يبحث الشباب في معظم بقاع الأرض عن المغامرة والمتعة، والترفيه، فإما أن يجدونها جاهزة فيخوضون غمارها، او يبتكرونها ويستعدون لها بالمال والجهد واعمال الفكر واحياناً الحيلة. وفي السعودية تتعدد مغامرات وهوايات الشباب تبعاً لثقافاتهم وتحصيلهم، والأهم تبعاً لميولهم لكن الهوايات البرية في الصحراء والسهل والجبل تظل علامة فارقة يتمسك بها الكثيرون، وتظل الصحراء على اتساعها وسيطرتها على المساحة الأكبر في البلاد، الابرز والاكثر حضوراً قياساً باماكن المغامرة الاخرى مثل البحر او الاودية وخلافها. وينفرد شباب كل مجتمع بخصائص وهوايات واهتمامات خاصة قد تكون مشتركة في مناطق معينة من العالم، كما في دول الخليج العربي التي تتشابه تضاريسها ومجتمعاتها الى حد كبير، يصل الى التشابه في هوايات المتعة واحياناً هوايات "الموت". الصيد بالصقور يعتبر الصيد بالصقور من الهوايات المنتشرة بين جميع الشرائح العمرية في منطقة الخليج، خصوصاً في السعودية والامارات، وهذه الهواية على عراقتها باتت اليوم محصورة في اصحاب المقدرات المالية المرتفعة نظراً لاحتياجها الى مبالغ مالية كبيرة تنفق على شراء الصقور، وتدريبها، وعلى اقتناء سيارات الدفع الرباعي، واقامة المخيمات في الصحراء. ويقول الصقار عيد عبدالعزيز الخمسان الذي التقته "الحياة" في سوق الصقور وسط الرياض "ان سعر الصقر الحر الملائم للصيد وصغير السن الذي يمكن تدريبه لا يقل عن 20 الف ريال وهو يتصاعد وصولاً الى مليون ريال احياناً تبعاً لنوع وامكانات الصقر - الدولار يساوي 3.75 ريال". ويضيف: "ان الاقبال على شراء الصقور بات محصوراً في الاثرياء والنخب من الشباب الذين يعشقون هذه الهواية، خصوصاً مع توافر بدائل اخرى للشباب، وقلة او ندرة الصيد الذي لم يعد متوافراً سوى في مواسم ومناطق معينه منها مواسم هجرة الطيور". واوضح ان الصيد بالصقور يكون غالباً في فصلي الشتاء والربيع لملاءمة طقس الصحراء ووجود طيور الحباري وهي الصيد المفضل لاصحاب هذه الهواية. من جهته يقول الشاب عبدالله احمد الفايز انه مارس هذه الهواية سنوات عدة "قبل ان تأخذني مشاغل الحياة العصرية عنها"، وانه تركها نتيجة عدم توافر الوقت. ويضيف ضاحكاً: "وعدم توافر المال الزائد". ويؤكد انها هواية جميلة تدمج بين هواية الصيد واقامة المخيمات والذهاب بعيداً في عمق الصحراء في رحلات جماعية. ويقول انه درج ومجموعة من اصدقائه على رحلة سنوية في الصحراء خاصة بالصيد الذي يكون معظمه من طريق الصقور او كلاب الصيد "السلوقي" وانهم يتوجهون الى شمال وشرق السعودية واواسط الغرب بحثاً عن اماكن مناسبة باستخدام آلات حديثة لتحديد الاتجاهات والمواقع حتى يضمنوا طرق العودة. اما الشاب عبدالعزيز فهد الغنامي فلا يزال يقتني اثنين من الصقور احدهما من نوع الشاهين كلفه نحو 35 الف ريال، والآخر ليس من النوع الحر حصل عليه هدية من صديق اماراتي. ويقول الغنامي ان رحلة الصيد بالصقور تستغرق بين 2 و7 ايام حسب حجم المجموعة ومدى ارتباطاتهم العملية والاسرية، وان تدريب الصقر الصغير على الصيد يستغرق بين 15 و25 يوماً حتى يصبح ماهراً يمكن الاعتماد عليه وان يألف صاحبه. الصيد بالبنادق وفي الصحراء وفي اطار هواية الصيد التي يستخدم لها عدة وسائل تفضل مجموعات اخرى من الشباب الصيد بالبنادق وهي الهواية التي انتشرت اكثر على حساب الصيد بالصقور. وأدى انتشار هذه الهواية الى اتخاذ وزارة الداخلية السعودية هذا العام قراراً يقضي بفتح باب قبول طلبات المستثمرين من القطاع الخاص لانشاء اندية الرماية والصيد في البلاد. ودعت الوزارة الراغبين الى مراجعة الادارة العامة للاسلحة والذخيرة في الوزارة لتقديم طلباتهم وتسلم ضوابط واحكام هذه الاندية. ويقول السيد احمد الجبر من الرياض ان الصيد ببنادق الصيد الخفيفة مثل "الشوزن" و"أم خمس" و"س أم ثمان" و"أم صتمه" متعة لا تضاهيها متعة. ويضيف ان هذه الهواية غير مكلفة قياساً بهواية الصيد بالصقور، اضافة الى ان حصيلة الصيد فيها اكثر من الصيد بالصقور، فقد يمر على الصقار أيام عدة من دون صيد يذكر ويوضح "انهم يخرجون في مجموعات الى مناطق شمال السعودية مثل عرعر، وحائل، وحفر الباطن، ومنطقة الصمان، بعد ان تغيرت طريق هجرة الطيور وطريق عودتها الى هناك وبعد ان كان لفترة من الزمن متركزاً في المنطقة الوسطى". ويضيف الجبر ان انواع الطيور التي يطاردها الصيادون بالبنادق هي "القميري" و"الدخل" و"الخضاري" و"الصفاري" ومعظمها اسماء محلية لطيور مهاجرة. وتبدأ الطيور الصغيرة مثل الخضاري والدخل في الظهور قبل ان تجيء الطيور الكبيرة مثل القميري. ويشرح الجبر ان افضل وقت لصيد الطيور بالبنادق هو في فصل الصيف وتحديداً "مع وقت التمر" الذي يصادف وقت هجرة او عودة الطيور. ويخرج الصيادون في رحلات برية تستغرق 10 ايام غالباً ويمضون اوقاتهم تحت الاشجار البرية او في بطون الاودية مستخدمين سيارات الدفع الرباعي والمناظير المكبرة، وزادهم اليومي هو حصيلة صيدهم. فروسية "السيارات" في تلال الصحراء التي تحيط بمعظم المدن السعودية ، وبمدن اخرى في وسط وشمال وشرق السعودية، درج الشباب، خصوصاً المراهقين على ممارسة هواية خطرة وشيقة في آن هي هواية ركوب الرمال او ما يعرف في السعودية ب"التطعيس" كناية عن تحدي "الطعوس" وهي جمع "طعس" الكلمة الشعبية التي تطلق على التلال الرملية ذات الانحدار الشديد. ويعتبر الشباب هواية "تحدي الرمال والتلال الصحراوية بسيارات الدفع الرباعي وسيارات البيك اب" هواية جاذبة. ويقول الشاب محمد البصيص ان حبه ل"التطعيس" يعود لعشقه لهواية سباق السيارات التي لا تتوافر ممارستها في السعودية حتى الآن على رغم الاعلان عن انشاء نوادٍ للسيارات. ويجمع هواة ركوب الرمال ومشاهدوها على مجموعة نقاط يجب تنفيذها لتحسين هذه الهواية التي تكون خطرة احياناً على ممارسيها، مثل وجود التنظيم والمراقبة، وفصل الجمهور عن مضمار ممارسة هذه الهواية، وعزل العائلات عن العزاب في هذا المكان، ومنع وردع كل رب عائلة يريد ممارسة التطعيس وعائلته داخل السيارة. وفي الرياض يبحث الكثيرون من الشباب، خصوصاً صغار السن، عن الشهرة وتحقيق الذات وكسر القيود في قيادة السيارات ولعل اتساع الصحراء وفضاءاتها الرحبة تساعد على تحقيق جزء من هذه المغامرات التي بدت وكأنها توارث لمسابقات التنافس بالخيل والصيد واستبدال ذلك بوسائل منافسة عصرية. ووفقاً لممارسي هذه الهواية فإنها تحتاج لتوافر مهارات خاصه بالنسبة لقائد السيارة، كالشجاعة والتحكم والتوازن والدقة وحب المغامرة، وبالنسبة للسيارات لا بد أن تكون قوية وذات اطارات عريضة ويجب خفض ضغوط الهواء في الإطارات حتى لا تتعرض للغوص في أعماق الرمال الصحرواية. وما بين الصقور، والحمائم التي يتم اصطيادها بوسائل عدة، وبين سيارات الدفع الرباعي التي تكاد تكون القاسم المشترك لمعظم الهوايات البرية، يرتبط ابناء السعودية بالصحراء اجمالاً، وان لم يمارسوا مثل هذه الهوايات فانهم يملكون فكرة كاملة عنها، وتظل الصحراء واسعة تستوعب الجميع مهما كانت امكاناتهم، وهي المكان المفضل للنزهة واقامة المخيمات والاعتزال احياناً.