكذا، فمن أين لي ب23 لاعباً اقدم أسماءهم ضمن اللائحة النهائية إلى الاتحاد الدولي في 21 أيار المقبل. الأمر صعب جدًا، وليس أمامي سوى الانتظار". وعلى رغم أن الكرة الدنماركية تملك تاريخاً طويلاً، فانها لم تظهر تحت أضواء المونديال سوى مرتين فقط من قبل في عامي 1986 و 1998 في المكسيكوفرنسا على التوالي. ويعود تاريخ تأسيس الاتحاد الدنماركي إلى عام 1889، وهي كانت من المؤسسين الأوائل للاتحاد الدولي الفيفا عام 1904 . واللافت أنها حققت انجازاً كبيراً في دورة الألعاب الأولمبية عام 1908 في لندن بنيلها الميدالية الفضية، بيد أنها غابت تماماً عن المنافسات الدولية إلى عام 1948 عندما عادت إلى الأضواء مجدداً من خلال الأولمبياد أيضاً. ورأى المتابعون للعبة أن أهم أسباب هذا الغياب يرجع إلى تأخر دخول الاحتراف إلى ملاعبها، وأيضاً إلى تأخر احتراف لاعبيها وبعدد كبير في الأندية الأوروبية الكبيرة. ولم يعرف الاحتراف بمفهومه الشامل طريقه إلى الدنمارك إلا في عام 1978، حين اختير نجمها آلان سيمونسن أفضل لاعب في أوروبا في العام ذاته. وفي طريقها إلى مونديال هذا العام، تغلبت على ايسلندا 2-1 و6-صفر ، وعلى مالطا 5-صفر و2-1 ، وعلى تشيخيا 2-1 وتعادلت معها صفر-صفر، وعلى بلغاريا 2-صفر وتعادلت معها 1-1، وتعادلت مع ايرلندا الشمالية مرتين 1-1 و1-1 . وتلعب الدنمارك ضمن المجموعة الأولى الصعبة التي تضم إلى جانبها فرنسا حاملة اللقب، والسنغال الطامحة لتأكيد سمعتها الأفريقية من خلال ظهورها الأول في المونديال، وأوروغواي صاحبة التاريخ العريق والإنجازات الكبيرة. وهي بخلاف عدد كبير من المنتخبات المتأهلة لا تعتمد على كوكبة من نجوم اللعبة في العالم لتحقيق انتصاراتها، وإنما على الأداء الجماعي خصوصاً بعد اعتزال الأخوين مايكل وبريان لاودروب. لكن يبقى لاعب نيوكاسل الإنكليزي جون داهل توماسون، ولاعب شالكه الألماني آبي ساند أهم الأوراق الرابحة في صفوف المنتخب ويعقد عليهما مدربهما آمالاً عريضة لهز شباك المنافسين... بيد أن الدلائل تشير إلى أن الدنمارك ستكون في حاجة إلى ما هو أكثر فاعلية وقوة من توماسون وساند وحدهما لتجاوز الدور الأول عموماً، ولمواجهة فرنسا تحديداً.