بروكسل - "الحياة - تعرض مسرحية الكاتب السوري سعد الله ونوس "رأس المملوك جابر" للمرة الثانية في برلين. وفي الصيغة الجديدة التي تصدى لها المخرج العراقي الأصل حازم كمال الدين تحكي المسرحية عن جابر. وجابر هو اسم مستعار أطلق على مملوك من اصل أوروبي في قصر خليفة بغداد شعبان المقتدر. المملوك الأشقر جابر يستغل الظروف المحيطة بقصر الخليفة لكي يحصل على حريته... في الصيغة الجديدة من رأس المملوك ينسحب الراوي الذي كتبه سعدالله ونوس لمصلحة امرأة تسرد الحكايات. إلا ان العدادة هي بطلة المسرحية. العدادة تبعث الحياة في شخصياتها عبر طقوس الروي النسوية الخاصة - المعارضة لشهرزاد ألف ليلة وليلة. ذلك ان شخصية شهرزاد ليست شخصية امرأة وإنما امرأة كما رسمها الإرث "الرجولي". العدادة تعدد وتغني وتلطم منادية اهالي بغداد للقدوم الى الموقعة على المسرح. وهذ اذ تفعل ذلك تبني خطاباً من التعازي تستحيل فيه النساء رجالاً والرجال نساء. العدادة تتغلغل في كل طبقة من طبقات الشعب لتجابهها مع اردية السلطة. الكل يستسلم لمصيره في هذه المسرحية إلا المملوك جابر الذي يتمرد على ما رسمه القدر بحثاً عن حريته. وإبان تمرده على اعشاش عنكبوت السلطة التي حاكتها ايدي السلطات المتخاصمة يصبح المملوك جزءاً من الشبكة العنكبوتية. الشعب يؤبن البطل الوهمي ويترك البلاد. وذات صباح يستيقظ الخليفة فلا يجد شعباً في بلاده. وهو اذ يضيع في متاهات قصره حيث لا أحد يلبي طلباته يناشد جيرانه من الحكام ان يبيعوه شعباً يحكمه. فالحاكم يستطيع ان يكون حاكماً إذا ما وجد شعباً يحكمه وليس على الأرض البور. محترف "صحراء 93" المسرحي هو محترف يعنى أولاً بحال المسرح في حركة، الحركة في المسرح، ما يتحرك وما يتم تحريكه. الطقس باعتباره ضمانة لحرية الجسد والعقل باعتباره سلطة. العاصفة باعتبارها جندي السلطة المستلب. والجسد باعتباره ضحية "صحراء 93" تعمل على تحرير الجسد من سلطة العقل وتعيد علاقة التوازن المعرفي بين العقل والعاطفة والجسد، الطقوس والسحر والجنس وانفعالات الطفولة... إنها طريق "صحراء 93" لمقارعة الحركة اليومية الاقتصادية التي همّشت الجسد أو أحالته الى خادم لنقل المعلومات.