بعد اجتياز مرحلة الاختبارات في استديو الفن، يستعد خريجو هذا البرنامج للانطلاق في عالم الفن المتخم، متسلحين بمواهبهم التي أثبتتها الميداليات وشهادات التقدير أو التمييز. ويدرك الشباب طبعاً ان الموهبة وحدها لا تكفي في زمن الفضائيات، وفي عصر الإعلام والمنافسات الفنية. ويدركون أن الخبرة، ومعرفة أساليب النجاح لا تزال تنقصهم. وتتأرجح مواقف أصحاب المواهب الجديدة بين الامتنان لبرنامج "استديو الفن" الذي اطلقهم، والحذر من المؤسسة التي تختبئ وراءه، او المكتب التجاري للأعمال والعقود الفنية، المؤهل لضمان مستقبلهم، أو محوهم وتجاوزهم، بحسب نسبة طواعيتهم. وقد لا يلامُ الخريجون، على ما يمكن ان توقعه ايديهم من عقود مكلفة لبلوغ النجاح الفعلي. وفي المقابل ليس وارداً تجاهل قدرة المخرج سيمون اسمر ومكتبه على توصيل من يستحق غالباً، ومن لا يستحق احياناً، من خلال امتلاكه أسرار المهنة. "الحياة" التقت بعض حائزي الميداليات الذهبية في دورة استديو الفن 2002، المحطة المحورية في حياة معظم الذين اشتركوا في البرنامج، وسألتهم عن هذه التجربة، وأثر النجاح في مشاريعهم ومخططاتهم، وكيفية استعدادهم للانخراط وإثبات وجودهم في ظل التضخم الذي تعانيه الساحة الفنية والإعلامية. يعتبر ماريو عبود، الحائز ميدالية ذهبية عن فئة التقديم للشباب،أن التجربة التي مر بها لم تكن سهلة ابداً: "اعتبر نفسي مبتدئاً في حقل الإعلام، وأتمنى ان اتمكن من السير على الطريق الذي يحترم ذوق المشاهد". ماريو موظف حالياً في كازينو لبنان، درس المسرح لكنه انتسب اثناء دورة استديو الفن الى كلية الإعلام لدراسة العلاقات العامة. وهو يشدد على العفوية، وعلى اهمية الثقافة. تجربته مع برنامج استديو الفن تشجعه على توقيع عقد مع المخرج سيمون اسمر، "عندما يعتمد الإنسان على شخص ذي خبرة، لا سيما في بداية المشوار". ومن جهتها ماري منصف، الحائزة ميدالية ذهبية عن فئة التقديم للبنات، تعتمد بشكل كبير على مساعدة المكتب لإطلاقها: "أتقبل كل نصيحة، أو تدخل، من المكتب التجاري للأعمال والعقود الفنية لأن القيمين عليه اصحاب خبرة". وساعدت الدراسة في مجال الترجمة، ماري في تحصيل ثقافة واسعة وسرعة بديهة، وهذه المؤهلات ضرورية للتقديم، الى جانب العفوية برأيها. لم تحدد ماري نوع البرامج التي تفضلها، فهي تحب تقديم البرامج الثقافيّة كما البرامج الترفيهية، ولم تحسم خيارها في اتجاه نوع محدد. أما صاحب الخبرة الفنية السابقة أيمن زبيب، فقد تعززت ثقته بنفسه، وأصبح اكثر اندفاعاً بعد التجربة التي خاضها في استديو الفن وحصوله على ميدالية ذهبية عن فئة الأغنية العربية الشعبية. "لولا الامتحان لما كان النجاح"، يقول. وعن إمكان اثبات قدراته الفنية وسط ازدحام الساحة الغنائية، يعتبر ايمن ان "وسائل الإعلام - مع الأسف - فرضت اليوم شروطاً جديدة وسطحيّة لنجاح المطرب، تتعلق بالشكل الحسن والملابس وتسريحة الشعر"... ما أفرز تضخماً فنياً، بسبب وجود أشخاص هم دون المستوى الذي يراعي ذوق الناس. "لكن الصوت الجميل والأداء بإحساس اهمّ وأبقى، الى جانب الكلمات الراقية والألحان التي تلامس الإحساس". ويعرب أيمن عن تفاؤله بالمستقبل، مؤكّداً: "لا يصح إلا الصحيح". ويجتهد اليوم للحصول على بعض الأغاني الخاصة به، لكن في المقابل يسعده التعامل مع المخرج سيمون أسمر، "صاحب الخبرة الفنية الواسعة، والفضل الكبير على الكثير من كبار الفنانين" إذا رأى ان بنود العقد تناسبه. وتتابع ياسمين طحّان، الحائزة ميدالية ذهبية عن فئة الأغنية الشعبية اللبنانية، دراستها الغناء الشرقي، والعزف على العود في الكونسرفاتوار الوطني: "الحياة الفنية صعبة، وعلى الهاوي الطموح ان يتمتع بالثقافة الموسيقية والتواضع ليجتاز مراحلها". وتضيف ياسمين ان البداية تتطلب بعض التضحية والاستماع الى نصائح الأشخاص ذوي الخبرة، "بمساعدة المكتب يكون الوصول أسلم وأسهل". كما تعتبر ان الغناء الشعبي يشبهها، لذلك ترى فيه الخط الذي ستعتمده. وبالنسبة الى ربيع الحناوي، الفائز بالميدالية الذهبية عن فئة الأغنية الطربية العربية، فقد غيّرت تلك الميداليّة حياته. وتحوّل مستقبله بشكل كلي، فقد كان يستعد لتحصيل اجازة في الحقوق هذا العام... لكنه، بعد الفوز، بدأ يفكر في احتراف الغناء، معتبراً ان "الموهبة ركن اساسي للنجاح، وهي تكتمل بالدراسة". وإذا كانت الثقة بالنفس ضروريّة، في نظره، لتحقيق النجاح، فإن ذلك النجاح لا يتأكّد إلا بتوقيع العقد. والسبب بسيط: "مع المخرج سيمون اسمر ممنوع الخطأ". أما نعيم الأسمر، فقد حصل على ميدالية ذهبية، مضافاً إليها تمييز من لجنة التحكيم. لكن الجمهور عرفه باسم... نعيم الأشقر! إذ عمد الى تغيير اسم العائلة، اثناء دورة استديو الفن، لئلا يثار اي نوع من التساؤلات حول وجود قرابة مع المخرج، وبالتالي وجود توصية... "الآن يمكن العودة الى الاسم الحقيقي، بعدما علم الجميع إذا كنت أستحق الميدالية عن جدارة ام لا". ونعيم طالب سنة اولى هندسة زراعية، ويتابع دراسة العود والمغنى في الكونسرفاتوار الوطني. وهو يشدد على أهمية التسلح بالعلم والثقافة، الى جانب العناصر الفنية للنجاح، لا سيما "أن الفن لم يعد يستند فقط إلى الصوت والبراعة في الأداء، وإنما يحتاج ايضاً إلى الكثير من الحظّ والدعم الإعلامي". وعن علاقته بمكتب استوديو الفن يعلّق نعيم الأسمر انه تفاجأ، مثل غيره من المشتركين، بنزاهة المباراة... لكثرة ما تردد من اشاعات حول شروط النجاح، وارتباطه بالتعاقد مع المكتب. وفي المقابل يدرك نعيم صعوبة اختيار الطريق الصحيح في المرحلة المقبلة، بسبب افتقاده الخبرة اللازمة. لذلك لا يرى مشكلة في الاعتماد على مساعدة مكتب استديو الفن، لا سيما انه "ليس من السهل ان يفرض اي شاب، مهما كان موهوباً، نفسه على الجمهور من دون مساعدة مؤسسة إعلامية. فالشهرة لها ثمن وأعتقد انها تستحقه".