"انتصر" البرلمان الإصلاحي ورئيسه مهدي كروبي في معركة الافراج عن النائب السجين حسين لقمانيان بعدما تدخل المرشد آية الله علي خامنئي في القضية، فأعلن موافقته على اطلاق سراح النائب لقمانيان المحكوم قضائياً بالسجن عشرة شهور مع النفاذ بسبب مواقف انتقادية حادة كان وجهها إلى القضاء. وجاء هذا التطور النوعي بعدما اعتكف كروبي عن إدارة جلسات البرلمان وغادر القاعة احتجاجاً على استمرار اعتقال النائب لقمانيان، لكنه أكد أنه لن يقدم استقالته، وطلب من المرشد خامنئي التدخل لحل الخلاف الذي وصل إلى طريق مسدود بين البرلمان والقضاء. وكانت صحيفة "انتخاب" كشفت أن كروبي هدد بتقديم استقالته خلال جلسة لرؤساء السلطات الثلاث عقدت قبل ثلاثة أيام، بعدما ضاق ذرعاً بإصرار القضاء على ملاحقة النواب. وجاءت موافقة خامنئي على إطلاق سراح لقمانيان بموجب طلب آخر، تقدم به إليه رئيس السلطة القضائية هاشمي شاهرودي في رسالة اعتبر فيها أن ذلك يخدم الحفاظ على مصالح النظام. ورأى بعض المراقبين أن هذا الطلب جاء كمخرج للقضاء من الاحراج المحتمل أن يلاقيه فيما لو طلب المرشد مباشرة اطلاق سراح النائب الإصلاحي. وطغت قضية لقمانيان على جلسة البرلمان أمس الثلثاء، واتهم كروبي السلطة القضائية بانتهاك حقوق السلطة التشريعية البرلمان، وقال: "إن اعتقال لقمانيان هو اجراء خاطئ وغير قانوني ويتعارض مع الدستور ويعتبر ضربة للبرلمان". وغادر كروبي الجلسة مصحوباً بعاصفة من التأييد من جانب النواب، حيث رافقه مئة نائب إلى خارج قاعة البرلمان، فتعطلت الجلسة لمدة عشرين دقيقة بسبب افتقاد النصاب القانوني، كما أعلن أكثر من مئتي نائب دعمهم لمواقف كروبي ووصفوها بأنها "مواقف واضحة وصريحة وتاريخية في الدفاع عن حرمة البرلمان". وكان الرئيس محمد خاتمي أعلن رفضاً قاطعاً للملاحقات القضائية بحق النواب، ووصفها بأنها تمس بالشعب، مؤكداً تأييده الكامل لموقف البرلمان. وشكلت قضية اعتقال النائب لقمانيان، محطة احتكاك فعلية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من جهة، والسلطة القضائية من جهة ثانية. ولا يبدو أن هذه القضية ستكون خاتمة المطاف في عملية الاحتكاك هذه، وسط التضارب في آراء المحافظين والإصلاحيين حول الحصانة البرلمانية وحدودها، والجهة المكلفة تشخيص هذه الحدود. ووضع المجلس الدستوري محافظ تشخيصاً لحدود تلك الحصانة أمام القضاء، وقال مصدر في المجلس "إن هذه الحصانة تعتبر عديمة الجدوى إذا مارس النائب عملاً فيه توجيه الاهانة للآخرين". وأضاف: "ان القضاء هو المرجع المخوّل تشخيص ذلك في مواقف أي نائب". ورفضت أوساط نيابية هذا الموقف. وقال النائب الإصلاحي إبراهيم أميني إن النظام الداخلي للبرلمان "واضح كل الوضوح بشأن الحصانة النيابية، وإذا ما وقع أي التباس، فإن البرلمان نفسه مكلف بمعالجته وتوضيحه". وشهد البرلمان الحالي، الذي يسيطر عليه الإصلاحيون، أكبر عدد من طلبات الاستدعاء للمثول أمام القضاء، حيث وصل عدد الذين تم استدعاؤهم إلى أكثر من ستين نائباً، وهو رقم قياسي لا سابق له في إيران، حسب مصادر الإصلاحيين.