أثار تشغيل شركة الطيران الأميركية العملاقة "دلتا" خطاً جوياً جديداً إلى القاهرة مخاوف لدى خبراء الطيران في مصر من تأثير هذا الخط على نصيب الشركة الوطنية "مصر للطيران"، بينما اعتبر رأي آخر أن دخول شركة "دلتا" الى سوق النقل الجوي سيؤثر ايجاباً على السوق المصرية ويزيد عدد الركاب فيها من خلال جذب زبائن جدد وبالتالي يستفيد الجميع، بما فيها الشركات العاملة على الخط الجوي. من مطار جون كيندي في نيويورك الى القاهرة بدأت "دلتا" تسيير رحلاتها المباشرة من دون توقف بمعدل ثلاث رحلات في الاسبوع قابلة للزيادة في المرحلة اللاحقة. وسبق ل"دلتا" أن بدأت تسيير رحلات مباشرة مماثلة من منطقة الخليج، في خطوة تعكس على ما يبدو استراتيجية مدروسة لتدعيم وضع الناقلة الأميركية العملاقة في السوق الاقليمية، واستباق النمو المتوقع في قطاع الرحلات الجوية المباشرة بين العالم العربي والولاياتالمتحدة، والتي ستصبح متاحة بكثرة في السنوات المقبلة بعد توسع الناقلات الجوية العربية في إدخال طائرات بعيدة المدى قادرة على التحليق مباشرة من أميركا الشمالية إلى أساطيلها. إلا أن هذه الخطوة التي تغير قواعد المنافسة في السوق المصرية تحظى بردود فعل متباينة بين ردود لا ترحب بدخول الناقلة الأميركية إلى حلبة المنافسة. ومن ذلك تصريح مصدر مسؤول في "الهيئة القابضة للطيران المدني" اعتبر أن حصول شركة "دلتا" على حقوق النقل الجوي في السوق المصرية يعد تفريطاً في حق الشركة الوطنية "مصر للطيران" والاقتصاد المصري، لأنها شركة اميركية وكل العائد والمكاسب التي تحققها هي لصالح الاقتصاد الاميركي، وليس المصري. وهذا الرأي يجد تأييداً ايضاً من مجموعة اخرى من الخبراء في مجال الطيران، ممن تساءلوا عن الكيفية التي سمحت بموجبها السلطات بأن تعمل شركتان اميركيتان، وفي آن معاً، على الخطوط بين مصر والولاياتالمتحدة وهما شركتا "تي. دبليو. ايه" وشركة "دلتا"، بينما تعمل ناقلة مصرية واحدة فقط هي "مصر للطيران" على هذه الخطوط. واعتبر هؤلاء الخبراء أنه الأجدر عدم السماح بدخول الشركة الاميركية إلى السوق المصرية بأي حال من الأحوال، لأن دخولها يُشكّل أضراراً واضحة بمصالح مؤسسة "مصر للطيران" التنافسي، اضافة الى أن ذلك يعد استنزافاً للاقتصاد المصري واقتطاع جزء من السوق يعود إلى "مصر للطيران"، ولفتوا الى أن دخول شركة "دلتا" لن يضيف جديداً لأن الناقلة الوطنية المصرية تقوم بالعمل جيداً على هذا الخط، وليست هناك أي صعوبات في تشغيل الخط الجوي بين مصر والولاياتالمتحدة. ووصف خبير اقتصادات النقل الجوي الدكتور محسن حسن النجار الآراء السابقة بأنها "منغلقة قد عفا عليها الزمن"، مشيراَ إلى أنه "لو سايرناها لأغلق الاقتصاد المصري ابوابه". وقال النجار ل"الحياة" إن الدراسات العلمية والبحوث الاحصائية أثبتت أن دخول ناقل جوي جديد الى السوق يؤثر ايجاباً على حجم السوق، فيزيد عدد الركاب فيها ويجذب زبائن جدداً، وبالتالي يستفيد الجميع، كما يزداد حجم البضائع المنقولة ايضاً. واضاف ان مدينة "اطلنطا"، القاعدة الرئيسية لعمليات شركة "دلتا"، وهي عاصمة ولاية جورجيا، تمثل اكثر المدن في الولاياتالمتحدة رواجاً ونمواً اقتصادياً وبالتالي فإن فتح هذا الخط الجوي سيشجع مزيداً من رجال الاعمال والمستثمرين هناك على السفر إلى مصر وإتاحة مزيد من فرص الاستثمار، اضافة الى قدرة شركة "دلتا" على الرعاية والانفاق والتسويق، الأمر الذي سيعود بالنفع ويجذب مزيداً من الحركة السياحية ويعمل على تنميتها، وكذلك تشغيل اكبر عدد ممكن من الايدي العاملة المصرية وتدريبها، اضافة الى زيادة ايرادات المطارات المصرية. واشار النجار الى أن دخول شركة "دلتا" سيدفع الشركات الكبرى الأخرى العاملة في السوق المصرية، مثل "لوفتهانزا" و"اليطاليا" و"البريطانية" و"السويسرية" وغيرهم الى بذل مزيد من الدعاية والتسويق لأجل الدخول في المنافسة مع هذا القادم الجديد الذي يتربع على عرش شركات الطيران العاملة على صعيد السمعة وحجم الركاب. وذكر أن ايرادات شركة "دلتا" العام الماضي بلغت 17 بليون دولار في حين وصل عدد ركابها الى 120 مليون راكب، واعتبر أن خط القاهرة لا يمثل ل"دلتا" أي تأثير على حجم تشغيلها. وأضاف: "لو افترضنا ان كل سائح اضافي او زائر أنفق في مصر ألف دولار أو الفي دولار فكم الفائدة التي تجلبها دلتا الى مصر؟ كما ان الذي لا يعلمه البعض ان تشغيل الخطوط الطويلة بالنسبة إلى شركات صغيرة الحجم مثل "مصر للطيران" هو تشغيل خاسر". وأوضح أن "مصر للطيران" خسرت "ما يقرب من 200 مليون جنيه مصري جراء تشغيلها خط القاهرة - نيويورك - لوس انجليس في مدى سنوات قليلة". ودعا إلى "النظر للأمر بايجابية للمزايا التي ستحققها هذه الشركة لمصر". ولفت الى أن اختيار "دلتا" لمصر كأول دولة عربية في الشرق الأوسط لتشغيل خطها الجوي يؤكد أن مصر مستقرة آمنة جاذبة للحركة وللسياحة وللاستثمار ورائجة اقتصادياً وصالحة فنياً وتكنولوجياً، اضافة الى فتح قنوات اتصال مباشرة يستفيد منها الجميع، وفي مقدمهم مرفق النقل الجوي المصري والناقلة الوطنية من دون ادنى شك.