انجزت الحكومة المصرية خطة عاجلة لاعادة هيكلة صناعة الغزل والنسيج بعد انخفاض حاد في انتاج المنتجات القطنية من 2.7 مليون قنطار الى اربعة ملايين قنطار خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يعني ان مصر قد تفقد مركزها التنافسي في الصناعة. تجري الحكومة المصرية حالياً دراسة للتطوير سيعلن عنها مطلع الشهر المقبل توضح حجم الاسواق الدولية وحاجتها، وامكان الاستفادة من التجارب الاوروبية والفرنسية والمغربية في إعادة هيكلة هذه الصناعة وخطط تطويرها خصوصاً أن مصر تقوم حالياً ببرنامج ضخم لتحديث الصناعة عموماً كلفته 500 مليون دولار. وحذر وزير قطاع الاعمال العام الدكتور مختار خطاب في تصريح الى "الحياة" من فقدان المزايا النسبية للصناعات النسيجية ودخولها في دائرة الصناعات المهاجرة. وطالب بوضع استراتيجية موحدة لتحديث هذا القطاع والوقوف على المشاكل التي يتعرض لها والمقومات التي يمكن احياؤها. وحض المعنيين بالصناعة على وضع خطة طويلة الامد للسنوات الثلاثين المقبلة لتوطين هذه الصناعة واجتذاب الاستثمارات الطويلة الاجل مع وضع برامج تفصيلية للسنوات العشر المقبلة، مشيراً في الوقت ذاته الى ضرورة مراجعة تشخيص مشاكل الصناعة من جانب مؤسسات قطاع الاعمال والقطاع الخاص. ولخص خطاب مشاكل قطاع النسيج في قصور الانشطة التسويقية وانخفاض القدرة التنافسية للمنتج المصري مع تخلف الآلات والمعدات المستخدمة في المصانع ومحدودية التمويل المتاح وارتفاع اعداد العمالة. وطالب بحلول عاجلة في ضوء الظروف التي تمر بها الصناعات النسيجية وتشكيل ورشة عمل لتحديد المشاكل القائمة والتدابير اللازمة للاصلاح وحجم التمويل المطلوب لذلك. ومن جهته أعلن وزير الصناعة والتنمية التكنولوجية مصطفى الرفاعي عن مفاوضات بين الوزارة ومؤسسات عالمية لربط شبكة "ايجيتكس" التي تضم خمسة الاف منشأة نسيجية في مصر بشبكة عالمية تضم 150 الف منشأة تعمل في المجال نفسه لاتاحة الفرصة أمام المؤسسات المصرية لعرض منتجاتها على الشركات العالمية وزيادة فرص تصديرها الى الاسواق الخارجية، مشيراً الى تحمل الوزارة كلفة هذا الربط. وقال إن الوزارة تعاقدت كذلك مع احد اشهر بيوتات الموضة الايطالية لارسال متدربين مصريين لدرس احدث الاساليب والموضات العالمية في تصميم الزي المدرسي تمهيداً لصنعه وبيعه في مصر خلال السنة الدراسية المقبلة وفقاً لدراسة اعدتها الهيئة العامة للتصنيع ووزارة التربية والتعليم تضمنت حصراً كاملاً للمدارس في مصر. واعتبر ان مثل هذا الاجراء سيسهم في الارتقاء بصناعة النسيج إذ ينعكس الطلب المتزايد على الزي المدرسي في صورة انتعاش لمواد خام اخرى يتم تصنيعها وايد عاملة يتم تشغيلها الامر الذي يؤثر ايجاباً على قطاعات اقتصادية عدة. وأوضح الرفاعي ان القطاع الخاص يتحمل الدور الاكبر للنهوض بصناعة الغزل والنسيج، مشددا على حرص الدولة على تحديث تلك الصناعة ودعم تنافسيتها في اقصر فترة ممكنة وهو ما لن يتم من دون تكاتف الجهود لتحقيق هذا الهدف من خلال استراتيجية عامة والتزام كامل بتنفيذ متطلبات التحديث. ولفت إلى ضرورة الاهتمام بشركة مصر للغزل والنسيج في المحلة الكبرى التابعة لقطاع الاعمال العام كونها صرحاً كبيراً لصناعة النسيج. ودعا الوزارات المعنية بالتنمية الاقتصادية الى تكثيف جهودها لوضع استراتيجية موحدة للتنمية الصناعية تتسق وتنوع قدرات المنتجين وامكاناتهم، مؤكداً اهتمام الحكومة بالقطاع الصناعي بفئاته الثلاث العام والخاص وقطاع الاعمال. واشار الى وجود محاور عدة راعتها الوزارة عند وضعها برنامج تحديث الصناعة أولها تأسيس مركز معرفي عن الصناعات التكنولوجية لمدها بما تحتاجه من معلومات وربطها بالمراكز المعلوماتية العالمية والتعاقد مع عدد من الشركات العالمية المعروفة في اوروبا واميركا للمشاركة في مسيرة التحديث. ويتمثل المحور الثاني في الاتصال الدائم مع الغرف التجارية والصناعية لتحقيق التنسيق الكامل مع القطاع الخاص واستنفار القوى الوطنية لتحقيق الاهداف المرجوة. فيما يتمثل المحور الثالث في ربط مجتمع الصناعة النسيجية في مصر بالمؤسسات العالمية من خلال تكنولوجيا المعلومات والانترنت وهو ما يتم تنفيذه من خلال شبكة "ايجيتكس". من جهته اعرب تيري هانسي المدير العام لمنظمة المنسوجات العالمية الذي يزور القاهرة عن امله في الارتقاء بالصناعة النسيجية في مصر لتتسق مع السمعة العالمية التي يحظى بها القطن المصري في الاسواق الدولية. وقال إن صناعة النسيج تحولت الى صناعة عالمية تتزايد اهميتها في ظل الزيادات المستمرة في اعداد السكان، مشيراً الى اهمية ارساء قواعد تنمية صناعية مستدامة في قطاع النسيج من خلال الوجود في الاسواق العالمية وتدريب الكوادر والوقوف على آخر التطورات في هذا المجال. واضاف ان المنظمة توفر لاعضائها ما يحتاجونه من خبرات وبرامج تدريب، مشيراً إلى مبادرة مشتركة بين مصر ومنظمة المنسوجات العالمية اتفق عليها السنة الجارية وتقضي بمساعدة المنظمة المنتجين المصريين على دخول الاسواق الخارجية والمشاركة في المؤتمرات والمعارض الدولية.