"عبد الروتين" إحدى الشخصيات الكاريكاتورية التي ينتقد من خلالها الثنائي المصري الساخر الرسام مصطفى حسين والكاتب أحمد رجب مشكلة طول الإجراءات وتعقدها في المصالح الحكومية لاستخراج أية أوراق رسمية. وهي ظلت على مدى سنوات مشكلة تؤرق المصريين الذين تخضع مصالحهم لرحمة الموظف الحكومي وحاله النفسية، بدءاً من إجراءات استخراج البطاقات الشخصية وجوازات السفر مروراً بالتسجيل في الشهر العقاري وتركيب خط الهاتف المنزلي إلى الحصول على "المعاش". وعرضت الدراما التلفزيونية غير مرة مشكلة الروتين والبيروقراطية، وكان أبرزها فيلم "المراكبي" الذي ظل فيه البطل صلاح السعدني يكابد العناء مع الموظف البيروقراطي ممدوح وافي من أجل استخراج بطاقة شخصية لأنه ساقط كيك عفواً ساقط قيد، وكان يريدها ليدخل ابنه المدرسة، وبعد أن يلف البطل كعب داير ويحاول ارضاء الموظف ب2 كيلو سمك، يصيبه اليأس في النهاية ويقرر عدم استخراجها. وتظهر المشكلة بصورة أكثر دراماتيكية في قصة موظف المعاش الذي يضطر إلى التعامل مع نحو 12 جهة واتخاذ نحو 80 إجراءً للحصول على المعاش، ويتابع الورثة المسيرة بعد وفاته. بادرة أمل طال انتظارها قد نقرأ بعدها اختفاء عبد الروتين في ظروف غامضة، ظهرت بعدما تعاونت وزارة التنمية الإدارية مع مركز المعلومات واتخاذ القرار في مجلس الوزراء على إنشاء موقع على شبكة الانترنت يحوي نحو 300 خدمة من الخدمات الجماهيرية للتيسير على المواطنين ورجال الأعمال والمستثمرين على العنوان الآتي: WWW.ALHOKOMA.GOV.EG وإن كانت هذه الخدمة تتعلق بفئة خاصة هي التي تمتلك أجهزة الكومبيوتر فإن الأهم هو خدمة الخط 131 الذي يتيح التعرف إلى البيانات المتاحة على الشبكة ويخدم الغالبية العظمى من المواطنين ويقلل عدد مرات التردد على الجهات الحكومية. المرحلة الاولى رئيس مركز المعلومات واتخاذ القرار في مجلس الوزراء الدكتور رأفت رضوان يقول: "بدأنا في تنفيذ المرحلة الأولى في خدمة الرد الهاتفي الذي يتعرف من خلالها الى الخدمات المقدمة والجهة المؤدية للخدمة وعنوانها والمستندات والرسوم المطلوبة، وقد روعي بث الخدمات المرتبطة في شكل مباشر باحتياجات المواطن العادي مثل استخراج شهادات الميلاد وساقطي القيد، وشهادات الوفاة، وإصلاح أعطال الهاتف ونقله ومنح القروض لمشاريع الشباب والالتحاق بالمدارس، وصرف المعاشات، واستخراج دفتر توفير البريد وتراخيص البناء وإدخال الغاز الطبيعي". ويضيف: "المرحلة الثانية التي سيتم انجازها في المستقبل نود أن يتم فيها إلغاء انتقال المواطن الى الجهة الحكومية، إذ يتمكن من الحصول على الخدمة من الشبكة مباشرة بمعنى إمكان استخراج الشهادات المطلوبة على النماذج المخصصة لذلك على شبكة الانترنت وارسالها إلى الجهة المختصة التي تقوم بإصدار الشهادة المطلوبة أما الدفع فيتم الكترونياً". كما وضع الإطار الفني لتقديم الخدمات الحكومية من خلال اكشاك خاصة تنتشر في التجمعات السكانية يعمل فيها آلاف من الشباب الخريجين لأداء الخدمة العامة. في السياق ذاته هناك حركة نشطة في مجال إنشاء مراكز المعلومات لتصل إلى 1500 وحدة معلومات في كل الهيئات و1400 مركز في المحافظات، و100 مركز في الوزارات. وهناك 500 مقر حكومي على الانترنت بين مقر تقليدي يحتوي على معلومات عامة، ومقار متميزة بالحركة المتغيرة مثل موقع وزارتي السياحة والخارجية. كما أن الحكومة تدرس سداد رواتب ثلاثة ملايين موظف في الجهاز الإداري للدولة من مختلف الفئات والدرجات من خلال استخدام بطاقات الدفع الحديثة. وهناك تعاون بين وزارات المال والاتصالات والاقتصاد لتحقيق ذلك الهدف. أما العنصر البشري بوصفه العامل الأساس في تنفيذ حلم الحكومة الالكترونية، فهناك خطة لتأهيله تشتمل على نشر استخدام الكومبيوتر في الريف والمناطق المحرومة وبالاعتماد على جهود شباب مصر والجمعيات الأهلية المهتمة بالتنمية. وهذا ما طُبق في ما يسمى "مشاريع كتاتيب الانترنت" التي بدأ تنفيذها بالفعل في قرى مصرية في الاسماعيلية والقليوبية. ويشير رضوان إلى أن المركز يدرس التجربة السنغافورية وهي نموذج رائد في مجال الحكومة الالكترونية للإفادة منها في تنفيذ المشروع الطموح ومحاولة سد الفجوة الرقمية الهائلة بين مصر والعالم والتي تؤكدها الاحصاءات، إذ ان كثافة استخدام الكومبيوتر هي 111 جهازاً فقط لكل ألف من السكان، بينما لا يستخدم سوى واحد في المئة فقط الانترنت. ترى كيف سيتعامل المواطنون المصريون مع هذا الموقع الالكتروني؟ وهل ستجد مشاكلهم اليومية طريقها الى الحل؟ لعل هذه المشكلة لا تعانيها مصر فقط بل بعض الدول العربية ايضاً الذي ما زالت مؤسساتها العامة تخضع لمزاجية الموظفين الذين لم يتخلصوا حتى الآن من الروتين اليومي.