مشاهد "العناق" الحار بين وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال تومي فرانكس، عكست أبعاد الاهتمام الحكومي الأميركي ب"معنويات" الجنود، من خلال اشاعة روح المزاح و"النكتة" التي اطلقها رامسفيلد أكثر من مرة، وهو محاط بعسكريين من الرجال والنساء داخل قاعة كبيرة احتشد فيها ألف عسكري أميركي، يشاركون الآن في التمرين الالكتروني "نظرة من الداخل" لمقابلة الوزير والقائد العسكري. وكان لافتاً التفاعل بين العسكريين ووزير الدفاع عبر التصفيق، لكن الصيحة المتكررة Hooah كانت ذات دلالات وأصداء. سألت ضابطاً من "المارينز" عن معناها، فقال إنها "صرخة حرب"، تشير إلى "انني مستعد لتنفيذ الأوامر والتعليمات". وكان 99 صحافياً يمثلون قنوات فضائية دولية ووكالات أنباء عالمية وصحفاً نقلوا في باصات إلى قاعدة السيلية القطرية، وعقب اجتياز حواجز اسمنتية بعد مدخل القاعدة، شهد الصحافيون لقاء رامسفيلد وفرانكس والجنود على مدى نحو ساعة، ولم تكن فترة انتظار وصولهما مملة، لأن Old School، وهي موسيقى ديسكو أميركية، كانت تملأ الآذان في فترات تعقب اتاحة الفرصة لحناجر الجنود لاطلاق صيحات "التسخين" و"عرض العضلات"، خصوصاً أن العسكريين، وبينهم "النصف الحلو"، شباب يحاول الايحاء بتماسكه المعنوي والنفسي. سألت "الحياة" مجندات أميركيات وعسكريين رجالاً عن توقعاتهم لاحتمالات اندلاع الحرب الأميركية على العراق، فقالت مجندة: "لا نعرف، لا أحب الحرب". لكنها اتفقت مع آخرين على "تأكيد الجهوزية لتنفيذ أي أوامر يصدرها الرئيس جورج بوش". وهذا ما أعلنه أيضاً الجنرال فرانكس. وعلى مدى عشر ساعات أمضتها "الحياة" في القاعدة، كانت الساعات الست التي تلت لقاء رامسفيلد والجنود، محطة انتظار مملة لمؤتمر صحافي عقده الوزير وفرانكس مساء الخميس، وتخلل هذه الفترة شرح مطول قدمه قائد عسكري لطبيعة المناورات الالكترونية، ولحظات نوم داهمت عيون بعض الصحافيين والصحافيات، بتأثير الارهاق. مدير العلاقات العامة العقيد شيبرد ري قال عن سير المناورات: "اتصالاتنا الالكترونية تشمل العالم كله، والمناورات تسير في شكل طيب، ونستخدم فيها تكنولوجيا متقدمة، وستختتم خلال أسبوع". حين اختتم رامسفيلد زيارته القاعدة القطرية، أكد أن نتائج جولته التي شملت اريتريا واثيوبيا وجيبوتي وقطر، كانت "ممتازة"، فهذه الدول أكدت "دعمها الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، والتعاون مع واشنطن". ولكن بدا تكتم رامسفيلد وفرانكس واضحاً ازاء مستقبل التحرك تجاه العراق، ورفض الوزير توجيه رسالة إلى بغداد كما طلب منه أحد الصحافيين، مكتفياً بطرح مؤشرات لقياس مدى تعاون العراق، أبرزها أن لجنة في واشنطن ستحدد موقفها النهائي من تقرير الأسلحة العراقية قريباً، ما ترك حبل التوقعات ممدوداً في كل الاتجاهات في ظل "سرية" تحيط بمخططات الغد.