اذا سارت الامور بحسب مشيئة مدرب فريق مانشستر يونايتد الانكليزي لكرة القدم، السير الاسكتلندي اليكس فيرغوسون، والتي تجسدت غالباً على ارض الواقع في الاعوام السابقة، فان موسمه الاخير في قيادة "الشياطين الحمر" سيشهد انجاز حمله كأس مسابقة دوري ابطال اوروبا في الموسم المقبل، والتي ستجرى المباراة النهائية فيها بحسب الموعد التقليدي في ايار مايو 2002 على ملعب هامبدن بارك في مدينة غلاسغو، اي في مسقط رأسه. وفي هذا الاطار، لا يخفي فيرغوسون رغبته الجامحة في موسمه ال15 على رأس فريق مانشستر، في استعادة فريقه مجد اعتلاء قمة المسابقة الاهم في اوروبا، على غرار ما حصل عام 1999، حين فجّر مفاجأة التغلب على بايرن ميونيخ الالماني في غضون دقيقة ونصف الدقيقة من الوقت بدل الضائع، بعدما كان تخلف بهدف طوال الوقت الاصلي، علماً ان هذا الفوز حمل توقيع فيرغوسون المباشر بعدما اتخذ اجراء اشراك الاحتياطيين النروجي اولي غونار سولسكاير وتيدي شيرنغهام، واللذين سجلا هدفي الفوز الغاليين. اما استمرار مانشستر في تكريس سيطرته المطلقة على منافسات الدوري المحلي، والذي احرز لقبه سبع مرات في الاعوام التسعة الاخيرة، فيعتبر امراً شكلياً بالنسبة الى فيرغوسون، الذي كان نال الثناء الكامل على دوره البارز في تغيير معادلة سلفه قبل تشرين الثاني نوفمبر 1986 رون اتكنسون في حصر تفوق الفريق في مسابقات الكؤوس فقط، بخلاف الدوري، والذي كان احرز لقبه للمرة الاخيرة قبل هذا العام في موسم 1966-1967. والاكيد ان هذا التكريس لم يحصل بسرعة اذ سبقته اعوام عدة من المعاناة، وتحديداً حتى عام 1990، حين هزم مانشستر فريق كريستال بالاس في نهائي كأس رابطة الاندية الانكليزية المحترفة، ما اطلق حقبة الانتصارات المتعاقبة غير المحدودة عبر مجموعة من النجوم المحليين والاجانب، الذين دمغوا الكرة الانكليزية عموماً بطابع تألقهم الخاص، ثم عبر اسلافهم الذين لم يقلوا شأناً عنهم، والذي جسّدوا ميزة غنى القاعدة بالمواهب الواعدة. وتجسد التكريس الاول في الدوري في موسم 1992- 1993، وتوالى ست مرات اخرى، آخرها في الموسم الماضي. وهو ترافق مع ثلاثة ألقاب في كأس رابطة الاندية الانكليزية المحترفة، وكأس دوري ابطال اوروبا. المعيار الكبير ومهما كانت هوية خليفة فيرغوسون، فانه سيواجه عقبة استحالة السير على خطاه في تحقيق النجاحات الكثيرة والمتعاقبة، الا انه سيحظى بالتأكيد بأفضلية الحصول على الوقت الكافي لاظهار لمساته.. وبالعودة الى صورة مانشستر بقيادة فيرغوسون على باب انطلاق منافسات الموسم الحالي، والمقرر بدءاً من السبت المقبل، فانها تعكس انطباع الجهوزية الافضل، وتكامل القدرات الفردية والجماعية على السواء، وارتفاع الروح المعنوية للاعبين التي اقترنت ايضاً بالشعبية العالمية الكبيرة، والتي ظهرت جلياً خلال جولة الفريق الاخيرة في قارة آسيا. ويصح القول في هذا الاطار ان مانشستر بات يمثل احد الفرق الاكثر رعباً حالياً في اوروبا، بعدما تعززت قوته الضاربة بانضمام المهاجم الهولندي رود فان نيلستروي ولاعب خط الوسط المدافع الارجنتيني خوان سيباستيان فيرون الى صفوفه، علماً انهما شكلا اللاعبين صاحبي العروض المالية الاكبر حجماً في العالم، في حين حتّمت ميزانيته الأعلى في العالم ابقاءه على الركائز الرئيسية لتفوقه، وأهمها القائد الايرلندي روي كين والويلزي رايان غيغز وبول سكولز والمدافع الهولندي ياب ستام، الذين جددوا عقودهم لفترة طويلة. وحتى فيرغوسون نفسه وجد الصيغة المناسبة لمواصلة مسيرته مع النادي خارج اطار العمل بصفة مدرب بعد اعتزاله، عبر الاضطلاع بدور مستشار رياضي دائم، ما قطع الطريق كلياً على الاندية الاخرى لتقديم عروض الحصول على خدماته. وأوضح فيرغوسون بأن هذا الارتباط سيلغي تساؤلات عدة لدى الصحافيين حول وجهته المقبلة بعد توقفه عن مهمة التدريب، وشعوره بعد كل مباراة يخوضها الفريق، والتي ستجسّد العدّ العكسي لاعتزاله. وقال: "لدي امور عدة كثيرة يجب ان اركّز عليها هذا الموسم، ما يعد بمشاغل كثيرة بالنسبة لي من اجل تحقيق الاهداف المنشودة". ولا شك ان احدى هذه المشاغل ستكون تحديد رأيه في موضوع تسمية خليفته والذي يرجّح ان يكون معاونه السابق، ومدرب فريق ليدز الحالي دافيد اولاري، بحسب ما اعترف به فيرغوسون نفسه. ويبقى الاهم ان يوجد خليفة فيرغوسون ميزة الحلم التي تحلى بها الاخير، والتي جعلته ينضم الى مدرب الفريق الاسطوري السابق مات بازبي في كتابة امجاد الانجازات الاكبر ل"الشياطين".